ظلت بريطانيا خلال الفترة الماضية هي صاحبة النفوذ الأول في اليمن، فقد احتلت جنوب اليمن عام 1839م وخرجت بجنودها عام 1967م ولكن بقي نفوذها عبر عملائها في الشمال والجنوب الذين ربطتهم بها ربطاً محكما، وكعادتها لم تكتف بالعملاء من الحكام بل توغلت في الوسط الاقتصادي وفي وسط الأحزاب ومشايخ القبائل وظلت تواجهه أمريكا منذ 1962م إلى 2011م ثورات الربيع العربي الذي استطاعت أمريكا النفوذ عبر عملائها الحوثيين لتضرب عملاءها المتمثلين بحزب المؤتمر بقيادة الماكر الهالك علي صالح وأحزاب اللقاء المشترك والذين كان أغلبهم في حضن الإنجليز، أما اليوم وبعد سيطرة قوات الحوثي على معظم شمال اليمن وصار يهدد آخر وأهم معقل لعملاء الإنجليز في شمال اليمن محافظة مأرب النفطية، رمى السفير البريطاني الجديد بتصريحات جديرة بالوقوف عليها كوننا شباب حزب التحرير نسعى ونجد لأخذ المبادرة من الدول المتصارعة والحكام الخونة لنعيد سيرة الخلفاء الراشدين (فقد طرح السفير البريطاني الجديد لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، في لقاء له مع صحيفة الشرق الأوسط أن ثمة فجوة حدثت بين مضمون القرار 2216، الذي أصدره مجلس الأمن عام 2015، والوضع على الأرض الذي يتغيّر يومياً)، أدرك الإنجليز استحالة تنفيذ القرار 2216 بعد تمدد الحوثيين، حيث طالبهم القرار الصادر في 14/4/2021م سحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها في وقت سابق، بما في ذلك العاصمة صنعاء، وغيرها من البنود التي لم ينفذ منها الحوثيون شيئا يذكر، وبالتالي فبريطانيا تريد عمل قرار جديد يوقف الحوثيين ويرضي أمريكا لكي تحافظ على ما تبقى لها من مناطق وتعود لتناوشهم من تحت الطاولة عبر عملائها. جاء في القرار 2216 في بند العقوبات ما نصه "كما يوسع القرار الجديد قائمة العقوبات الدولية الخاصة باليمن والتي فُرضت تنفيذا للقرار 2140 الصادر في شباط/فبراير عام 2014، إذ تم إدراج عبد الملك الحوثي زعيم حركة "أنصار الله" وأحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على القائمة السوداء باعتبارهما متورطين في أعمال تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، وتتمثل العقوبات في تجميد أرصدتهم وحرمانهم من السفر إلى للخارج". وبالتالي بإبطال قرار 2216 وصياغة قرار جديد تسعى لرفع أحمد علي عبد الله صالح الذي لا تزال له شعبية في شمال اليمن فيمكنها استخدامه كورقة رابحة في شمال اليمن.
وأيضاً تناول حديث سفير العجوز الماكرة حول عملائهم في الجنوب المجلس الانتقالي فقال "عليهم دعم الحكومة أولاً التي هم جزء منها"، وأكد، قائلاً في المستقبل "لن تكون أي فرصة لأهدافهم السياسية إذا لم يتعاونوا مع الحكومة الآن، وأن يكونوا فريقا واحدا لتوفير الخدمات الأساسية ودفع الرواتب". وضرب السفير مثلاً بقوله "لدينا في بريطانيا حركات سياسية في اسكتلندا تريد الانفصال، ولكن لديهم مسؤولية لتوفير الخدمات للشعب، وهذا أولوية لهم". وقدر أن يحدث الأمر نفسه في اليمن، بقوله "أولاً يجب أن تكون هناك دولة وحكومة، ثم يمكن أن يكون هناك حديث عن مستقبل البلد، وأن يسمح لليمنيين أن يقرروا مستقبلهم بأنفسهم"، مؤكدا أن هذا ليس الوقت المناسب لدفع هذه الأجندة، ولا توجد أي إمكانية لتحقيق ذلك في حال عدم وجود حكومة. وهنا بريطانيا عبر سفيرها لأول مرة تلمح بموضوع الانفصال، وهو يريد أن يوصل أن المجلس الانتقالي غير جاهز بعد فعليهم أن يعدوا أنفسهم من حيث الموارد وضبط الأمن والقيام بدورهم كحكومة ومن ثم يأتي الحديث عن الانفصال.
أما حديثه حول اتفاق الرياض فقال "إن تنفيذ اتفاق الرياض يبقى نقطة مهمة جداً، مبينا أن التدهور الأمني، الذي شهده الجنوب، يؤثر على الاقتصاد". وأضاف: "نشجع الأطراف على الاستمرار في التعامل الإيجابي وتنفيذ الاتفاق، لأنه الفرصة الأفضل لإعادة الاستقرار والأمن في جنوب اليمن". وهو في هذا يساير أمريكا التي فرضت الاتفاق في تشرين الثاني/نوفمبر 2019م بواسطة أمراء آل سعود، وبريطانيا وعملاؤها هم المعرقلون لتنفيذ هذا الاتفاق لأنه لا يخدمهم بل يخدم أمريكا لأن الاتفاق سوف يذيب المجلس الانتقالي الذي صنعته بريطانيا كبديل لهادي وشرعيته المزعومة بعدما أصبح هادي كالأسير عند حكام آل سعود.
كما أوضح السفير أن اليمن يبقى أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث إن 88 في المائة من السكان يحتاجون للمساعدة، مشيرا إلى أن بلاده لعبت دورا رئيسيا في الاستجابة لهذه الأزمة، وفنّد ذلك بقوله: "التزمنا بأكثر من مليار جنيه إسترليني منذ بداية الحرب، وهذا العام سوف نوفر 87 مليون جنيه"، محذرا من أنه مع استمرار الأزمة سوف تزيد الحاجة للمساعدات فيما يقل الدعم. وقال: (هنالك فجوة، لأن هناك أزمات أخرى حول العالم، ونقول في بريطانيا "لا ينمو المال على الأشجار")، ولكن كل هذا العويل البريطاني ليس لسواد عيون أهل اليمن بل هو للمحافظة على نفوذهم، حيث لم ينجح الإنجليز في وقف التمدد الحوثي لأنهم الطرف الأضعف مقابل أمريكا الداعمة للحوثيين والتي استطاعت إيقاف تقدم عملاء الإنجليز بلمح البصر وفرض اتفاق السويد عليهم عندما كانوا في مشارف ميناء الحديدة بعد أن سيطروا على بعض المديريات فيها.
فبريطانيا تريد القيام بعمل جدي لوقف التمدد الحوثي؛ ففي الأسابيع الماضية دعا مجموعة من أعضاء مجلس النواب التابعين لسلطة هادي لنقض اتفاق السويد كون أهم جبهة يمكن توقف تمدد الحوثي في مأرب هي فتح جبهة الساحل الغربي بما فيها مدينة الحديدة بموانئها التي تمثل شريان الحياة للحوثيين، وأيضا جرت لقاءات عدة بين عملاء الإنجليز لغرض توحيد الصف بين قادة محور تعز وسط اليمن الذين أغلبهم ينتمون لحزب الإصلاح الإخواني، مع طارق صالح قائد ما يسمى الحرس الجمهوري في الساحل الغربي والمدعوم من الإمارات ولديه قوة عسكرية لا يستهان بها، والغرض من هذا الاتفاق هو ربط مدينة تعز مع الساحل الغربي كجبهة واحدة لضرب الحوثيين من الوسط والغرب.
إن أهل اليمن لن يهنأوا بالعيش وسط هذا الصراع العنيف والعملاء الذين يمهدون للغرب الطريق، بل عليهم أن يحرروا بلادهم من العملاء أذناب الغرب الكافر المستعمر، ويعملوا مع إخوانهم في حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة التي تحميهم وتطبق الإسلام وتنشره رسالة هدى ونور للبشرية جمعاء.
رأيك في الموضوع