عادت عدن مجدداً لتكون مسرحا للصراع بين الغرب الكافر؛ بريطانيا عن طريق الإمارات ومجلسها الانتقالي، وأمريكا بواسطة السعودية وما تملكه من عملاء وأدوات ضغط على هادي وحكومته الذي هو بمثابة أسير لديها.
حيث أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي (حالة الطوارئ العامة في العاصمة عدن وعموم محافظات الجنوب، وتكليف القوات العسكرية والأمنية الجنوبية بالتنفيذ اعتباراً من يومنا هذا السبت 25/4/2020م الموافق 2 رمضان 1441هـ) وقال في بيانه (يعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية للجنوب اعتباراً من منتصف ليل السبت 25 نيسان/أبريل 2020م وتباشر لجنة الإدارة الذاتية أداء عملها وفقاً للمهام المحددة لها من قبل رئاسة المجلس).
وقد أتى هذا الإعلان بهذا التوقيت مناسباً لهم من حيث الوضع الدولي حيث استغلت الإمارات انشغال أمريكا والسعودية بوباء كورونا وأزمة النفط.
ويظهر جلياً من خلال هذا الإعلان أن بريطانيا قد دفعت الإمارات ومجلسها للقيام بهذه الخطوة للحفاظ على نفوذها في جنوب اليمن بعدما فقدت شمال اليمن وكانت من قبل هي المتحكمة بالشمال والجنوب عن طريق جيش من العملاء الذين باعوا دينهم وأهلهم في خدمة الإنجليز، ففي شمال اليمن يوجد الحوثي المدعوم من إيران ظاهرياً ومن السعودية من خلف ستار، وقد بدأ هذا الستار يُسدل رويداً رويداً من خلال تصريحات سفير السعودية لدى اليمن آل جابر ومن قبله وزير الخارجية السابق عادل الجبير (قال الجبير في تغريدة له على موقع "تويتر" الخميس 12 أيار/مايو 2016م: "سواء اختلفنا أو اتفقنا مع الحوثيين، فإنهم يظلون جزءا من النسيج الاجتماعي لليمن") روسيا اليوم، وقال في تصريح آخر (كل اليمنيين بمن فيهم الحوثيون لهم دور في مستقبل اليمن) 6/12/2019 CNN العربية، وكل من إيران والسعودية وراءهم أمريكا، وقد أكد مهدي محمد المشاط رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين في صنعاء المسيطر على شمال اليمن الحوار المباشر مع السعودية حيث قال في حوار صحفي مع صحيفة الثورة الرسمية بتاريخ 25/4/2020م (إن التواصل مع السعودية مستمر لكنه يتعرض للمد والجزر ولم يتجسد على أرض الواقع)، حيث لم يتبق للإنجليز في اليمن سوى جنوبه مع وجود مزاحمة من عملاء أمريكا عن طريق السعودية والمجلس الأعلى للحراك الثوري بقيادة حسن باعوم.
إن الغرض من هذا الإعلان هو:
أولاً: إفشال اتفاق الرياض الذي وُقع بتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وإلى الآن لم يطبق عملياً بسبب معارضة عملاء الإنجليز كونه يخدم أمريكا وعملاءها، وبالتالي فإن إفشال اتفاق الرياض يضمن بقاء عملاء الإنجليز مسيطرين عن طريق المجلس الانتقالي الذي صنعته الإمارات بأمر من بريطانيا بعدما شعرت بأن هادي وحكومته أسرى لدى السعودية.
ثانياً: إفشال أو على الأقل إرباك وتشويش أي اتفاق بين عملاء أمريكا؛ السعودية والحوثيين، والذي يطبخ هذه الأيام في الخفاء.
ثالثاً: دخول المجلس الانتقالي كطرف أساسي في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة بعدما جعل اتفاق الرياض المجلس الانتقالي وما يسمى بالشرعية طرفا واحدا مقابل الحوثيين، وبالتالي يكون نصيب الحوثيين النصف، بل يريد المجلس الانتقالي أن يكون طرفا ثالثا، وبالتالي يزيد من حصة بريطانيا في التسوية. وهذا ما أكده بيان المجلس الانتقالي الصادر في 1/5/2020 (ما زلنا نسعى للعمل من أجل حل سياسي عادل ومستدام لقضية شعب الجنوب، يتحقق من خلال العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والتي تم استبعادنا منها حتى الآن من خلال تغييب قضية شعب الجنوب، علاوة على عدم وجود ضمانات أممية لقضية شعبنا في الجنوب ضمن القرارات والمشاورات الأممية منذ 2012م، لذلك من الأهمية بمكان إدراج قضية شعب الجنوب في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة. ويكرر المجلس الانتقالي الجنوبي دعمه لهذا النهج، ونحن على استعداد للانخراط بشكل هادف نحو تسوية تفاوضية) الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي 1/5/2020.
عملياً إن هذا الإعلان واجه وسيواجه مقاومة في محافظات عدة منها شبوة كون قوات علي محسن والإدارة المحلية لها لا تدين للمجلس الانتقالي وإنما لحزب الإصلاح، ومثلها منطقته حضرموت الوادي ومحافظة المهرة، وقادة الانتقالي يعلمون ذلك، وهذا يرجح أن الغرض من الإعلان هو عمل سياسي ومنه كسب مقعد في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة.
إن هذا الإعلان لن يغير الوضع على أرض الواقع من حيث الخدمات التي سوف يلمسها الناس، التي ادعى المجلس في بيانه أنه قام بهذا الإعلان بسبب سوء رعاية الدولة، بل سيظل الوضع على ما هو عليه إن لم يصل لما هو أسوأ؛ حيث يعاني الناس غياب رعاية الدولة لهم، فالأمن والخدمات الأساسية من الكهرباء والمياه والرعاية الصحية شبه معدومة، وقد كشفت الأمطار التي هطلت في نواحي اليمن ومنها عدن فشل رعاية الدولة للناس، ومع ورود أخبار عن ظهور حالات كورونا في عدن سوف يزيد الوضع سوءاً، حيث إن الرعاية الصحية في اليمن تفتقد لأدنى مقوماتها، فالناس يسافرون بالآلاف في الأوضاع العادية لتلقي العلاج في الخارج خاصة إلى مصر والهند والأردن، هذا في الوضع العادي فما بالك في ظل وباء كورونا؟!
إن الوضع في اليمن محزن ومؤلم بسبب هؤلاء الحكام الخونة سواء في شماله أو في جنوبه، وبسبب القاعدين في فنادق القاهرة والرياض والإمارات وتركيا وإيران ولبنان وهم يعيشون في بحبوبة من العيش ويرقصون على جراح وشقاء أهل اليمن ومصائبهم.
ولكن الوضع المفرح هو أن مجلس الإمارات في الجنوب وهادي وحكومته ومليشيات إيران في الشمال والمجرم علي محسن وزمرته في مأرب كلهم قد سقطوا من أعين الغالبية العظمى من الناس في اليمن، فلم يعد يثق فيهم إلا المنتفعون منهم والذين يرمون لهم الفتات، فلا يوجد سند لهؤلاء الحكام إلا السند الخارجي؛ سند الكافر المستعمر الذي يستمدون منه القوة للبقاء على الكراسي المهترئة وهذا السند ضعيف جداً. قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾ [هود: 113] وهذا سيجعل سقوطهم قريباً بإذن الله.
إن المخرج الوحيد لأهل اليمن ولكل المسلمين والعالم هو بإقامة الخلافة؛ لذلك يجب على المسلمين العمل مع حزب التحرير، وعلى أهل القوة والمنعة فيهم نصرته لإقامتها راشدة على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ عبد الهادي حيدر – اليمن
رأيك في الموضوع