اعتزم النظام السوداني تسليم معارضين مصريين لنظام السيسي حسب ما نشرته الجزيرة الأربعاء 6 أيار/مايو 2020م، برغم أن المعتقلين لم يعرضوا على أي جهة قضائية، وقد تعرض بعضهم للتحقيق على يد ضباط مخابرات مصريين. وقد استطاع نظام السيسي عقد تفاهم أمني ثنائي بينه وبين نظام الخرطوم العسكري، وبناء عليه تم إخفاء معارضين مصريين قسرا في السودان وتعريضهم للتعذيب.
لقد كان هذا القرار تكريسا للزيارة التي قام بها النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان محمد حمدان دقلو (حميدتي) السبت 14 آذار/مارس، التي التقى فيها برئيس المخابرات المصرية عباس كامل، بجانب أمور أخرى لم تكشف بعد. وكان قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي قد وقّع مع رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان، في 25 أيار/مايو 2019م اتفاقية لضبط الحدود ومكافحة (الإرهاب)، تعهد بموجبها البرهان للسيسي، أنه لن يبقي على أراضي السودان أي عنصر مطلوب أمنيا لمصر. وقد تلقت القاهرة تأكيدا من الخرطوم على منع وصول (التيارات المتطرفة) إلى سدة الحكم بالجارة الجنوبية، وأنها لن تقيم علاقات مع دول تضر بمصالح مصر ودول الخليج، في مقابل دعم السيسي لشبيهه الانقلابي في السودان. وكانت زيارة البرهان، للقاهرة هي الأولى له خارج السودان منذ توليه رئاسة المجلس العسكري عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
وكان المجلس العسكري في السودان، قد أعلن أنه شكل لجنة بخصوص بحث المجنسين خلال فترة نظام البشير، ما يثير مخاوف بشأن أشخاص هربوا من أنظمة قمعية كنظام السيسي. وهو ما يدعو للتساؤل هل قام الناس بالثورة على نظام عميل خائن ليتسلط على رقابهم نظام عميل آخر أشد كرها للإسلام من سابقه، وأشد منه انبطاحا لأعداء الأمة.
إن النظام المصري لم يترك فرصة لملاحقة معارضيه في الخارج إلا واستخدمها، بالإضافة إلى أنه دائم التواصل مع بعض الأنظمة والحكومات لتسليم بعض الشباب، كما حدث مؤخرا من دولتي الكويت والبحرين. وهذا أمر غير مقبول ولا يجوز السكوت عليه، ولكنه مفهوم من نظام إجرامي لا ولم يتوان عن القتل والتنكيل بكل من يعارضه، ومجازره في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري شاهدة على ذلك، ولكن السؤال هل استطاع المجلس العسكري حل مشاكل السودان الداخلية حتى يتفرغ لعقد مثل هذه الاتفاقات؟! وأي عار سيلحق البرهان وحميدتي وحمدوك عندما يقومون بتسليم شباب ظُلم في بلده إلى ظالمه، ألا لعنة الله على المفسدين والظالمين!
إن النظام السوداني لا يختلف كثيرا في إجرامه عن النظام المصري، بل هو كأنه نسخة مكررة عنه، وهو يحاول بناء شبكة علاقات دولية معقدة مع المحور السعودي الإماراتي ابتداءً، ومؤخراً بالتطبيع مع كيان يهود، والانفتاح على إدارة ترامب، وهذه الجهات هي الداعم الرئيسي لنمط الحكم العسكري في مصر وشرق ليبيا تحت دعاوى الوقوف أمام (التطرف والإرهاب)، وما هي في الحقيقة إلا للوقوف في وجه الأمة التي تسعى لإعادة الحكم بالإسلام.
وبرغم اتفاق النظامين المجرمين هذا، إلا أنهما لم يستطيعا أن يقفا صفا واحدا في مواجهة إثيوبيا في موضوع سد النهضة؛ ففي الخامس من آذار/مارس تقدمت مصر بمشروع قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب يؤكد تضامن الجامعة العربية مع موقف مصر والسودان الخاص بسد النهضة الإثيوبي باعتبارهما دولتي المصب، لكن الغريب أن السودان تحفظ على القرار العربي، وطالب بحذف اسمه من مشروع القرار، وأدخل تعديلات لاحقة على القرار لتفرغ النص من مضمونه والإضعاف من أثره. وبحسب وكالة الأنباء المصرية الرسمية (الشرق الأوسط)، فإن الجانب السوداني قال إن القرار ليس في مصلحته ولا يجب إقحام الجامعة العربية في هذا الملف، وأبدى تخوفه مما قد ينتج عنه هذا القرار من مواجهة عربية إثيوبية. وإن كان القرار نفسه لا قيمة له سواء دعمته السودان أم لم تدعمه، تحفظت عليه أم لم تفعل. وبرغم امتناع إثيوبيا عن التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل له برعاية أمريكا والخاص بقواعد ملء وتشغيل سد النهضة، إلا أن النظام السوداني لم يحرك ساكنا.
إن هذه الأنظمة خائنة تفرط في مصالح الأمة بكل بساطة، وتسلمها لأعدائها، ولا تتفق على شيء فيه مصلحة للأمة، لكن إذا تعلق الأمر بالتنكيل بأبناء الأمة وقتلهم تجدهم متفقين متعاونين لأبعد الحدود! نسأل الله أن يخلصنا منهم ومن شرورهم، وأن يعجل بزوالهم، لتعود للأمة كرامتها وعزتها في ظل حكم الإسلام في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة تجمع شتات المسلمين وتلم شعثهم وتحفظ لهم أمنهم، يقودها خليفة تقي نقي يقاتل من ورائه ويتقى به.
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
النظامان المصري والسوداني يتفقان على تسليم المعارضين
بينما لا يتفقان على مواجهة خطر سد النهضة!
بقلم: الأستاذ حامد عبد العزيز
اعتزم النظام السوداني تسليم معارضين مصريين لنظام السيسي حسب ما نشرته الجزيرة الأربعاء 6 أيار/مايو 2020م، برغم أن المعتقلين لم يعرضوا على أي جهة قضائية، وقد تعرض بعضهم للتحقيق على يد ضباط مخابرات مصريين. وقد استطاع نظام السيسي عقد تفاهم أمني ثنائي بينه وبين نظام الخرطوم العسكري، وبناء عليه تم إخفاء معارضين مصريين قسرا في السودان وتعريضهم للتعذيب.
لقد كان هذا القرار تكريسا للزيارة التي قام بها النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان محمد حمدان دقلو (حميدتي) السبت 14 آذار/مارس، التي التقى فيها برئيس المخابرات المصرية عباس كامل، بجانب أمور أخرى لم تكشف بعد. وكان قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي قد وقّع مع رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان، في 25 أيار/مايو 2019م اتفاقية لضبط الحدود ومكافحة (الإرهاب)، تعهد بموجبها البرهان للسيسي، أنه لن يبقي على أراضي السودان أي عنصر مطلوب أمنيا لمصر. وقد تلقت القاهرة تأكيدا من الخرطوم على منع وصول (التيارات المتطرفة) إلى سدة الحكم بالجارة الجنوبية، وأنها لن تقيم علاقات مع دول تضر بمصالح مصر ودول الخليج، في مقابل دعم السيسي لشبيهه الانقلابي في السودان. وكانت زيارة البرهان، للقاهرة هي الأولى له خارج السودان منذ توليه رئاسة المجلس العسكري عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
وكان المجلس العسكري في السودان، قد أعلن أنه شكل لجنة بخصوص بحث المجنسين خلال فترة نظام البشير، ما يثير مخاوف بشأن أشخاص هربوا من أنظمة قمعية كنظام السيسي. وهو ما يدعو للتساؤل هل قام الناس بالثورة على نظام عميل خائن ليتسلط على رقابهم نظام عميل آخر أشد كرها للإسلام من سابقه، وأشد منه انبطاحا لأعداء الأمة.
إن النظام المصري لم يترك فرصة لملاحقة معارضيه في الخارج إلا واستخدمها، بالإضافة إلى أنه دائم التواصل مع بعض الأنظمة والحكومات لتسليم بعض الشباب، كما حدث مؤخرا من دولتي الكويت والبحرين. وهذا أمر غير مقبول ولا يجوز السكوت عليه، ولكنه مفهوم من نظام إجرامي لا ولم يتوان عن القتل والتنكيل بكل من يعارضه، ومجازره في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري شاهدة على ذلك، ولكن السؤال هل استطاع المجلس العسكري حل مشاكل السودان الداخلية حتى يتفرغ لعقد مثل هذه الاتفاقات؟! وأي عار سيلحق البرهان وحميدتي وحمدوك عندما يقومون بتسليم شباب ظُلم في بلده إلى ظالمه، ألا لعنة الله على المفسدين والظالمين!
إن النظام السوداني لا يختلف كثيرا في إجرامه عن النظام المصري، بل هو كأنه نسخة مكررة عنه، وهو يحاول بناء شبكة علاقات دولية معقدة مع المحور السعودي الإماراتي ابتداءً، ومؤخراً بالتطبيع مع كيان يهود، والانفتاح على إدارة ترامب، وهذه الجهات هي الداعم الرئيسي لنمط الحكم العسكري في مصر وشرق ليبيا تحت دعاوى الوقوف أمام (التطرف والإرهاب)، وما هي في الحقيقة إلا للوقوف في وجه الأمة التي تسعى لإعادة الحكم بالإسلام.
وبرغم اتفاق النظامين المجرمين هذا، إلا أنهما لم يستطيعا أن يقفا صفا واحدا في مواجهة إثيوبيا في موضوع سد النهضة؛ ففي الخامس من آذار/مارس تقدمت مصر بمشروع قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب يؤكد تضامن الجامعة العربية مع موقف مصر والسودان الخاص بسد النهضة الإثيوبي باعتبارهما دولتي المصب، لكن الغريب أن السودان تحفظ على القرار العربي، وطالب بحذف اسمه من مشروع القرار، وأدخل تعديلات لاحقة على القرار لتفرغ النص من مضمونه والإضعاف من أثره. وبحسب وكالة الأنباء المصرية الرسمية (الشرق الأوسط)، فإن الجانب السوداني قال إن القرار ليس في مصلحته ولا يجب إقحام الجامعة العربية في هذا الملف، وأبدى تخوفه مما قد ينتج عنه هذا القرار من مواجهة عربية إثيوبية. وإن كان القرار نفسه لا قيمة له سواء دعمته السودان أم لم تدعمه، تحفظت عليه أم لم تفعل. وبرغم امتناع إثيوبيا عن التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل له برعاية أمريكا والخاص بقواعد ملء وتشغيل سد النهضة، إلا أن النظام السوداني لم يحرك ساكنا.
إن هذه الأنظمة خائنة تفرط في مصالح الأمة بكل بساطة، وتسلمها لأعدائها، ولا تتفق على شيء فيه مصلحة للأمة، لكن إذا تعلق الأمر بالتنكيل بأبناء الأمة وقتلهم تجدهم متفقين متعاونين لأبعد الحدود! نسأل الله أن يخلصنا منهم ومن شرورهم، وأن يعجل بزوالهم، لتعود للأمة كرامتها وعزتها في ظل حكم الإسلام في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة تجمع شتات المسلمين وتلم شعثهم وتحفظ لهم أمنهم، يقودها خليفة تقي نقي يقاتل من ورائه ويتقى به.
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
رأيك في الموضوع