كرّم الشيخ محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي من حركة مكافحة اللاسامية واتحاد السفارديم الأمريكي، بجائزة هي الأولى التي تخصص للقادة المسلمين المشاركين في مكافحة معاداة السامية، وقال العيسى الذي عبّر عن فخره بالجائزة والتكريم "نعمل على محاربة اللاسامية والإسلاموفوبيا وغيرها من أشكال العداء، لكن علينا استخدام القوة الناعمة ولا شيء غيرها".
وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ العيسى على أن محاربة معاداة السامية مبدأ عام وقيم تترجم موقف الإسلام، كما أكد على ضرورة تحييد الخلافات السياسية جانباً، وأشار الشيخ السعودي إلى أهمية محاربة معاداة السامية والكراهية والعنصرية أياً كان مصدرها كمهمة دينية وواجب أخلاقي، وأكد العيسى أن زيارته لمعتقل أوشفيتز في بولندا شكلت نقطة تحول في مسيرته لمحاربة معاداة السامية والعنصرية. (أوروبا نيوز بتصرف 11/6/2020)
إن هذه التصريحات والمواقف تظهر الوجه الحقيقي والخبيث لرابطة العالم الإسلامي، وتبين أن هذه المؤسسة بعد أن كانت أداة لتخدير المسلمين وتضليلهم باتت الآن أداة لدفعهم للتطبيع مع كيان يهود.
وللوقوف على حقيقة الأمر نذكر بعض الحقائق:
- إن حديث رابطة العالم الإسلامي عن مكافحة معاداة السامية قد برز بقوة في الفترة الأخيرة، وكانت ذروته حينما قام وفد منها يترأسه أمينها العام محمد العيسى بزيارة معسكر "أوشفيتز" النازي في بولندا في كانون الثاني/يناير لإحياء الذكرى 75 للمحرقة النازية، والمدقق يجد أن هذا التوجه للرابطة جاء بالتوازي وبشكل يتناغم مع موجة التطبيع المتصاعدة وغير المسبوقة مع كيان يهود في الفترة الأخيرة، وخاصة من الأنظمة الحاكمة في دول الخليج العربي وعلى رأسها نظام آل سعود، وهذا يبين أن تصريحات ومواقف العيسى ليست مواقف عشوائية أو شخصية وإنما هي توجهات سياسية مقصودة من تلك الرابطة لدعم تطبيع نظام آل سعود وغيره من الأنظمة مع كيان يهود المحتل.
- إن كيان يهود قد فهم هذه التصريحات في سياقها وبدأ يستخدمها لإخراج علاقاته مع الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين إلى العلن، فمثلاً رحب رئيس وزراء كيان يهود بنيامين نتنياهو بزيارة العيسى لمعسكر "أوشفيتز" وعلق قائلاً "هذه علامة على تغير موقف الأطراف الإسلامية والدول العربية تجاه المحرقة والشعب اليهودي"، ويهدف كيان يهود إلى الاستفادة من هذا الدعم من رابطة العالم الإسلامي ليضفي الشرعية على نفسه في المنطقة ويتحول إلى دولة مشروعة مقبولة لها علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية العلنية مع الدول المحيطة، في ترجمة عملية لتصريحات أفيغدور ليبرمان عام 2012 وقد كان في ذلك الوقت وزيراً للخارجية، حيث قال "إنه من المرفوض أن يظل الوضع الدبلوماسي العربي (الإسرائيلي) على ما هو عليه في الشرق الأوسط إذ يرتبط الجميع بعلاقات غير معلنة مع (إسرائيل) دون الاستعداد للاعتراف بعلاقاتهم معها، مضيفاً أن (إسرائيل) ليست عاهرة الشرق الأوسط".
- ومن الأمور التي تبين كيفية توظيف هذا التوجه لرابطة العالم الإسلامي لدعم كيان يهود ما أورده موقع الجزيرة الإخباري بعد الجائزة التي منحت لأمينها العام، حيث أورد إعلان اللجنة اليهودية الأمريكية مشاركة وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى في مؤتمرها الافتراضي، وقالت اللجنة إن "المنتدى العالمي الأول للدعوة اليهودية (AJC 2020) - الذي سيعقد افتراضياً - سيضم العديد من قادة العالم في نقاشات تتمحور حول أهم القضايا التي تواجه الشعب اليهودي، وعلى موقعها الإلكتروني تقول اللجنة اليهودية الأمريكية إنها تعمل على "تعزيز رفاهية الشعب اليهودي و(إسرائيل) وتعزيز حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. (الجزيرة نت 11/6/2020)
إن ما تقوم به رابطة العالم الإسلامي يبين خطر هذه الرابطة وأنها ليست أكثر من مجرد أداة رخيصة في يد النظام السعودي الذي بات يستخدمها للترويج للتطبيع مع كيان يهود وتبرير ما ترتكبه الأنظمة المجرمة الحاكمة في بلاد المسلمين من خيانة لقضية فلسطين ولأهل فلسطين بعد أن استخدمها منذ تأسيسها عام 1962 - بموجب قرار صدر عن مؤتمر العالم الإسلامي الذي عقـد بمكة المكرمة في 14 ذو الحجة 1381هـ الموافق 18 أيار/مايو 1962م - في ترسيخ النظام السعودي وتمييع أفكار الإسلام والترويج للديمقراطية وغيرها من الأفكار الغربية وتفريخ علماء السلاطين وتخذيل الأمة الإسلامية عن استعادة دولتها وسلطانها.
إن ما يصدر من جعجعات من هذه الرابطة حول دعم قضية فلسطين وآخرها الجعجعات ضد الضم ليست سوى كذب وتدليس رخيص، الهدف منه امتصاص غضب المسلمين في بلاد الحجاز وغيرها وهم يرون خيانة حكامهم تزداد، في اللحظة التي يستعد فيها كيان يهود بدعم من أمريكا لقضم ما تبقى من الأرض المباركة وتصفية قضية فلسطين لصالح يهود وكيانهم الغاصب، فرابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية تتحرك في اللحظة التي يتمادى فيها كيان يهود بغطرسته وطغيانه فتزداد مشاعر الغضب لدى المسلمين عليه وعلى أنظمتهم الخائنة فتأتي المؤتمرات والاجتماعات والتصريحات للتنفيس عن الأمة وحرف بوصلتها عن التحرك الجاد والمثمر لحل قضية فلسطين بإسقاط أنظمة التطبيع الخائنة وتحريك الجيوش لاقتلاع كيان يهود من جذوره.
بقلم: الدكتور إبراهيم التميمي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين
رأيك في الموضوع