هي قمة دعا لها رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، وكان من المفترض أن تشارك فيها خمس دول هي ماليزيا وتركيا وقطر وباكستان وإندونيسيا، وذلك بهدف تسليط الضوء على مشاكل البلاد الإسلامية وإيجاد حلول لها. (وقد تخلفت عنها الباكستان وإندونيسيا بضغط من السعودية).
الأهداف المعلنة من هذه القمة - التي نظمت في كوالالمبور من 18 إلى 21 كانون الأول/ديسمبر، والتي هي الثانية من نوعها منذ الأولى التي عقدت في 2014 - مناقشة وإيجاد حلول جديدة للمشاكل التي تواجه البلاد الإسلامية، وكذلك لتحسين حالة المسلمين والبلاد الإسلامية بشكل عام.
تهدف القمة أيضاً إلى الجمع بين العلماء المسلمين والمفكرين من جميع أنحاء العالم، وإحياء الحضارة الإسلامية. وقد حضرها قرابة 400 مندوب من 53 دولة.
فما حقيقة هذا المؤتمر في كوالالمبور وهل سيكتب له النجاح، أم أنه سيكون انعكاساً ومظهراً لفشل الآلاف من مؤتمرات القمة السابقة التي عقدت سواء في ماليزيا أو في أي جزء من العالم، كما فشلت منظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، وجامعة الدول العربية، والهيئات الدولية الأخرى في حل المشاكل التي تواجهها هذه الأمة؟ هل نجحت القمم الماضية والهيئات الدولية في تحديد وحل مشكلات الأمة؟ وهل هناك حاجة لقمة ضعيفة وخطابية أخرى؟ وهل هناك أهداف غير معلنة وراءها؟ وما هو واقعها السياسي؟
إن واقع الدول المشاركة أو الأساسية يبين مدى قدرة وإمكانية هذه القمة في إحداث أي تغيير محتمل في البلاد الإسلامية أو في حل قضاياها؛ فهذه الدول جميعها هي من ناحية سياسية دول معدومة أو شبه معدومة الإرادة السياسية. إذ إن الدول المشاركة فيها هي إما دول تابعة كقطر، أو تدور في الفلك مثل ماليزيا وتركيا. وكيف يتوقع من هكذا دول أن تقوى على القيام بأعمال سياسية خارجية دون تأثير من الدول التابعة لها أو التي تدور في فلكها؟
ثم إن هذه الدول التي تبادر لحل مشاكل وقضايا البلاد الإسلامية لم نر منها ولو لمرة واحدة موقفا مشرفا تجاه قضايا المسلمين النازفة والبارزة القديمة منها والجديدة: مثل فلسطين، وكشمير والعراق وسوريا، والشيشان وأفغانستان والبوسنة وميانمار والصومال... وغيرها، وكيف أن هذه الدول كانت دوما جزءا من المشكلة لا جزءا من حلها، فقد شاركت في هذه القضايا والأزمات لصالح المستعمرين كباكستان (وإن تغيبت عن القمة) في قضيتي كشمير وأفغانستان، أو تركيا وإيران في الملف السوري، أو كالمتفرج على المذابح والمآسي دون حراك كقطر وباقي الدول، وشريك لكيان يهود وتطبيع علاقات اقتصادية ونفطية مباشرة وغير مباشرة معه.
ألم يعتبر أردوغان أن قضية الإيغور ملف صيني داخلي حين قام بزيارة الصين هذا العام؟
ولهذا وبعد كل ما سبق يقف المسلم الواعي موقف الشك والريبة من هكذا قمة ويتساءل: إذاً ما هي الأهداف الحقيقية وراء هكذا قمة؟
هل هي لإخفاء تقصير هذه الدول عن القيام بواجبها الحقيقي نحو قضايا المسلمين من تحريك الجيوش ونصرة المظلومين من أبناء الأمة في وجه الحملات الاستعمارية العالمية ضد الإسلام وأهله؟
هل يراد إيجاد حاضنة إسلامية جديدة بدلاً من الصيحات والمطالبات باستئناف حياة إسلامية في دولة إسلامية واحدة؟
هل يراد من هكذا قمة تدعى بالإسلامية ولكن هي لاحتواء الحركات والأحزاب والشخصيات من علماء ومفكرين وشخصيات فاعلة في البلاد الإسلامية وتصنيفها على أنها معتدلة أم لا ليسهل القضاء عليها بحجة أنها تخالف عموم المسلمين الممثلين بهكذا دول؟
كل هذه وغيرها من الأهداف المخفية يجب الوقوف عليها والحذر منها وكشفها، فقد ضجت بلادنا بالقمم التي لم تأت علينا إلا بالشر والدمار، وما قمم محاربة (الإرهاب) وعاصفة الحزم إلا أمثلة على ذلك.
بقلم: الدكتور فرج ممدوح
رأيك في الموضوع