اُعلن السبت ١٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٩م في الغيضة حاضرة محافظة المهرة المجاورة لسلطنة عمان، عن إشهار "مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي"، الذي قال رئيسه اللواء أحمد قحطان إنه يمثل جميع المحافظات، وإنه يضم قوى سياسية أخرى مثل حزب المؤتمر الشعبي العام (حزب الهالك علي عبد الله صالح) واتحاد القوى الشعبية، وقال قحطان إن المجلس على تواصل مع "شرعية" الرئيس اليمني عبد ربه هادي قبل وبعد إشهار المجلس، مشيرا إلىأن هذا التواصل "لم ينقطع قط". ولم ينفِ قحطان دعم سلطنة عمان لكافة اليمنيين.
وجاء في بيان أصدره المجلس أنه يهدف إلى الشراكة بين الأطراف السياسية ويرفض فرض الحلول بقوة السلاح أو بالاستناد إلى قوى خارجية (في إشارة إلى دعم الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي) وإنما عبر "وسائل الشرعية والديمقراطية"، وجاء في البيان أنه يرفض الوجود العسكري الأجنبي في البلاد أو اقتطاع أي جزء منه.
ويأتي توقيت إشهار المجلس بعد أن استطاعت السعودية احتواء المجلس الانتقالي والإعلان عن توقيع اتفاق الانتقالي مع "شرعية" عبد ربه هادي، بجعل المجلس الانتقالي ضمن "الشرعية" في مواجهة المشروع الحوثي، بعد أن كان الانتقالي يطمح أن يكون له مقعد مستقل في المفاوضات السياسية مع الحوثيين بوصفه ممثلا للقضية الجنوبية. ما يعنيأن الغرض من إشهار مجلس الإنقاذ الجنوبي هو إيجاد ممثل آخر للقضية الجنوبية لا يدعو للانفصال بل لحل القضية الجنوبية ضمن شرعية عبد ربه هادي، وبهذا تتعدد المقاعد الممثلة للقضية الجنوبية في المفاوضات السياسية التي من المتوقع أن ترعاها السعودية بعد إعلانها مؤخرا عن تشكيل لجنة للمفاوضات مع الحوثيين.
إن السعودية اليوم وهي الطرف الأقوى في الملف اليمني، تسعى للخروج من حرب اليمن ولكن بحل سياسي يضمن الحفاظ على مصالح الأسياد الأمريكان، ولهذا فإن أمريكا تطلق يدها سواء في قيادة التحالف العسكري أو في قيادة المفاوضات السياسية مع كافة الأطراف المحلية، إلاأن السعودية تجد مقاومة شديدة من الأطراف التابعة للاستعمار الإنجليزي العريق في اليمن، والمتمثل في سلطة عبد ربه هادي والأحزاب المنضوية تحته (المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح وغيرهما) والأحزاب الجديدة المنشأة تباعا لعرقلة المساعي السعودية الأمريكية (المجلس الانتقالي ومجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي وغيرهما) علاوةً على القوى العسكرية التي أنشأتها الإمارات في الجنوب (النخب والأحزمة الأمنية).
والحاصل أن التنافس بين القوى الدولية الكبرى على مصادر الثروة والموقع الاستراتيجي المهم لليمن في أوجه، إلاأنه يظهر من خلال الأطراف المحلية التي تقوم به، ويبقى الكافر المستعمر يدير المشهد في الخفاء، رغم ظهوره أحيانا كثيرة في العلن.
إن مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي هو أحد الأحزاب المنشأة على عين بصيرة من الإنجليز وشرعية عبد ربه هادي لإنقاذ نفوذهم داخل اليمن في ظل محاولة السعودية السيطرة على الكعكة اليمنية لمصلحة أمريكا، ولهذا جاء إشهار المجلس من مدينة الغيضة التي تتمركز فيها قوات سعودية في رسالة سياسية واضحة الدلالة، وبمعونة من الجارة عُمان القلعة الإنجليزية الحصينة.
إن إنقاذ اليمن لا يأتي من خلال الأنظمة الحالية الموغلة في العمالة للكافر المستعمر، ولا يأتي من خلال السير خلف منهج الغرب في التغيير، إنما يأتي عن طريق طرد الكافر المستعمر وأدواته المحلية والانفضاض عن مشاريعهم التي تحافظ على مصالحهم في البلاد، ويأتي بالالتفاف حول المخلصين العاملين لإقامة شرع الله وذلك باستئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي وعد الله بها عباده الصالحين والتمكين لهم ولدينه في الأرض، وبشر بعودتها نبي الأمة محمد e «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» ولم يبق للمسلمين إلا العمل الجاد والمخلص بإقامتها على منهاج النبوة.
رأيك في الموضوع