تجهز الحوثيون للقيام بالفعاليات المختلفة كالوقفات الاحتجاجية والتظاهر في الميادين العامة في يوم 26/3 الذي صادف الذكرى الرابعة للتصدي للعدوان على اليمن، وسعى الحوثيون لحشد أكبر عدد ممكن لبناء حاضنتهم الشعبية مستغلين استمرار الحرب التي ستدخل عامها الخامس بعد أسبوع واحد ابتداء من يوم 27/3/2019 ولا زال البعض من أهل اليمن يصدق الأغنية القديمة التي تعبر كلماتها أن قوات التحالف بقيادة السعودية جاءت للقضاء على الحوثيين وتحرير اليمن من المد الفارسي الذي تزرعه إيران وأتباعها! والحقيقة الساطعة كالشمس في رابعة النهار أن عاصفة الحزم المشئومة جاءت لإنقاذ الحوثيين وليس للقضاء عليهم، ولتقويتهم وليس لإضعافهم، ولتثبيت حكمهم وليس لاقتلاعه. فأمريكا هي الداعم الحقيقي للحوثيين، أما إيران والسعودية فهي أدوات أمريكا وكل منهما له دوره المرسوم، فإيران تقوم بتثقيف الحوثيين وتسليحهم في السر وتدريبهم، أما السعودية فتتظاهر بأنها تريد القضاء عليهم وذلك لبناء حاضنة شعبية لهم وتكبير حجمهم وإبرازهم على غير حقيقتهم وإظهارهم إعلاميا أنهم عملاق لا يمكن كسرهم إلا باستمرار الحرب عليهم. فقد أعطتهم من القوة ما لا تستطيع إيران أن تفعله في أكثر من عشر سنوات، فحقيقة العاصفة أنها جاءت لإزاحة نفوذ الإنجليز الذي يمثله هادي والإمارات وأتباعهم، وفي المقابل تثبيت حكم الحوثيين وليس إزالته كما يتوهم البعض بسبب الترويج الإعلامي الكاذب للتحالف وأتباعه والذي يتعمد قلب الحقائق وإظهار الشيء على غير حقيقته، فإزاحة نفوذ الإنجليز وتثبيت نفوذ أمريكا مكانه عن طريق تثبيت الحوثيين في الحكم هو هدف سياسي لأمريكا وقد رسمت خطة خبيثة لتحقيق ذلك الهدف تتكون من ثلاثة مرتكزات هي:
1- إزاحة نفوذ الإنجليز من اليمن والقضاء على قوتهم والاستيلاء على مؤسسات الدولة التي بأيديهم، وقد نجحت أمريكا في ذلك ومكنت الحوثيين من قتل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
2- الإمساك بهادي وأتباعه وجعلهم مظلة لاستمرار الحرب حتى يتم تثبيت الحوثيين نهائيا، وقد استطاعت أمريكا جعل قوات هادي في قبضة عميلها سلمان فقام بتحجيمها ومنعها من إلحاق الضرر بالحوثيين كالتقدم في جبهة نهم حتى تبقى صنعاء بيد الحوثيين.
3- إكساب الحوثيين الشرعية وخلع صفة الانقلابيين عنهم وذلك ببناء الحاضنة الشعبية لهم عن طريق استمرار العاصفة والاعتراف بهم رسميا من حكومة هادي في المفاوضات، وقد نجحت أمريكا من خلال مساندتها لاستمرار عاصفة سلمان في تحقيق البندين الأول والثاني في الأعوام الثلاثة الماضية ثم استمرت تعمل خلال العام الرابع لتحقيق البند الثالث من الخطة في خطين:
الأول: الضغط على عملاء الإنجليز لقبول المفاوضات لكي تُكسب الحوثيين شرعية وتنزع عنهم صفة الانقلاب وتجعل الطرف الآخر يعترف بهم رسميا، وقد استطاعت أمريكا أن تحرك ملف المفاوضات بعد أن توقف أكثر من عامين فكانت اتفاقية السويد التي منحت الحوثيين صفة الشرعية وأجبرت الطرف الآخر على قبول ذلك وتصافح رئيس وفد الحوثيين محمد عبد السلام مع خالد اليماني بحرارة يتوسطهما المبعوث الأممي إلى اليمن غريفيث.
الثاني: استمرار الحرب لبناء الحاضنة الشعبية للحوثيين مستغلة تغلغل عقيدة الوطنية في نفوس أهل اليمن مما يجعل الناس يقاتلون في صفه لأنهم يرون بنظرتهم السطحية أن الحوثي هو الذي يدافع عن الوطن وأن الطرف الآخر يقاتل مع المحتلين، وهذا يؤدي إلى انحسار شعبيتهم يوما بعد يوم بخلاف الحوثيين. فالمؤتمر والإصلاح خلال فترة حكم صالح زرعوا عقيدة الوطن في نفوس أهل اليمن فأصبحت أفكارها مفاهيم تؤثر في سلوكهم في الحياة، والحوثيون هم من قطفوا ثمارها.
إن الحرب التي ستدخل عامها الخامس قد سببت الكوارث والخراب والدمار والأمراض المصنوعة بأيد آثمة (الكوليرا) والتي راح ضحيتها المئات خلال الأسابيع الماضية في بعض المحافظات رغم التكتيم الشديد عليها. إن أمريكا تقترب من تحقيق بنود خطتها الرامية إلى بسط نفوذها بعد إخراج نفوذ بريطانيا من شمال اليمن، ويساعدها في ذلك محاصرة السعودية للمقاومة ومنعها من إلحاق الأذى بالحوثيين، فقد منعتهم في نهم بطيرانها من التقدم صوب صنعاء منذ سنوات، وها هي تقوم بخذلان قبائل حجور بعد تظاهرها أنها معهم وأوعزت لمرتزقتها بتوقيف كل الجبهات ليركز الحوثيون قوتهم في جبهة حجور فيخضعوها لسيطرتهم لكي يرسلوا رسالة إلى القبائل الأخرى أن الحوثي مقاتل لا يُقهر وأن الثورة عليه مصيرها الموت في مهدها خاصة بعد أن اقتحم حجور بآلاف المقاتلين وقام بالقتل والتشريد والتنكيل وتفجير المنازل لبث الرعب في قلوبهم، وظهر للناس كذب ودجل السعودية والمقاومة فقد كانت المقاومة على بعد كيلومترات من حجور وتملك قوة هائلة تستطيع أن تكتسح محافظة حجة كلها في غضون أيام، كما ضرب الطيران السعودي في الأسبوع الماضي المقاومة في الجوف بعد أن كانت على وشك السيطرة على مواقع قد يجعلها تقلب المعادلة لصالحها لأن السعودية ومن ورائها أمريكا تمنع إلحاق الخطر بالحوثيين؛ وعليه فإن جبروت أمريكا ومساندتها للحوثيين وعجز بريطانيا وعملائها من إحراز تقدم على الحوثيين يقلب المعادلة لصالحهم رغم قدرتهم على ذلك، إن ذلك يؤكد أن أمريكا تقترب من تحقيق هدفها السياسي ألا وهو تثبيت الحوثيين في الحكم في شمال اليمن. أما الجنوب فهو في قبضة بريطانيا عن طريق الإمارات وأتباعها، ورغم سعي أمريكا عن طريق الحراك التابع لها (حراك باعوم) لزعزعة نفوذ الإنجليز في الجنوب إلا أن بريطانيا تدعم عميلها الزبيدي وتسعى إلى فرض مجلسه الانتقالي كسلطة أمر واقع تدعمه الإمارات المنفذة لمخططاتها في اليمن، وكان الزبيدي قد ألقى كلمة في مجلس العموم البريطاني، ويهدف الإنجليز من ذلك إلى إبرازه وأنه هو الذي يمثل الحراك في الجنوب وهو المخول منهم بالحكم فهو ومجلسه الانتقالي هم من يمثل أهل الجنوب كما يزعمون... وهكذا يحتدم الصراع بين أمريكا وبريطانيا عن طريق عملائهم والضحية هم أهل اليمن.
إن الكفار سواء أمريكا أو بريطانيا أو غيرهما لا يستطيعون تنفيذ مخططاتهم إلا عبر عملائهم من أبناء المسلمين الذين باعوا بدينهم دنيا غيرهم.
يا أهل اليمن! لا يستطيع الكفار تنفيذ مخطط واحد إذا وعيتم على خطورته وقررتم إفشاله فخذوا على أيدي العملاء قبل أن تغرق السفينة بأكملها، واعملوا مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية التي تعيد سلطانكم المغتصب من أعدائكم وتطبق شرع ربكم وتعيدكم خير أمة أخرجت للناس كما كنتم من قبل، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع