ارتكبت قوات النظام الجمعة، مجزرة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وأفاد ناشطون بأن مدفعية النظام قرب بلدة صوران في ريف حماة الشمالي قصفت بلدة جرجناز جنوب شرق إدلب بعد أذان الظهر مباشرة أثناء توجُّه الناس لأداء صلاة الجمعة ما أدى لوقوع 10 شهداء فضلاً عن العديد من الجرحى، واستهدفت قوات النظام المجرم المتمركزة بقرى "شرق السكة" بريف إدلب بالقذائف المدفعية مخيّماً للنازحين على بُعد أمتارٍ من نقطة المراقبة التركية في بلدة الصرمان بريف إدلب الشرقي، وقصفت قوات النظام قرى وبلدات عدّة بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، مستهدفةً منازل المدنيين والأحياء السكنية، ما تسبب بجرح عددٍ من المدنيين، بالإضافة لحركة نزوح جديدة شهدتها المنطقة، هذه هي حقيقة الاتفاقيات التي يعقدها الغرب الكافر وأتباعه العملاء والتي ما زال بعض الناس يعلق عليها الآمال، فالمجزرة التي وقعت في بلدة جرجناز سبقتها قبل أيام مجزرة في قرية الرفة بريف إدلب أيضاً، والتي راح ضحيتها 7 شهداء والعديد من الجرحى...
تحصل هذه المجازر على وقع اتفاق سوتشي الخياني بين الضامنين الروسي والتركي، والذي يهدف بالأساس لإعادة الناس إلى أحضان النظام، بعد أن تم استبعاد الخيار العسكري خوفاً من انقلاب الطاولة على الجميع واستعادة الثورة لروحها بعد أن كبلها قادة الفصائل وضامنهم التركي باتفاقيات أقل ما يقال عنها إنها عار وشنار على من وقعها ونفذها، وحتى من سكت عنها، فالثورة التي خرجت لإسقاط النظام وتحكيم الإسلام يتم التآمر عليها ليل نهار لمنعها من الوصول لهدفها، لكن الأصعب من ذلك أن يشارك من ظن الناسُ به خيراً من قادة الفصائل بهذه المؤامرات الخبيثة، ويتحولوا إلى أدوات رخيصة بيد التركي ومن خلفه الأمريكي بحجج واهية، فيزيدوا من آلام الشعب الصابر والمصابر، ويحولوا بنادقهم عن العدو الحقيقي إلى صدور بعضهم خدمة لأجندات أمريكا في الحفاظ على عميلها أسد ونظامه الهالك!
أما النظام التركي الذي كشف الله سريرته على لسان وزير خارجيته بتصريحه الثلاثاء أن تركيا ستكون أول من يتدخل في حال أخلّت الجماعات (الإرهابية) والراديكالية بالاتفاق التركي الروسي حول إدلب السورية، فقد فضح الصبح عتمة الليل وأن النقاط التركية وتعزيزها في الفترة الأخيرة ليس عبثاً وإنما لمحاربة من يفكر بالتحرك لإسقاط سوتشي وما سيجرّه على الثورة من ويلات، ليس هذا فحسب بل أضاف أوغلو في تصريحه أن طهران تعتبر من الدول الأكثر دعما لاتفاق سوتشي المبرم بين الرئيس الروسي المجرم بوتين ونظيره التركي أردوغان، وأن لإيران مساهمات كبيرة في إنجاح مسار أستانة واتفاق سوتشي، لقد فضحهم الله بألسنتهم؛ فإيران لا أحد يعرف مدى إجرامها كما يعرفه الشعب السوري الذي عانى منها ومن جرائم مليشياتها الشيء الكثير.
إن التحول الذي يحصل شيئاً فشيئاً والموقف الحقيقي مما يجري في الشام بالنسبة للنظام التركي ورأسه أردوغان الذي كان يصرح قبل سنوات بأنه يجب إسقاط نظام الأسد قد تدرج إلى أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، ثم أخيراً في إجابته عن سؤال صحفي اعتبر أن الشعب السوري هو من يقرر مصير الرئيس السوري عبر صناديق الانتخابات، في مشهد يدل عن مدى المكر الذي مكره النظام التركي بحق أهل الشام وثورتهم التي قررت مصير الأسد ونظامه من أول يوم عندما صدحت الحناجر "الشعب يريد إسقاط النظام"، وقدمت في سبيل ذلك الدماء والأعراض، ولكن القضية ليست هنا واللوم ليس على النظام التركي العميل المفضوح والمكشوف لأصغر طفل بالشام، بل لقادة الفصائل المرتبطين الذين رهنوا قرارهم ومصير ثورة شعبهم إلى النظام التركي العلماني الذي لا يقل إجراماً عن النظام السوري، هذا النظام التركي الذي فتح قواعده العسكرية لضرب المسلمين في العراق وسوريا ومن قبلهم في أفغانستان، فكيف لهؤلاء أن يقودوا ثورة عظيمة كثورة الشام؟!
لكن مع كل هذا المكر والخداع من الصديق قبل العدو إلّا أن ما يثلج الصدر أن الأمة وهي حاضنة الثورة ومنبعها وأسها وأساسها قد تنبهت لما يحاك لها بعد أن خرج عليها حزبها الأمين عليها والرؤوف بها؛ حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، نذيراً عرياناً يحذرها ويصيح فيها أن يا أمة الإسلام في الشام قومي وانفضي عنك غبار الذل الذي ارتضاه لك القريب والبعيد، فكان له الدور الكبير فخرجت وملأت الساحات تسقط مؤتمرات المكر والخداع وتطالب باستمرار الثورة، ليس هذا فحسب بل توجهت إلى نقاط المراقبة التركية ترسل الرسائل إلى قادة تركيا وجيشها أننا واعون جداً لما يحاك في الخفاء وأن سوتشي هذا لن يمر كما مرّ ما قبله من مؤتمرات ومؤامرات، وأن نقاط مراقبتكم التي تعد قذائف النظام وغاراته على الآمنين لسنا بحاجة لها، وأننا قادرين على العدّ والرد، وأن هدف إسقاط النظام ما زال حاضراً وأن الفرس الأصيل وإن كبا فإن له عودة ميمونة قريباً بإذن الله، وأن الشام كانت وما تزال عقر دار الإسلام، وأن الأمل ينمو ويكبر طالما أنه يُسقى بماء الإيمان، وأن الإسلام عائد مهما تكبر المتكبرون وعاند المعاندون.
أيها المسلمون في الشام! عليكم أن تعلموا أن الوعي الذي تشكل لديكم يعتبر صخرة عظيمة أمام تمرير المؤامرات ودافعاً مهماً للعمل، فلا تركنوا إلى الظالمين ولا تركنوا إلى المخادعين الذين يريدون تحصيل مكاسب شخصية على حساب تضحياتكم، فأنتم أمل الأمة بعد الله جل في علاه في تحطيم القيود وإزالة العوائق أمام استمرار الثورة ووصولها إلى هدفها الذي خرجت من أجله، ولا تستمعوا إلى الكاذبين الذين يحدثونكم عن حقن الدماء فإنهم والله يسعون لحقن دماء المجرمين بشار وعصابته وشبيحته، ولا تلقوا بالاً إلى المنافقين الذين يحدثونكم عن الصلح فالدماء التي روت أرض الشام أغزر من أن نصالح عليها مَن سفكها وأجرم بحق أهلها، واعلموا أن الاتفاق الذي تم في سوتشي بين المجرمين هو كسابقه خفض التصعيد الذي أجلى أهلنا في الغوطة ودرعا وريف حمص وكسابقه أستانة الذي أخرج أهل حلب، ولن يكون سوتشي إلّا خدعة جديدة في مسلسل الخدع المسمى مؤتمرات للسلام الذي لم يكن يوماً إلا سلاماً للمجرمين وطوق نجاة لهم مما ارتكبوا من جرائم، وأن سوتشي هدفه واضح جداً وهو إسقاط الثورة وإحياء النظام، وإعطاؤه جرعةً كبيرة لمتابعة مهمته في قمع المسلمين وقتلهم وسحقهم، فالحذر الحذر والنجاء النجاء. ﴿إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً﴾.
بقلم: الأستاذ أحمد معاز
رأيك في الموضوع