انتهى مساء الأربعاء الماضي الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المصرية التي خاضها مرشحان هما عبد الفتاح السيسي وموسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد، والذي جرى على مدار ثلاثة أيام كانت نتيجتها محسومة لصالح السيسي، في ظل انعدام المنافسة؛ حيث تم اعتقال كل المنافسين تقريبا وآخرهم سامي عنان رئيس الأركان المصري الأسبق وأحد رجال أمريكا في مصر، وحتى هذا المنافس الوحيد الذي سُمح له بالترشح، أعلن تأييده للسيسي في أكثر من موقف نشرتهم مواقع التواصل الإلكتروني، وسط عزوف ملحوظ عن التصويت من جانب أهل مصر، رغم الضغوط المادية والمعنوية التي تعرضوا لها للمشاركة والوجود في اللجان ولو حتى لإبطال الأصوات حتى يظهر السيسي للعالم أن له ظهيراً شعبياً وأنه استطاع إلجام أهل مصر وإعادتهم إلى ما قبل ثورة يناير، حيث لجأالنظام المصري إلى وسائل الإجبار والترهيب وكذا الترغيب لدفع أهل مصر للمشاركة في الانتخابات...
فبحسب ما نقله موقع عربي 21 الاثنين 26/3/2018 يقول مراقبون إن التحدي الأكبر أمام السيسي في هذه الانتخابات هو تصويت أكبر عدد ممكن في الانتخابات، ومواجهة دعوات المعارضة لمقاطعة التصويت وعزوف غالبية الناس عن المشاركة في انتخابات نتيجتها محسومة سلفا لصالح السيسي، وقال موظفون حكوميون إن تعليمات، بعضها مكتوب وأغلبها شفوي، جاءت من جهات أمنية صدرت لجميع المؤسسات الحكومية بضرورة حشد الموظفين للمشاركة في الانتخابات بأي طريقة، وتداول نشطاء على مواقع التواصل الإلكتروني صورة من قرار إداري بمنطقة القليوبية الأزهرية التعليمية تتضمن تعليمات من مدير المنطقة لجميع المعلمين والموظفين بالمشاركة في الانتخابات بشكل إجباري وعدم التسامح مطلقا مع أي ممتنع عن التصويت، ووصل الأمر إلى حد مطالبة صحيفة "صوت الأمة"، المؤيدة للنظام في تقرير لها الأحد، بإظهار العصا الغليظة لمن أسمتهم "أهل الشر وأهل السلبية" من الشعب، وإجبار الناس على المشاركة في الانتخابات عبر تطبيق القانون وتوقيع عقوبة الحبس على الممتنعين عن التصويت، وبحسب تقارير صحفية، فقد أصدر الأمن تعليمات لجميع الجمعيات الخيرية بربط مساعداتها المادية للفقراء بمشاركتهم في الانتخابات مع توفير حافلات لنقلهم إلى اللجان والتأكد من إدلائهم بأصواتهم، مع تهديد الجمعيات الممتنعة عن تنفيذ هذا القرار بوقف نشاطها، كما امتد الأمر إلى المصانع والشركات المملوكة لرجال أعمال من مؤيدي النظام ممن أجبروا العاملين على الذهاب بشكل جماعي إلى اللجان في حافلات العمل، وتهديد المخالفين بإبلاغ أسمائهم للأمن الوطني، وفي محافظة البحيرة بحسب وكالة رويترز قالت المحافظة نادية عبده لقناة المحور التلفزيونية يوم الاثنين "المركز إللي هتكون أصواته متقدمة هنعمل لهم مياه، هنعمل لهم صرف، وهنعمل لهم كهرباء. سنكافئ الناس إللي طلعت بكثرة وكثافة، هذا بخلاف إصدار العديد من الفتاوى لعلماء وشيوخ موالين للنظام تحرم مقاطعة الانتخابات، بينما وصف نواب وسياسيون المقاطعة بأنها خيانة عظمى للوطن.
انتهت الانتخابات المحسومة سلفا والتي فاق عدد لوحاتها الإعلانية عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم فيها، ورسميا لم تتعد نسبتهم 40% ممن لهم حق التصويت فعلا من أهل مصر، وكالة رويترز نقلت عن دبلوماسي غربي زار أربع محافظات قوله إنه لم ير في أي صندوق اقتراع بطاقات تشغل أكثر من نصفه ولم ير طوابير طويلة من الناخبين. وأضاف طالبا ألا ينشر اسمه أن الإقبال حتى وقت متأخر من نهار الثلاثاء تراوح بين 15 و20 في المئة وارتفع إلى نحو 30 في المئة في بعض مراكز الاقتراع يوم الأربعاء، في المجمل تقول كل المؤشرات إن النظام بكل آلته القمعية وما يملك من أدوات إعلامية ومن يحركهم من نخب سياسية وعلماء وشيوخ مرتزقة لم يستطع أن يوهم الناس أن ما يقوم به عملية انتخابية حقيقة، بل لم يستطع أن يغريهم على النزول مع كمّ المغريات التي وضعت وكمّ الترهيب والتلويح بالغرامات والسجن للمقاطعين الممتنعين عن التصويت، الأمر الذي يخبرنا عن حقيقة مؤكدة وهي أن أهل مصر أدركوا أن هذه الصناديق لن تغير حياتهم ولن تأتيهم ببديل ينهض بهم ويعيد لهم العزة والكرامة، بل إن هذه الصناديق هي التي سلبتهم ما اكتسبوه بثورتهم في كانون الثاني/يناير 2011 وهي التي أعادتهم لما هو أسوأ من أيام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ولولا عدم وجود بديل حقيقي لديهم وعدم رؤيتهم لمن يملكون هذا المشروع البديل لكان لهم رأي آخر ولكان لثورتهم موجات أخرى تُغرق هذا النظام كما أغرقت من قبله، فمن ضحّوا بأرواحهم من أجل سراب وعود النخب السياسية والحركات التي ركنت للغرب ولا زالت لن يبخلوا بها أبدا على مشروع ينسجم مع عقيدتهم ويوافق فطرتهم ويعيد لهم العزة والكرامة ورغد العيش.
يا أهل مصر الكنانة! إن واقعنا لن يتغير في ظل هذا النظام ولن تنهض بلادنا ولن ينصلح حالنا بل سيظل معدل الهبوط مستمرا وسوف يصيبنا ما هو أسوأ ما دامت الرأسمالية النفعية هي التي تحكمنا والتي تسعى لامتصاص ليس ثرواتنا وخيراتنا فحسب بل وحتى دمائنا التي تجري في عروقنا، فغازنا ونفطنا للغرب نهب بلا ثمن وماؤنا ضاع وأرضنا وديارنا لو أرادها السادة لهدمت على رؤوسنا بدعوى أننا (خوارج) و(دواعش) يجب تهجيرنا وقتلنا كما يفعل مع أهل سيناء بأيدي أبنائنا وبسلاح يقتطع ثمنه من أقواتنا!
يا أهل مصر الكنانة! إن خلاصكم لن يكون أبدا من خلال الديمقراطية ولا ما ينتج عنها من انتخابات، حتى ولو تمت بنزاهة كاملة، فخلاصكم الوحيد هو في احتضان دعوة المخلصين من أبنائكم شباب حزب التحرير وتبني مشروع الأمة الذي يحملون لكم؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة، وهذا يحتاج نصرة المخلصين من أبنائكم في الجيوش لهذا الأمر ليتمّه الله بهم فتكون الدولة التي وعد الله بها وبشر بها نبيه e. وإن موعود الله الآن بين أيديهم يستطيعون نصرته وقلب كل موازين القوى الدولية وتحقيق ما تصبو إليه كل الأمة؛ بقطع دابر هؤلاء الحكام الذين يحتمون بهم وبسلاحهم ويزيلوا عروشهم التي نخر فيها السوس ويقوموا في الأمة مقام أنصار الأمس الذين نصروا رسول الله e فيقيموها دولة عز ورحمة، خلافة على منهاج النبوة؛ تملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملئت جورا وظلما، وتكون مصر بهم مصر المنورة التي أعاد الله بها للأمة نورها وأخرج الناس بها من الظلمات إلى النور... اللهم اجعله قريبا وبأيدينا.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
بقلم: الأستاذ عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع