تظن أمريكا وهي تمارس البلطجة على دول وشعوب العالم، بأنها ستتمكن من هزيمة الأمة الإسلامية وإجبارها على رفع راية الاستسلام وانتزاع قبولها بأمريكا والسكوت عنها كقوة استعمارية تستهدف دينها الإسلام العظيم، وتتحكم بحاضرها وترسم لها مستقبلها وتستغل وتنهب ثرواتها ومقدراتها وتفرض حلولها ورؤيتها، أو ربما تظن أنها ستتمكن عن طريق عملائها من حكام المسلمين، من إحكام سيطرتها على بلاد المسلمين مبتدئة بالشرق الأوسط لموقعه الاستراتيجي حيث تقاطع القارات القديمة الثلاث أفريقيا وأوروبا وآسيا، وتحكمه في المواصلات، وكونه مكان الانطلاق الطبيعي للإسلام الذي لا يزال يشكل الخطر الأعظم عليها؛ حيث وصفوه بالسرطان ووصفوا كل مسلم بخلية سرطانية يجب استئصالها، ولكون الشرق الأوسط يمتلك ثروة هائلة من المواد الخام وفيه ما يزيد عن نصف نفط العالم.
وقد زاد اندفاع أمريكا أملاً بإحكام سيطرتها عليه، بوصول رجالها وعبيدها من أمراء آل سعود إلى الحكم في بلاد الحرمين واستمرار النظام الإيراني بالدوران بفلكها بل واقترابه من العمالة لها، وباستحكام (بطلها) أردوغان في تركيا وسيطرته التامة على الحكم هناك، وباستقرار الحكم - بالحديد والنار - إلى حد كبير لعميلها في مصر، وبمنعها سقوط نظام الإجرام في سوريا والمحافظة لغاية هذه اللحظة على بقاء عميلها في دمشق، كل ذلك زاد من ظنها بأنها قادرة على إحكام سيطرتها الكاملة على المنطقة وانتزاع الاستسلام من المسلمين فيها، في ظل عمالة وخضوع قسم من حكامهم لها وخضوع القسم الآخر بالترهيب والتهديد.
ربما تظن أمريكا أن محمد بن سلمان وأباه وغيرهما من خدامها وعبيدها سيمكنونها من ذلك، كما مكنوها من قص مخلب من مخالب الإنجليز (النظام القطري) أو كما مكنوها من شل حركة وتفكير مطبخ التشويش الإنجليزي (النظام الأردني) بوقف مساعدته ماليا وبتخديره بمشاريع استثمارية وتنموية كاذبة وبسحب قوات حرس حدود السعودية من منطقة خطرة على حدودها مع الأردن، أو كما مكنوها من التخلص من تأثير بعض عملاء الإنجليز في بلاد الحرمين من أمراء آل سعود وغيرهم.
أو ربما تظن أمريكا أن الأمة الإسلامية ستكون لقمة سائغة سهلة كعملاء الإنجليز في المنطقة أو أنها قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة والاستسلام، فما لا تدركه أمريكا هو أن الأمة الإسلامية، أمة لم تهزم وتستسلم بوصفها أمة ولا مرة واحدة، ولن تهزم بوصفها أمة، ولا توجد قوة في الأرض مهما بلغت بقادرة على هزيمتها وإجبارها على الخضوع أو الاستسلام، فلقد مر على الأمة الإسلامية من قوى الشر والطغيان من يماثل أو يفوق أمريكا بإجرامها وحقدها وعدائها ولم تستسلم لها الأمة بل دحرت جزءاً منها وابتلعت الجزء الآخر ليصبح مدافعا عنها وحاملا لرسالتها، وإن كانت أمريكا تعول على محمد بن سلمان فهي خاسرة مهزومة بإذن الله؛ فقد مر على الأمة الإسلامية خائنونوغدارون كثر ذهبوا إلى هاوية سحيقة وبقيت الأمةالأسلامية صامدة، ومر عليها من عملاء أمريكا من هو أعرق من محمد بن سلمان في العمالة وأكثر حنكة وتأثيرا وبقيت الأمة على عهدها مع الله موجودة في مسرح الأحداث لم تستسلم رغم ضعفها ورغم عمق وكثرة جراحها.
لا يغيب عن أمريكا ولا يجب أن يغيب عن الأمة أن حكام المسلمين لا يمثلون أمة الإسلام ولا بشكل من الأشكال، فاستسلامهم ليس استسلام المسلمين وخضوعهم لا يعبر عن موقف الأمة ولا يعكس إرادتها، وإن قبولهم بالحلول والمشاريع الأمريكية في فلسطين وسوريا والمنطقة لا يمثل الأمة بشيء ولا يلزمها إلا برفض هذه الحلول وإفشالها ومقاومة الهيمنة الأمريكية الاستعمارية وإسقاط كل الأنظمة السياسية التي تشكل أدوات أمريكا والغرب في قهر المسلمين وفي هيمنتها على بلادهم، فهم مكروهون ممقوتون مرفوضون من قبل الأمة تلعنهم ويلعنونها، ليس لهم أدنى ولاء أو احترام عند الأمة، كحكام بلاد الحرمين على سبيل المثال لا الحصر الذين غدروا بالأمة منذ نشأتهم كعصابة مرتبطة مدعومة من الإنجليز متمردة على دولة الخلافة العثمانية تعيث في الأرض فسادا قبل أن يصبحوا حكاما لبلاد الحرمين، وبسفكهم لدماء المسلمين وتجويعهم في اليمن وسوريا وتآمرهم القديم المتجدد على القدس والمسجد الأقصى وكل فلسطين، وبخذلانهم وتآمرهم المستمر مع الكافر المستعمر على الأمة وقضاياها، وباغتصابهم للنفط الذي هو ملكية عامة للأمة، وباستعمالهم عوائده في ذبح وتقتيل المسلمين، وبتقديمهم أموال الأمة لعدوة الإسلام والمسلمين أمريكا، وبجعل أنفسهم رأس حربة جديدة سامة لأمريكا في قهر المسلمين وأداة من أدوات تمكينها من إحكام سيطرتها على المنطقة واستهداف ديننا الإسلام الحنيف.
خابت أمريكا وخاب مسعاها وخاب عملاؤها وعبيدها، فالأمة الإسلامية من دون الأمم تكمن فيها عناصر المفاجأة التي تقلب الأوضاعرأسا على عقب، لصالح الإسلام والمسلمين... وما لا تدركه أمريكا وأتباعهاوأشياعها وعبيدها هو أن الصراع مع الأمةالإسلامية محسوم النتيجة لصالح الإسلام والمسلمين والذي سيتوج بإذن الله بخلافة راشدة على منهاج النبوة كما بشر رسول الله e بقوله: «... ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾
بقلم: ممدوح قطيشات
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
رأيك في الموضوع