قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إن بلاده تعتقد أنه يمكن وضع ميناء الحديدة تحت سيطرة جهة ثالثة لم يسمها للسماح بتسليم المساعدات الإنسانية. وأضاف الوزير في جلسة للجنة المخصصات التابعة لمجلس الشيوخ في واشنطن "سيسلم الحوثيون طوعا ذلك الميناء إلى جهة ثالثة... ليس السعوديين ولا الإماراتيين و... سيكون بمقدورنا الدخول".
وكان إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، قد قال في مجلس الأمن في 30 أيار/مايو إنه اقترح أن يجري التفاوض على اتفاق لتفادي الاشتباكات العسكرية في الحديدة بالتوازي مع اتفاق لاستئناف ضخ الرواتب على مستوى البلاد. إلا أن المبعوث أشار إلى أنه لن يلتقي مع الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام المتحالف معهم.
وجاء في بيان مجلس الأمن "هذه المقترحات ستمثل آلية لبناء الثقة بين الأطراف مع السعي لوقف للقتال يمكنه الصمود كخطوة نحو استئناف محادثات السلام تحت قيادة الأمم المتحدة".
طرحت بريطانيا مشروع بيان رئاسي على مجلس الأمن يدعو إلى نشر مراقبين دوليين في موانئ اليمن، خصوصاً الحديدة، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية لأغراض إنسانية، لكن روسيا عطلت صدور البيان حتى الآن بسبب ما يتضمنه من مطالب تنتقد انتهاكات الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي صالح وتفرض عليهم التزامات سياسية.
واعترضت روسيا، وفق مصادر المجلس، على فقرة في مشروع البيان تدعو «الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى وقف إطلاق الصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعودية وتهديد السكان المدنيين». كذلك سعت روسيا إلى شطب فقرات تطلب من تحالف الحوثي-صالح الانخراط في بحث المقترحات الأخيرة التي حملها المبعوث الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في شأن ميناء الحديدة وتسوية مشكلة دفع الرواتب، وهو ما شكل عقبة إضافية أمام صدور البيان.
ويحدد مشروع البيان خريطة طريق لترتيبات جديدة كان اقترحها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ورفض تحالف الحوثي-صالح بحثها، وبينها «نشر آلية مراقبة إضافية للأمم المتحدة في الحديدة ومرافئ أخرى، لتسهيل تدفق البضائع والمساعدات، والمساهمة في تجنب أعمال التهريب للمواد غير المشروعة».
ويدعو مشروع البيان «كل الأطراف إلى الانخراط في شكل بنّاء في بحث مقترحات المبعوث الخاص الأخيرة، لزيادة وصول شحنات البضائع عبر موانئ البحر الأحمر، والترتيبات الجديدة لإدارة ميناء الحديدة». ويعتبر أن هذه المقترحات ستكون بمثابة إجراءات بناء الثقة بين الأطراف، تسهل العودة إلى المحادثات السياسية.
هذا فيما قال بيان نشرته السفارة البريطانية في اليمن بداية شهر أيار/مايو، إن اجتماعاً ضم 20 مسؤولاً من أمريكا والاتحاد الأوروبي مع ثلاثة قادة عسكريين يمنيين، لبحث الأزمة اليمنية، وعملية نزع السلاح من المجموعات المسلحة في اليمن. وأشارت إلى أن الاجتماع عُقد في العاصمة الأردنية عمّان.
وذكر البيان الذي نُشر على صفحة السفارة بموقع التواصل الإلكتروني «فيسبوك»، إن اللقاء بحث «نزع السلاح، والتسريح، وإعادة الإدماج هي عبارة عن جهود دولية تساعد على تسريح الجماعات المسلحة في اليمن وإعادة دمجها في المجتمع». وأشارت إلى أن الهدف من الاجتماع هو مساعدة المقاتلين على أن يكونوا جزءًا من عملية السلام. وقالت إن القادة العسكريين السابقين في الحكومة اليمنية، شاركوا بصفتهم الشخصية، في عَمَّان وذلك في ورشة عمل لدعم نقاشات هذه المجموعة.
وناقش الاجتماع السبُل لتنفيذ برامج المجموعة في اليمن وإنهاء الصراع، ومن ضمن الأشياء الأساسية التي قاموا بمناقشتها، وهي تجنيد الأطفال، ومبادرة تتعلق بمدينة الحديدة، والوضع الإنساني في اليمن.
وبحسب البيان فإن الاجتماع انتهى بجدولة ورش عمل مستقبلية في إسبانيا وبريطانيا ودول التعاون الخليجي ومجموعة الدول الـ18، على أن يكون الاجتماع القادم بتاريخ 17 تموز/يوليو للعام الجاري.
من الواضح أن دولتي الصراع في اليمن أمريكا وبريطانيا لم تتفقا على حل للأزمة بين عملائهما في القريب المنظور، لكن خيوط الحل التي يطرحها ولد الشيخ أحمد ضمن المبادرة الأمريكية لا تزال سارية المفعول، فالطرف الثالث الذي صرح به كيري آنذاك ليتسلم الأسلحة والمدن ها هو يصرح به وزير الخارجية الأمريكية الجديد حيث يسعى لتسليم ميناء الحديدة لطرف ثالث محايد لم يسمه، لكن بيان السفارة البريطانية يشير إلى أن هناك توافقا بين بريطانيا وأمريكا على إعداد شخصيات من الحكومة السابقة - ربما التي كانت قبل فرار هادي - للقيام بدور الطرف المحايد واستلام المدن والأسلحة المتفق عليها وتسريح من يتهم بـ(الإرهاب) من المليشيات وهكذا، حيث سيبدأون من ميناء الحديدة وبدعم الأمم المتحدة لهم، وبعدها تسير بنود مبادرة كيري-ولد الشيخ كما يراد لها مع بعض التعديلات، ويبدو أن بريطانيا ستعول على حزب علي صالح أكثر من جناح هادي الذي يُتهم بعض قياداته من قبل أمريكا بـ(الإرهاب) حسب تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومن الواضح أن الإمارات والسعودية لهما تحفظات من جناح هادي الذي يغلب في مكوناته حزب الإصلاح وبعض السلفيين، ويتوقع أن تستطيع بريطانيا إقناع أمريكا بالاعتماد على حزب المؤتمر وخاصة الموالي لعلي صالح وإشراك الحوثيين معهم وتفكيك جناح هادي مع الوقت تنفيذا لمبادرة كيري وولد الشيخ المعدلة.
إن الصراع الإنجلو أمريكي في اليمن والذي يظهر في الحرب المعلنة عليه داخليا وخارجيا من قبل السعودية ودول التحالف وكذلك من قبل أطراف الصراع المحلية جميعها سواء طرف هادي أو تحالف الحوثيين وعلي صالح، إن هذا الصراع الدولي هو الذي أودى باليمن وأهله إلى ما هم فيه من الصراعات والاقتتال والحروب، حيث أصبح أهل اليمن في جحيم المجاعة والأمراض الفتاكة كالكوليرا في ظل تعطل الخدمات الأساسية وعدم صرف الرواتب، إن هذه الحال لن تحل حلا جذريا إلا بعودة الإسلام ودولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ذلك الإسلام الذي جعل من تلك القبائل الأنصارية المتناحرة خير أمة حين التزمت به وحكمت به ونصرت دعوة الإسلام ورسوله وتركت الصراع الذي كان يغذيه الأعداء بينها، فهل سيعيد أهل الإيمان والحكمة نصرتهم للإسلام من جديد بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة ويقطعون كيد الأعداء الكافرين؟!!
اللهم إني أسالك في هذا الشهر الكريم أن تهدي أهل اليمن لذلك الخير العميم... إنك سميع مجيب
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع