دعا رئيس اليمن الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، الأطراف اليمنية إلى وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وطنية توافقية ومجلس رئاسي من نائبين أحدهما من الشمال والآخر من الجنوب.
ويشارك في أعمال المؤتمر الذي ينظمه معهد "فالداي" للنقاشات نخبة من كبار القادة السياسيين في الشرق الأوسط ووزراء خارجية عرب ورؤساء مراكز معنية برسم السياسات. ومن أبرز المشاركين في المؤتمر، ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي وعلي ناصر محمد والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى وغيرهم من سياسيين وإعلاميين. كما التحق بالمؤتمر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي يزور روسيا منذ مطلع الأسبوع.
هذا والتقى ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي يوم أمس علي ناصر محمد والمبعوث الأممي إلى اليمن لبحث تطورات الأزمة اليمنية. (المشهد اليمني).
ومما جاء في مبادرة علي ناصر محمد قوله: "لقد تقدمت بمبادرة لإنهاء الحرب في اليمن من عدة نقاط نرى أنها ما زالت صالحة تقوم على:
- وقف إطلاق النار
- تشكيل لجان سياسية وعسكرية لمراقبة وقف إطلاق النار.
- تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية من كافة الأطراف بمباركة إقليمية ودولية لفترة انتقالية يتفق بشأنها بين القوى السياسية.
- تسليم السلاح من كل أطراف الصراع لوزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية.
- تشكيل مجلس رئاسي بنائبين للرئيس، أحدهما من الجنوب والآخر من الشمال.
- إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بإشراف دولي.
- تبني النظام الفدرالي من إقليمين (إقليم شمالي) و(إقليم جنوبي)."
وكان علي ناصر قد قال أيضا في كلمته: "جئتكم من المنطقة التي اصطلح العالم عليها بالشرق الأوسط الذي كان ولا يزال مسرحاً للصراعات المحلية والإقليمية والدولية، والتي لا تزال تلقي بظلالها على ماضي وحاضر ومستقبل هذه المنطقة".
هذا فيما قال السفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر، إن نهج الحكومة الأمريكية ما يزال يسير وفق رؤية الإدارة الأمريكية السابقة، في سبيل الوصول إلى حل للصراع في اليمن كما هو وإن موقفها لم يتغير. وأشار تولر إلى أن إدارة ترامب تتمسك بخطة وزير الخارجية السابق جون كيري السابقة لليمن، التي تحفظت عليها الحكومة اليمنية بسبب أنها «لا تتوافق مع المرجعيات الثلاث». وجاءت تصريحات تولر لصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، بعد تطمينات ساقها مسؤولون يمنيون من بينهم سفير اليمن لدى واشنطن أحمد عوض بن مبارك وممثل اليمن لدى الأمم المتحدة خالد اليماني، عن تغيير كبير في رؤية إدارة ترامب للملف اليمني. وأضاف تولر أن هدف واشنطن يتمثل في «العمل مع الشركاء الدوليين لإحلال السلام والرخاء والأمن في اليمن وندعم بشكل كامل الجهود التي يبذلها حاليا المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن "إسماعيل ولد الشيخ أحمد" لإنهاء حالة العداء والاقتتال الدائر هناك والعودة بالأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات في أسرع وقت ممكن». وتابع «ما من خيار لحل عسكري متاح أمام أي من الأطراف المتنازعة "والحل الوحيد يتأتى من مفاوضات السلام الشامل" وهو ما يتطلب حلولا وسطا من جميع الأطراف، هناك إجراءات سياسية وأمنية في هذا الإطار يتعين على طرفي الصراع قبولها والالتزام بها إن أرادا حقا رؤية السلام الدائم يعم اليمن».
إنه من الواضح أن المبادرة التي يطرحها علي ناصر محمد هي مبادرة أمريكية للضغط على هادي وحكومته للقبول بها لتخضع للمبادرة الأمريكية الأصلية التي طرحها جون كيري سابقا حيث رفضها هادي وحكومته وضغطوا عسكريا واقتصاديا لتحقيق مكاسب على الأرض من خلال تهديدهم بالحسم العسكري وفتح الجبهات بزخم أكبر وخاصة الحرب في السواحل وخنق الحوثيين، فالمبادرة تقضي بإيقاف الحرب وتشكيل حكومة توافقية يتم تسليم السلاح لها ومجلس رئاسي من نائبين شمالي وجنوبي!! وتتبنى دولة اتحادية من إقليمين وهو ما تسعى له أمريكا!، إلا أن بريطانيا عن طريق الإمارات تسعى لتطويق الجنوب وجعله مزرعة لها فتغرس نفوذها فيه غرسا لتكون ورقة الإقليمين أو الانفصال - في حال نجحت ضغوط أمريكا باتجاه ذلك - في يدها فتخرج بالنصيب الأكبر من الكعكة، خاصة إن تبنت روسيا هذه المبادرة الأمريكية وقامت بالدور الذي يطالبها به علي ناصر محمد في خدمة المصالح الأمريكية بحجة الشراكة.
من خلال تصريحات السفير الأمريكي يتضح أن أمريكا ما زالت متمسكة بمبادرة جون كيري، أما الصراع الدولي الذي أكده علي ناصر محمد فهو محتدم بين أطراف تحالف عاصفة الحزم نفسها فالإمارات عميلة الإنجليز تسعى للاستئثار بالجزر والموانئ والمطارات والثروات في الجنوب وتضغط على هادي لقبول ذلك، بينما تقوم السعودية عميلة أمريكا - مع قوات سودانية - بالضغط على هادي لإفشال مشروع الإمارات وهذا ما يحرج هادي أمام السعودية حيث جاءت عاصفة الحزم لتعيد شرعيته في الظاهر مع أن أهدافها غير ذلك كما قلنا في مقالات سابقة في هذا المنبر.
في حين إن طرف الحوثيين وعلي صالح أو ما يسمى بطرف الانقلابيين يعيش على حذر من بعضه البعض ويسعى للاستفادة من الخلاف الحاصل في الجنوب بين السعودية والإمارات، ولا يزال علي صالح مُصرا على أن تحاوره السعودية حيث ترفض الحوار معه ويحشد للجبهات في الحدود معها للضغط عليها لتستجيب، وهو ما تستغله الإمارات وتعمل عليه حيث تعمل لإعادة تدوير جناح علي صالح في الحكم خاصة مع اعتماد جناح هادي على حزب الإصلاح المحسوب على الإخوان المسلمين حيث تعتبرهم خصما غير مقبول وإرهابا لا يعتمد عليه.
إن الصراع الدولي في اليمن والذي لا ينكره المتصارعون أنفسهم هو سبب الداء والشقاء ولن تعود اليمن سعيدة إلا بأن تعود لإيمانها وحكمتها فتزيل النظام الفاسد وتضع بدله حكم الإسلام ونظامه في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي يجب العمل لإقامتها فوراً، فهي وحدها التي تقطع يد الأجنبي وتدخلاته وتزيل عملاءه عن بلادنا وحينها فقط يمكن لليمن أن تنهض نهضة صحيحة وتنعم بخيراتها وموقعها الاستراتيجي، ولذلك فليعمل العاملون وليتنافس المتنافسون.
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
رأيك في الموضوع