(مترجم)
في الوضع الذي اشتعلت فيه نيران الحرب في كل ركن من أفغانستان: حيث يتم يومياً استهداف المدنيين، وإصابة وقتل وتشريد آلاف الناس نتيجة للغارات بطائرات بدون طيار، والقصف بـ B52، وإطلاق قذائف كروز، وهمجية قوات الأمن الوطنية الأفغانية، والمليشيات غير الشرعية، والمرتزقة المستعمرين والشركات الأمنية، وعلى الرغم من هذه الحالات المأساوية وغير الإنسانية، فقد انخرط القادة غير الشرعيين من "حكومة الوحدة الوطنية" في فوارق عميقة حول توزيع السلطة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية.
وبالرغم من ذلك، فإن الناطقين باسم الحكومة الأمريكية لم يعتبروا هذه الفوارق خطيرة جداً! إن هذا الجدل بين الاثنين ليس بجديد، في الواقع، لقد استمر منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي تم التأكيد عمداً على أنه تم التلاعب بها، ولقد تشاجر كلاهما على هذا لمدة ستة أشهر، حتى تدخل جون كيري وحل المسألة على النحو التالي: سيحصل كلا الجانبين على توزيع متساو للسلطة، وسيتم إصلاح النظام الانتخابي، وسيتم تعديل الدستور والإصلاح من خلال اللويا جيرغا (المجلس الأعلى التقليدي) لتعيين منصب الرئيس التنفيذي رئيساً للوزراء في النظام السياسي، وإصدار بطاقة الهوية الإلكترونية.
إن النزاع بين الرئيس الأفغاني أشرف غاني ورئيس الهيئة التنفيذية في أفغانستان عبد الله عبد الله على شهوة السلطة خلال اضطرابات البلاد يكشف مرة أخرى قذارة وجهيهما وأنهما لن يقلقا من أجل سعادة هذه الأمة التي مزقتها الحرب. وبدلاً من ذلك، فإنهما لن يدخرا لحظة واحدة في خدمة مصالح أسيادهما الاستعمارية كأولوية قصوى، ثم الانحياز لمصالحهما الشخصية ثم الحزبية ثم مصالح المنطقة ثم العرق ثم اللغة على التوالي.
رفع الدكتور عبد الله صوته عندما سمع عن إقصاء عطا محمد نور، زعيم حزب الجماعة الإسلامية والوالي المؤقت لمحافظة بلخ. لقد استقبل الدكتور عبد الله اتصالاً هاتفياً من عطا محمد نور لكنه نفى إبلاغه بموضوع الإقصاء، وحاول في الوقت نفسه مكالمة أشرف غاني للتحقق من هذه المسألة، إلا أنه لم يستجب لمكالمته. في نهاية المطاف، اتهم عطا محمد نور الدكتور عبد الله لعدم حصوله على 50% من السلطة أو الدور في الحكومة، وعدم إدراك القرارات في القصر الرئاسي.
من الواضح للجميع أنه لولا تأييد حزب الجماعة الإسلامية للدكتور عبد الله خلال الانتخابات ولولا دعم الحزب له اليوم، لما كانت له أية قوة على الأرض. ومن الناحية السياسية، فإن دعم حزب الحركة الإسلامية هو أمر ضروري من أجل استمرار الدكتور عبد الله سياسيا. لذلك، فقد وقع الدكتور عبد الله تحت ضغط من الشخصيات السياسية المختلفة ومن حزبه أيضاً ورفع صوته ضد أشرف غاني بمثل هذه الكلمات: "إن من لا يملك الصبر والنزاهة للمناقشة، لا يستحق الرئاسة". وعلاوة على ذلك، فقد اتهما بعضهما بوجود صلة وإعطاء عقود لجماعات المافيا الدولية.
حتى في وقت سابق قبل هذا، وخلال التحالف الشمالي، فقد اعتبره الدكتور عبد الله بأنه شخص يتبع مصالحه الخاصة ولا يهتم بالرأي المحترم للقادة الجهاديين. حتى إنه اعتبره شخصاً صاحب أفكار علمانية ويستخدم كل فرصة متاحة لتحويلها إلى مصلحته الخاصة.
هذه المرة، لقد استغل الدكتور عبد الله الفرصة والموارد المتاحة، حيث إنه لمس استياءً شديداً من أنصار حزب الجماعة الإسلامية. لقد كان مستمتعاً بالوضع الذي حصل عليه وبالموارد المادية العالية، حتى إن هناك احتمالاً بأنه كان على اتفاق سري مع أشرف غاني، لأن أشرف غاني بالتنسيق مع أمريكا والمجتمع الدولي، قد أبطل كل السبل والجهود الواحدة تلو الأخرى والتي سوف يتم فيها بعد عامين استدعاء المجلس الأعلى ليقوم بتعديل الدستور لتعيين منصب رئيس الوزراء في النظام السياسي للبلاد. وقام بتأجيل توزيع بطاقات الهوية الإلكترونية بسبب رد فعل الناس حول ما إذا كان سيكتب الدين والوطن، واستخدم البرلمان (مجلس النواب الذي يعمل بعد الموعد النهائي الشرعي) لرفض عدة مراسيم له بشأن الإصلاحات الانتخابية، وقام بتأجيل الانتخابات البرلمانية عمداً حتى يقوم البرلمان الموجود بالاستمرار في العمل بشكل غير قانوني. وأسند مسؤوليات وزراء فريق الدكتور عبد الله إلى الرئاسة، إلى درجة أنه كلف العلاقات المجاورة والبلدان الإقليمية إلى حنيف أتمار، رأسه في مجلس الأمن، وهو نفسه من يحافظ على جميع العلاقات مع أمريكا والمجتمع الدولي، حيث إن وزير الخارجية هو مجرد ألعوبة لا يمتلك أية سلطة. وبما يتعلق بتوزيع السلطة، كان هو نفسه من يشغل ويطلق النار، حتى على مستوى الإدارة، وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، لم يعط الحق للدكتور عبد الله بتقديم المشورة في قضايا التوظيف. كانت هذه هي الأحداث التي أسفرت عن معاناة الدكتور عبد الله في صمت تام في العامين الماضيين. وازداد ارتياب وتشكيك قادة حزب الجماعة الإسلامية به، وازداد الأمر سوءاً عندما تراجع تأييد الجماعة الإسلامية له تدريجياً. وحتى يثبت وجوده، قام برفع صوته ويصر على موقفه حتى ينفذ اتفاقية جون كيري تماماً.
منذ غزو أفغانستان، ركزت أمريكا على طرد القادة الجهاديين غير السياسيين من منصة السياسة بعد استغلالهم، ومحاولة استبدالهم مع التكنوقراط الغربيين: فقد تم إنهاء المرحلة الأولى من هذه العملية خلال فترة كرزاي. لمعرفة المزيد من مثل هذه التفاصيل يمكن الرجوع لكتاب زلماي خليل زاد "المبعوث". وتستمر المرحلة الثانية منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث يتم طرد الجهاديين باستمرار بعد استغلالهم خدمة للمصالح الاستعمارية.
يجب على الدكتور عبد الله أن يعتبر من مصير الجهاديين الآخرين، ويستخدم الفرص المتاحة لفضح أهداف الكفار واستراتيجياتهم وهمجيتهم المستمرة، وعليه مساندة الأمة الإسلامية في كفاحها لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ سبيل نهضة هذه الأمة؛ حيث يقبل الله توبته في الدنيا ويحقق له السعادة في الآخرة.
رأيك في الموضوع