في العاشر من تموز 2015م، تم الإعلان في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)في المدينة الروسية (أوفا) عن العضوية الكاملة للهند وباكستان رسميًا في المنظمة. ومنظمة شنغهاي للتعاون تضم أيضا دول آسيا الوسطى، مثل كازاخستان، وأوزبيكستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وتعتبر منبرًا لموسكو وبكين لتعزيز نفوذهما في المنطقة. وبضم إيران أيضًا للمنظمة، كما هو منتظر، ستكون المنظمة مسيطرة على نحو خمس إنتاج العالم من النفط، وعلى مناطق يسكنها ما يقرب من نصف سكان العالم.
إن جاذبية الطاقة الرخيصة بالتوازي مع إمكانية الوصول إلى أسواق دول آسيا الوسطى والتعزيزات الأمنية التي تقدمها روسيا والصين تعطي كلاًّ من نيودلهي وإسلام آباد دفعة إلى الأمام للقيام بأعمال تجارية مع دول أعضاء المنظمة، والحصول على موطئ قدم في المنطقة. وقال رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي: "لقد حان الوقت للوصول إلى جميع أنحاء المنطقة... لدينا كل ما نحتاجه لتحقيق النجاح".
إنّ المنظمة بالنسبة لبكين وموسكو هي جزء من خطة واسعة النطاق لتحدي إحدى المناطق التي توليها الولايات المتحدة أهمية كبيرة في العالم. وقد ورد ذلك في بيان صادر عن المنظمة: "إن تطور منظمة شنغهاي للتعاون يجري في مرحلة معقدة في ظل تطور العلاقات الدولية، ووسط بروز عالم متعدد الأقطاب، ويرافقه زيادة التحديات والتهديدات الأمنية، وعدم الاستقرار والوضوح في مناطق مختلفة من العالم". وتشتمل الخطة على عناصر أخرى، منها تعزيز الروابط الاقتصادية بين بلدان البريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا) بهدف التنافس مع منظمات التجارة المؤيدة للولايات المتحدة، مثل منظمة (الآسيان) وغيرها، وكذلك التحايل على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا. وفي قمة بريكس الأخيرة، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "إن منظمة بريكس ترسّخ لنظام علاقات دولية جديد متعدد القطبية، وهو ما يدل على تزايد نفوذ مراكز جديدة للقوة في العالم".
كما أن (بنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوية) الذي أنشأته الصين، والذي يهدف إلى تقويض نفوذ أمريكا في العالم من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قامت 57 دولة بالتوقيع على الانضمام له، بما فيها الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. وقد أعلن مجلس الأمن القومي الأمريكي عن انزعاجه من نمو البنك السريع وانضمام دول عديدة إليه، بقوله: "إن المجتمع الدولي قلق من نمو (بنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوية) ومن عمله بشكل فعّال مع البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي".
وفي ظل هذه المعطيات، فإن ضم الهند وباكستان إلى منظمة شنغهاي للتعاون يجب أن يُفهم على أن كلاًّ من روسيا والصين تعتقدان أنه من خلال انضمام هاتين الدولتين النوويتين لهذه المنظمة يمكن تحقيق الأهداف التالية:
أ- المنافسة بشكل فعّال مع أمريكا من أجل السيطرة على أوراسيا، والهيمنة على العالم فيما بعد.
ب- تحييد خطر الأسلحة النووية، وتقويض خطة أمريكا لاستعمال الهند وباكستان كدول مواجهة في حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.
ج- السيطرة على الموارد الطبيعية في العالم الإسلامي، والتي تشمل النفط والغاز والفحم.
د- الهيمنة على جميع طرق العبور للطاقة، فضلًا عن الطرق التجارية، مثل مشروع طريق الحرير الجديد الذي تسعى الصين إلى تدشينه.
هـ- وأخيرًا، والأهم من ذلك كله، السيطرة على المسلمين في المنطقة، والحد من الجهود المخلصة العاملة لإعادة إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
إنه بالرغم من خلافات الولايات المتحدة مع روسيا والصين، إلا أن الولايات المتحدة لا ترى بأسًا في انضمام باكستان والهند للمنظمة، وذلك لأن لديها موالين في كلا البلدين، وهذا يوفر لأمريكا فرصًا عديدة لإفشال أية طموحات لدى المنظمة في الحدّ من نفوذ واشنطن. ومع ذلك، فإن بكين وموسكو واثقتان من أن إسلام آباد والهند يمكن كسبهما؛ للحدّ من نفوذ الولايات المتحدة في أوراسيا.
إنه لأمر محزن أن نرى القوى الأجنبية تعبث في مصير المسلمين في آسيا الوسطى وفي شبه القارة الهندية كما لو كانت حديقتها التي تلهو فيها، وبعد أن حكم المسلمون هذه المنطقة لقرون، يجدون الآن أنفسهم تحت رحمة صراع على النفوذ بين القوى العالمية الكبرى.
يمكن تغيير هذا بسهولة، والمطلوب من المسلمين في المنطقة هو إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فدولة الخلافة على منهاج النبوة التي تكون مزودة بأسلحة نووية يمكنها السيطرة على الطاقة الوفيرة في المنطقة وعلى طرق العبور، مما يجعلها دولة عظمى في وقت قصير، وحينها ستصبح الصين وروسيا وأمريكا على هامش التاريخ، وسيصبح المسلمون قادة القرن الواحد والعشرين، والمتحكمين الجدد في شئون العالم بما يرضي ساكن السماء وساكن الأرض.
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾
بقلم: عبد المجيد بهاتي - باكستان
رأيك في الموضوع