لقد بشَّر الله تعالى عباده المؤمنين بالنصر والتمكين إن هم التزموا أوامره وحققوا شروطه للنصر، وهذه البشريات جلية وواضحة منها ما جاءت به النصوص الشرعية ومنها ما أكدته الوقائع والأحداث خاصة في هذا الزمان الذي نعيشه كثيرة:
من بشريات الوحي لأمة الإسلام بالنصر والتمكين:
1- الوعد بعلو المكانة والظفر على الأعداء، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾. فهذه تطمين وتثبيت من الله تعالى لعباده المؤمنين، أنهم منصورون مهما طال الزمن أو قصر، وأنه معهم بالنصر والتأييد، وحذرهم من الخضوع والذلة والاستسلام للأعداء، قال تعالى: ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾. قال الإمام ابن كثير: في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾. "فيه بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء".
2- أكد الله تعالى للمسلمين أن دينهم سيعلو على كافة الأديان في هذا العالم، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
3- بشرى النبِّي ﷺ للأمة بأن دينها سيبلغ ما بلغ الليل والنهار
روى مسلم عن أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».
4- وعد الله لعباده بالاستخلاف والتمكين والأمن
وهذا الوعد قد تحقق للمسلمين وسيظل الوعد متحققاً طالما أن المسلمين ملتزمون بنهج الله وبالتقيد بأمره ونهيه، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
5- وفي الآيات ذاتها طمأن الله تعالى المسلمين، بأن الكفار غير معجزين في الأرض مهما بلغت قوتهم، قال تعالى: ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
6- من ينصر الله فإن اللهَ ناصرُه: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
7- حملة الدعوة العاملون لنصرة دين الله سبحانه لا يضرهم خذلان المتخاذلين
عن مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ». صحيح البخاري. وفي رواية مسلم عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ».
8- بشرى فتوحات الإسلام في مدن في بلاد الكفر لم يصلها الفتح الإسلامي حتى اليوم
عن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، قال: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً» يَعْنِى قُسْطَنْطِينِيَّةَ. رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره.. ولم تفتح رومية (روما) حتى اليوم.
وبشريات الواقع كثيرة منها:
1- انكشاف الأقنعة وتمايز الصفوف وأصبح أهل الحق وحملته معروفين يشار إليهم بالبنان:
فقد تميز الحق وأهله، عن الباطل وشيعته، وهذا عينه الذي صرحت به الآيات. قال تعالى: ﴿مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾. فاستأسد دعاة العلمانية والحريات الغربية، فظهرت إلى العلن الجماعات الإلحادية والمنظمات النسوية ففتحت لهم وسائل الإعلام فأصبحوا يتقيأون حقدهم على الإسلام، والأمة تراقب وتميز والله يفضح ويركم هذا الباطل.
2- تصريحات قادة الدول الاستعمارية ضد الإسلام أيقظت الأمة وكشفت حقيقة الحرب ضد الإسلام.
3- انهيار حاجز الخوف من بطش الحكام وأجهزة أمنهم في البلاد الإسلامية:
ضرب شباب الأمة الإسلامية أروع الأمثلة في الثبات أمام البطش خلال ثورات الربيع العربي، بغض النظر عن حرفها على يد الكفار والحكام والسياسيين لغير الوجهة الصحيحة التي تحقق التغيير الجذري.
4- كشف عمالة حكام البلاد الإسلامية وفضح مؤامراتهم ضد الأمة:
خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإلكتروني التي استفاد منها حملة الدعوة العاملون لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة حتى أصبح من الصعب على الحكام وأعوانهم تلوين الحقائق وتضليل الناس.
5- العلماء بين الثبات على الحق، أو السقوط
ابتُلي كثير من العلماء خلال حرب الدول الاستعمارية على الإسلام وأهله، بالوقوف مع أعوانهم من حكام المسلمين؛ فقد أصبح التميز واضحاً بين علماء الأنظمة، وبين العلماء الربانيين الذين نسأل الله سبحانه لنا ولهم الثبات.
6- فشل النظام الديمقراطي العلماني عن تقديم معالجات وحلول لمشاكل البشرية والأمثلة كثيرة
7- عجز الوطنية كفكرة وحكوماتها عن الحفاظ على البلاد وعن رعاية شؤون العباد:
فها هم الوطنيون في السودان حكومة ومعارضة قد بصموا بالعشرة على فصل الجنوب وتمزيق بلادهم
8- فشل حركات ما يُسمى بالإسلام المعتدل التي تؤمن باللعبة الديمقراطية:
أخفقت في تقديم معالجات لمشاكل الناس، وقدمت للمسلمين إسلاماً مشوهاً يرضى بأحكام الكفر، يحابي الغرب، ويداهن الظالمين، كما في حكم البشير والحركة الإسلامية في السودان، وحركة النهضة في تونس، وحركة حماس في قطاع غزة والإخوان في مصر...إلخ.
9- أشواق المسلمين لتطبيق الإسلام: ظهر ذلك في رفع شعارات الإسلام من الشباب المسلم في ثورات الربيع العربي.
10- من البشريات الإحساس بوحدة الأمة ووحدة قضاياها:
فقد ثارت الأمة ضد الظلم الذي صنعته الأنظمة الوطنية صنيعة المستعمر بعد هدم الخلافة، كما في تونس ومصر وليبيا واليمن والشام والسودان والمغرب والجزائر...إلخ، وإن شاء الله سيظل غليان الأمة حتى يكرمها الله سبحانه بدولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
يتبع...
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع