قالت شركة "إعمار" في بيان لها أنها ليست طرفاً في عملية تطوير مشروع العاصمة الجديدة في مصر.وأضافت أن الشركة التي ستتولى المشروع هي شركة كابيتال سيتي برتنرز، وأنها لا توجد لديها أي علاقة مع هذه الشركة، لتنفي بذلك تقارير إعلامية مصرية وإماراتية أفادت بمشاركتها في تنفيذ المشروع.ومن المتوقع أن يستغرق مشروع العاصمة الجديدة في مصر 7 سنوات تبلغ تكلفة المرحلة الأولى منه 45 مليار دولار.
ومن الملاحظ أن المؤيدين للمشروع يرون فيه مستقبلا مشرقا لمصر، وإياك ثم إياك أن تشكك فيه أو أن توجه سهام الانتقاد له، بينما يصفه المعارضون بأنه "مشروع كفتة جديد"، في إشارة إلى "اختراع الكفتة"، الذي تم الإعلان عنه لعلاج فيروس "سي"، والذي لم يظهر للنور حتى الآن، ويبدو أن النظام لم يمل من تكرار الإعلان عن مشاريع كبيرة يستدر بها رضا المصريين وتأييدهم له، مثل مشروع علاج فيروس "سي" الذي يعاني منه الكثير من أبناء الشعب المصري، أو مشروع المليون وحدة سكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل، والذي لم تُنفذ منه وحدة سكنية واحدة حتى الآن، وكذا مشروع قناة السويس البديلة، واستصلاح 4 مليون فدان الذي توقف الحديث عنه بعدما حقق أهدافه الدعائية. ومن الغريب أن يتم الإعلان عن مشروع العاصمة الجديدة هذا والذي سيكلف مصر مبالغ طائلة، بينما "خزينة الدولة فارغة"، ولا يسمع الناس سوى كلمة "مفيش" أو جملة "هاتكلوا مصر يعني". والأغرب من ذلك أن يقول وزير الإسكان أن العاصمة الإدارية الجديدة لن تكلف الدولة «مليمًا واحدًا». وهذا كلام عام للاستهلاك، لم يحدد فيه السيد الوزير وجوه الإنفاق وهو أمر غير مقبول، فهل سيقوم القطاع الخاص والشركات الأجنبية ببنائها لوجه الله؟!، أم أن الدولة سَتُلَزِّم بناءها أيضا لتلك الشركات بحق الانتفاع 50 عاما ومنح المستثمر الأرض بجنيه واحد للمتر، وكأنه مشروع استثماري يتعلق ببناء مصنع أو وحدات سكنية؟!
يتضمن المشروع المعلن عنه نقل مباني الحكومة والبرلمان والرئاسة والهيئات الدبلوماسية إلى المدينة الجديدة، وإنشاء وحدات سكنية وناطحات سحاب، فضلاً عن مصانع ومدينة ترفيهية، ويستغرق تنفيذه من خمس إلى سبع سنوات، وهي فترة قصيرة جدا وقد أشارت مجلة "فايس نيوز" الكندية إلى أن "مدة 12 عاما قد تكون أكثر واقعية لاستكمال العاصمة". وحسب تصريح وزير الإسكان المصري، فالمدينة التي ستقع شرقي القاهرة على بعد نحو 50 كيلومترا، ستوفر 1.7 مليون فرصة عمل دائمة. وبدوره أكد رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب ضرورة التفكير في العاصمة الإدارية الجديدة بسبب وضع القاهرة الحالي، "فالنظرة للمستقبل تؤكد ضرورة خلق عاصمة جديدة في ظل اختناق القاهرة المتكدسة"، وفق قوله. وهو ما يُعدّ هروباً إلى الأمام من الحكومة التي يبدو أنها عاجزة عن معالجة مشكلات العاصمة القديمة.
وقد اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأربعاء 18 آذار/مارس، بعدد من قيادات القوات المسلحة، للوقوف على الاستخدامات الحالية للقوات المسلحة على أجزاء من الأراضي المخصصة لإقامة العاصمة الإدارية الجديدة. وذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، "أن الرئيس أمر بضرورة اتخاذ إجراءات إخلاء المساحة المخصصة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك تمهيداً للمضي قدماً في تنفيذ المشروع، والمستغرب أن يغيب كل من القائد العام للجيش ورئيس الأركان عن هذا الاجتماع، الذى يتناول إعادة رسم خريطة انتشار القوات المسلحة وخطط حماية العاصمة، فالمسافة التى تفصل بين خط الجبهة وبين العاصمة لا يجوز أبداً أن تخلو من وجود خطوط دفاعية تحمي العاصمة". وكأن تحديد مواقع تمركز القوات المسلحة هو مسؤولية الرئيس.
نريدأن نعلم ما هي الفائدة من نقل الوزارات والهيئات إلى العاصمة الإدارية الجديدة؟ وما هو المكسب وراء ذلك؟ إن الغرض يجب ألا يكون خدمة الطبقات المترفة الذين يمتلكون فللاً ووحدات سكنية ضخمة في المدن الجديدة، بل على العكس يجب أن يكون الهدف هو خدمة أبناء الطبقة المتوسطة الذين يعانون من أزمة البطالة، والتي لم تفكر الدولة بشكل جدي في حلها، كما لم تضع الدولة حلولا عملية للمشكلات المزمنة التي تعاني منها القاهرة كالازدحام والتلوث والعشوائيات والتكدس السكاني، وذهبت بعيدا لتفكر في بناء عاصمة جديدة وكأنها تريد إهالة التراب على كل ما هو قديم لتبدأ من جديد.
إن ما يحتاجه أهل مصر هو نظام حقيقي ينبع من عقيدة الأمة وهو نظامالخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة الذي يهتم بالإنسان كإنسان قبل أن يهتم بالحجر، يعالج مشكلاته العلاج الناجع، يقوم نظامه الاقتصادي على ضمان إشباع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فردا فردا إشباعا كليا، ويضمن تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع، فمن أهم مسؤوليات الدولة عن الرعية ضمان إشباع الحاجات الأساسية لهم... وإن من مسؤولية الدولة توفير النفقة للفقير، لقوله r: «ومن ترك ضياعاً فإلينا وعلينا» أي على الدولة، ولقوله r: «الإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته». فهل قامت الدولة بتولي مسؤوليتها تجاه رعيتها؟ أم أنها تمن عليهم كل يوم أنها وفرت لهم رغيف خبز مدعوم وبعض المواد التموينية، وتخلت عن التزامها بتوفير فرص عمل حقيقية للشباب، إذ يواجه سوق العمل المصري كارثة كل عام ويجد نفسه أمام أكثر من 800 ألف شاب من الخريجين لا يعلمون مستقبل عملهم أو فرص حصولهم على وظيفة تؤمن هذا المستقبل. ولذلك سيظل هذا التساؤل مشروعا: هل مشروعالعاصمة المصرية الجديدة: حل لمشكلات... أم ذهاب إلى مشكلات جديدة؟!
رأيك في الموضوع