تحتفل البلاد العربية في تواريخ متباينة بمناسبة "الاستقلال" عن الاحتلال الغربي الذي طال جميع بلاد المسلمين بعد هدم الخلافة العثمانية عام 1924م. خرجت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا من البلاد الإسلامية بعساكرها وتركت بدلاً منها نواطير، يحتفلون كل عام باستقلال موهوم مزعوم كاذب. تونس مثال واضح على هذه الدول، وهي من إحدى الدول التي كانت ولا تزال مَخبراً يجرب فيه المستعمر أفكاره وقيمه التي يريد تمريرها لبلاد المسلمين.
بعد ثورات الربيع العربي أجلب الغرب بخيله ورجله، وحرَّك نواطيره لمحاولة إخماد صوت الأمة. ضجة عارمة في كل بلاد المسلمين، وهجمة شرسة غير مسبوقة يشنها أتباع الغرب من العلمانيين العرب، والحركات النسوية والحقوقية مع الأنظمة التي سخرت كل مقدراتها من المال والإعلام على الأحكام الشرعية، خاصة ما تعلق منها بنظام الحكم، والنظام الاجتماعي. فأينما وليت وجهك ترى هجوماً على حكم شرعي... نعيق وزعيق ينفث سمَّاً زعافاً... وكل ذلك تحت ستار رفع المهانة عن المرأة!!
كتبت سعيدة قراش الناطقة باسم رئاسة الجمهورية في تونس، بعد قرار إلغاء قانون منع زواج المسلمة من غير المسلم، تقول: "مبروك لنساء تونس تكريس حق حرية اختيار القرين".. ومؤخراً أعلنت رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة لدى رئاسة الجمهورية التونسية، بشرى بلحاج حميدة أن اللجنة بدأت في عرض مقترح قانون يتضمن جعل رئاسة العائلة مشتركة بين الأب والأم، وإلغاء المهر في الزواج، حيث رأت فيه إهانة للمرأة.
تقف الأمة مشدوهة من هذه الهجمة الشعواء، التي يشيد بها الغرب وينفذها أجناده في بلادنا. ما الدَّاعي لكل هذه الهجمات على أمة مكبلة أصلاً تترنح على مذابح أعدائها في كل مكان، وهي على الساحة الدولية ضائعة مذهولة؟ لكنَّ المتفكر المتبصر، يدرك أن هذه الضجة هي للتغطية على حركة كبرى كادت تطيح بالقيم التي يدافع عنها هؤلاء الناعقون. فالمبدأ الفيزيائي البسيط: "لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومضادة له في الاتجاه" ينطبق على الأمم والشعوب. هذه الهجمة تؤكد أن ثمة حراكاً في الأمة، قوياً لدرجة أن الغرب يخشاه ويردُّ عليه بحركة قوية تشابه حركة الذبيح قبل لفظ أنفاسه الأخيرة! لذلك، وقد عرف السبب فقد بطل العجب.
لله در القائل: وكـلٌ بليلى يدَّعـي الوصـل وحـدَه *** وقد بَـرِئت مِن ذي الغـرام المُكـذَّب
فقد رسم صورة مفصلة، عن حفدة بورقيبة. يزعمون الدفاع عن المرأة، لكنَّ أعينهم لم تر الظلم الواقع على نساء تونس في ظل الرأسمالية، بل اختاروا - والحقد يملؤهم - أحكام الإسلام ليهاجموها. لماذا لا يذكرون نساء البلاستيك اللاتي يمضين كل النهار محنيات الظهور في عمل مهين وقد بلغن من العمر عتيَّاً؟ لماذا لا يتم الحديث عن 87 ألف معينة منزلية من بينهن 17.8 بالمائة قاصرات؟! [جمعية النساء التونسيات من أجل التنمية في دراسة أجرتها سنة 2016]
إن أمة الإسلام الكريمة ذات الأصل المعروف ومنها أهل تونس، برجالها ونسائها الشرفاء لن تركع وقد أقسمت أن تظل تعمل حتى تحرير البلاد والعباد من حكم الاستعمار. أمثال بشرى حميدة وغيرها من أصحاب الفكر الغربي العفن لن يكون لهم مكان في تاريخ هذه الأمة إلا في المزابل.
فيا أمة الإسلام: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾.
بقلم: الأخت بيان جمال
رأيك في الموضوع