من مهد الثورة في حوران... من المسجد العمري في درعا البلد، ومع بدايات السنة السابعة لثورة الشام المباركة انطلقت معركة حوران معركة "الموت ولا المذلة" ردا على تجاوزات النظام المتكررة بحق المدنيين العزل، حاملة شعار لطالما صدحت به حناجر أهل الشام "الموت ولا المذلة" فأحيت النفوس من جديد ليس في حوران فحسب بل في كل منطقة وفي كل بقعة من أرض الشام المباركة، وجددت الأمل رغم كل الكيد والتآمر الداخلي والإقليمي والدولي بأن إسقاط النظام وبلوغ الثورة هدفها لا يحتاج منا إلا إلى صدق وإرادة وعزيمة لتكون هذه المعركة رسالة من الرسائل لأهل حوران خاصة ولأهل الشام عامة ولكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بأن نصر الله قريب من عباده المؤمنين الصادقين مهما كانت قوة الباطل ومهما كثرت وانتفشت وتعاظمت وامتلكت من أسلحة فتاكة فإنها لا شيء أمام من آمن وعمل صالحا وصبر، يقول تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
نعم ها هو النصر يسطر على أيدي مجاهدي وأبطال حوران بفضل من الله ونعمة بعد أن استجابوا لنداءات الله عز وجل وتركوا ما نهاهم عنه فاعتصموا بحبل الله وشكلوا غرفة عمليات واحدة حملت اسم "البنيان المرصوص" والتي كان لها من اسمها نصيب واقعاً وفعلاً في هذه المعركة وألغوا كافة المسميات الفصائلية، كما أنهم قطعوا العلاقات مع الدول الظالمة المجرمة والمتآمرة على ثورة الشام المباركة ورموا وراء ظهورهم الغرف المخابراتية السوداء (الموك والموم) التي ما شكلت إلا للكيد بالثورة وأهلها بحجة صداقتهم ودعمهم للشعب السوري وهو منهم براء، كما رفضوا أيضا كل مال مسيس قذر، ومستجيبين أيضا لدماء الشهداء الذين يسقطون كل يوم بالعشرات أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، وملبين نداءات الحرائر وصرخات الثكالى، ولنصرة المستضعفين من أهل الشام الذين تآمر عليهم القاصي والداني لمجرد أنهم قالوا ربنا الله و"لن نركع إلا لله" و"ما لنا غيرك يا الله"...
من مهد الثورة في حوران تلوح ملامح الطريق الصحيح والمسار القويم الذي ينبغي على فصائل ثورة الشام أن تسير فيه نحو نصرة أهلهم وثورتهم في إسقاط نظام الأسد في عقر داره بدمشق وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه، فلا مستحيل عندما نلجأ إلى الله ربنا فهو الناصر وهو المعين، ولا صعب عندما يكون الاعتصام بحبل الله المتين والاستجابة لأوامر الله واجتناب نواهيه هي المرتكزات التي نصنع من خلالها نصرنا الذي وعد الله به عباده المؤمنين المحسنين. يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾.
لقد أثبتت هذه المعركة قوة رأي الحاضنة الشعبية وأثره في سير المعركة والتي لطالما حاول الداعمون سلب هذه الحاضنة لقرارها وإرادتها عبر بعض الممارسات من قبل الفصائل وممن باع دينه وعرضه وأرضه مقابل متاع من الدنيا قليل، حتى رأينا الأردن وغرفة الموك وحرصا منها على فصائلها أمام أهل حوران وحتى لا يسحب البساط من تحت أرجلهم فتذهب جهودهم طوال السنوات الماضية أدراج الرياح، سارعت إلى الزج بهم في هذه المعركة وحاولوا إيقاف المعركة بشتى الوسائل والأساليب والألاعيب من زج لفصائلهم في المعركة عبر شحنات الأسلحة والذخيرة، إلى إغلاق للحدود في وجه الجرحى، إلى فتح أجوائها للطيران الروسي والأسدي المجرمين على أمل إيقاف المعركة أو الحد من استمرارها ما أمكن، لكن إرادة الله في استمرارها كانت هي النافذة.
إن الحاضنة الشعبية كما تقف الآن مع معركة "الموت ولا المذلة" وتبذل فيها أغلى ما لديها من فلذات أكبادها ومن حُرّ مالها وتدعمها بكل ما آتاها الله من وسع، ستقف معكم في معارككم ضد النظام المجرم وجنده ومرتزقته وستكون لكم من الشاكرين وستكونون عند الله تعالى من الفائزين في الدنيا والآخرة بإذن الله...
فانفضوا عنكم يا فصائل الشام غبار الذل والعار واكفروا بالمجتمع الدولي وحلوله الإجرامية واقلبوا الطاولة على من يمكر بالمسلمين وبثورتهم في الشام، وسطروا لكم موقفا أمام الله وأمام الأمة ليسجل في التاريخ وتمسكوا واعتصموا بحبل الله؛ ففيه نجاتكم وفلاحكم وعزكم في الدنيا والآخرة، فالشرف لا يطرق بابكم كل يوم، فلا ملجأ من الله إلا إليه، ولا يلفتنكم قول المنافقين والمرجفين عن طاعة ربكم ومرضاته ولا يخوفنكم الشيطان بعدة وعتاد الباطل وأهله وكيده وتآمره فإنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
فإن توليتم وأعرضتم وخذلتم أهلكم وثورتهم فوالله إن سنة الاستبدال قائمة فيكم وستكبون على وجوهكم في واد سحيق في الدنيا وفي نار جهنم في الآخرة وستحاسبون على تقصيركم وخذلانكم أمام الله وأمام الأمة وسيهيئ الله لهذه الأمة الكريمة من ينصرها ويأخذ بيدها نحو مرضاة ربها وطاعته. يقول تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾، ويقول سبحانه: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.
بقلم: شادي العبود
رأيك في الموضوع