أعلن أن حاكم مصر السيسي سيلتقي ترامب بواشنطن يوم 3/4/2017، فقالت وكالة الشرق الأوسط المصرية الرسمية "الرئيسان سيناقشان عدة قضايا في مقدمتها الإرهاب والقضية الفلسطينية والأوضاع في المنطقة خاصة سوريا والعراق واليمن وليبيا"، مقابل "مساعدات عسكرية ومالية للقاهرة عند مستوى قوي وكاف" على حد تعبير مسؤول أمريكي كبير في البيت الأبيض، والذي أشاد بعلاقات السيسي مع ترامب، وقد التقيا سابقا أثناء الحملة الانتخابية يوم 20/9/2016، وحينها امتدح ترامب السيسي قائلا له كما نقلت وكالة أسوشيتد برس: "إنه في حال فوزه بمنصب الرئاسة ستكون الولايات المتحدة صديقا وفيا لمصر وليس مجرد حليف، وإن الدولتين لديهما عدو مشترك وهو إرهاب الإسلاميين المتطرفين".
وحاكم الأردن عبد الله الثاني سيلتقي ترامب بواشنطن يوم 5/4/2017، ليكون اللقاء الثاني خلال شهرين حيث التقيا يوم 2/2/2017. فذكرت وكالة رويترز أن "اللقاء سيأتي من أجل بحث عدة ملفات منها القضية الفلسطينية والدفع نحو إعادة عملية السلام وما تمخض عن القمة العربية، إضافة للأزمة السورية، وملف الإرهاب في المنطقة".
وعقبهما سيهرع عباس إلى واشنطن ملبيا دعوة ترامب بعد إهمال أمريكي متعمد له وعزلة سياسية داخلية وخارجية وخوفه الشديد على مستقبله السياسي ومستقبل أولاده وثرواتهم ليأتي ذليلا راكعا لترامب، وقد طار فرحا عندما اتصل به ترامب لأول مرة يوم 10/3/2017 موجها له دعوة إلى واشنطن حيث أكد له ترامب "التزامه الكامل بعملية السلام وبحل الدولتين" كما ذكر خلال احتفاله بمدينة رام الله. علما أن جيسون غرينبلاتمبعوث ترامب اجتمع مع عباس يوم 14/3/2017 وحمل له الإملاءات الأمريكية التي كشف عنها قرينه حواتمة لصحيفة الحياة يوم 24/3/2017 منها "عقد مؤتمر إقليمي تحضره الأنظمة العربية وكيان يهود والسلطة الفلسطينية لإطلاق حوار عربي - (إسرائيلي) مباشر، وأن يصبح آلية دائمة يتم استدعاؤها عند الحاجة أو باتفاق بين الطرفين، وعدم مناقشة المشاريع الاستيطانية السابقة، وتأسيس لجنة أمريكية - (إسرائيلية) لمناقشة خطط الاستيطان اللاحقة بهدف تقليصه دون وقف كامل للاستيطان، وأن تتحمل السلطة المسؤولية عن وقف كل أشكال الدعوات إلى العنف والتحريض ضد يهود بما في ذلك المناهج المدرسية، وألا يتم الاكتفاء بإدانة عمليات العنف، بل تطلب الإدارة الأمريكية من السلطة الفلسطينية إجراءات محددة وعملية بينها ملاحقة المنفذين والمخططين ومحاكمتهم، ووقف كل أشكال التحريض في وسائل الإعلام الفلسطينية، ووقف دفع رواتب أسر الشهداء والأسرى باعتبار أن هذا يدخل ضمن تشجيع العنف، وتغيير جداول مناوبات الأجهزة الأمنية وعملها لضمان فاعلية أوسع على مدار الساعة". وعباس سيلبيها لأمريكا، سيما وأنه يلبي الكثير منها حاليا.
وقد سبقهم إلى واشنطن ابن سلمان ولي ولي العهد السعودي قبل أسبوعين حيث أكد مع ترامب "ضرورة تعزيز الجهود لمكافحة (الإرهاب) والسعي إلى إحداث نقلة نوعية وشراكة استراتيجية في هذا الجانب خصوصا بمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية ومكافحة أنشطتهم الفكرية" (العربية 15/3/2017)
هذه اللقاءات تأتي بعد انعقاد القمة العربية الـ28 يومي 28-29/3/2017 في الأردن والتي تمخضت عن موقف يرضي أعداء الله أمريكا ويهود وغيرهم، ويغضب الله والمؤمنين، حيث أكد حكام العرب "الاستمرار في العمل على إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية (إسرائيلية) جادة وفاعلة... لإنهاء الصراع على حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967" واستعدادهم "للمصالحة التاريخية" مع العدو الغاصب. وبذلك يتخلون رسميا عن 80% من فلسطين للعدو، معتبرين ذلك ملكا للعدو الغاصب ولم يعد للمسلمين ولا لأهل فلسطين صلة به. فإذن حكام العرب يُهرعون إلى واشنطن مدخِلين السرور إلى رأس الكفر ليؤكدوا تماديهم في الخيانة والغدر بالمسلمين وقضاياهم مقابل متاع من الدنيا قليل، ليبقوا في السلطة وما هم بمخلدين، وليحافظوا على ثرواتهم وثروات أولادهم وليست بدائمة وسيورثها الله للمسلمين بإذن الله.
إن دواعي هذه الزيارات مفهومة ومعلنة، وهي التأكيد على الاعتراف باغتصاب فلسطين من قِبَل يهود وإقرارهم عليها، وجعل كل الدول العربية تعلن هذا الموقف بصورة رسمية ومباشرة، ولا يستبعد أن يكون بقمة إقليمية بين هؤلاء الحكام ويهود، وكانت إدارة أوباما تحضّر لذلك، حيث كشف نتنياهو يوم 19/2/2017 أن وزير خارجية أمريكا السابق كيري جمعه والسيسي وعبد الله الثاني قبل سنة يوم 21/2/2016 لعقد قمة إقليمية، فيأتي ترامب ويكمل ما بدأته الإدارة السابقة.
ومن داوعي هذه الزيارة بحث أدوار هذه الدول في تطبيق المشاريع الأمريكية المتعلقة بسوريا وليبيا واليمن والعراق لتركيز النفوذ الأمريكي فيها. حيث إنها قضايا رئيسية لأمريكا في المنطقة، حيث يجري فيها الصراع معها، وأخطره عليها في سوريا حيث يجري الصراع هناك بينها وبين المسلمين. فوقفت معها كل دول الكفر وأيدتها وقبلت بمشروعها تثبيت النظام العلماني في سوريا ومنع إقامة نظام الإسلام، وأقرته في مؤتمر فينّا يوم 14/11/2015 وبقرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يعتبر شرعة دولية لا تعارض!
والأهم فيها والذي يقلق أمريكا أكثر من أي شيء؛ هو عودة الإسلام إلى الحكم، فتعتبره خطرا ماحقا لوجودها، حيث قامت الثورات لتقلب الأنظمة العلمانية الكافرة التي أقامها المستعمر وتسقط الحكام العملاء، وما زالت الأمة تغلي وتثور ولن تتوقف ثوراتها بإذن الله حتى تحقق أهدافها بعودة الإسلام. فهذا نذير شؤم لأمريكا خاصة ولدول الغرب والشرق قاطبة، فاعتبروا ذلك عدوا مشتركا لهم، وأطلقوا عليه بهتانا وتضليلا "الإرهاب" و"الإرهاب الإسلامي المتطرف"، فذلك قضية مصيرية لأمريكا، فيمكنها أن تترك قضية فلسطين تراوح مكانها عشرات السنين، لعدم وجود تهديد مباشر عليها من عدم حلها، وهي محصورة بين أطراف تابعة! وأمريكا تريد أن تجعل الأنظمة كلها تعترف بكيان يهود تمهيدا لفرضه على أهل فلسطين والمسلمين، واعتبار ذلك الجزء (إسرائيل) وليس له صلة بفلسطين!
فقد أعلن حكام العرب كلهم في قمتهم الأخيرة خيانتهم الرسمية واستعدادهم لبيع الجزء الأكبر من فلسطين رسميا تحت مسمى "المصالحة التاريخية"، وبعدها سيعملون على إخضاع الشعوب للاستسلام للأمر الواقع! وهي تأبى والله يأبى، ولن تدوم بإذن الله حتى ينجز وعده لعباده الصالحين. وذلك مرتبط ارتباطا مباشرا بعودة الإسلام إلى الحكم، فأطلقوا عليه "الإرهاب" للتضليل وتبرير الحرب على المسلمين، أو "التشدد والتطرف الإسلامي" غامزين بالمسلمين المتمسكين بدينهم والمصرّين على تطبيقه مجسدا في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وبإذن الله سيتحقق قريبا، فيريهم أعمالهم حسرات عليهم، وأموالهم التي أنفقوها حسرة عليهم، ثم يغلبون، وإلى جهنم يحشرون.
رأيك في الموضوع