أكّد البيان الختامي للقمة العربية و(الإسلامية) التي انعقدت في الرياض على القرارات التي صدرت عن القمة المشتركة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، وتجديد ما يُسمّى بـ(التصدي للعدوان الإسرائيلي) على قطاع غزة ولبنان، وكأنّ القمّة السابقة كانت قد تصدّت للعدوان! كما أكّد البيان العمل على إنهاء تداعيات عدوان كيان يهود على المدنيين، ومواصلة التحرك بالتنسيق مع النظام الدولي لوضع حد لـ"الانتهاكات (الإسرائيلية) الخطيرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتعريض (إسرائيل) السلم والأمن الإقليميين والدوليين لـلخطر".
ولكن أين هي تلك التحرّكات التي يدّعون القيام بها؟ فكيان يهود لم يتوقف لحظة عن العدوان وانتهاك القانون الدولي فيما حكام العرب يتحركون حركة الذبيح؛
فمملكة آل سعود حاضنة هذا المؤتمر المسخ لم تطرح في القمّة إلا شيئاً واحداً، وهو حل الدولتين، حلاً نظرياً هو أقرب إلى الهرطقة منه إلى التطبيق، وقالت بأنّه هو الطريق الوحيد (للسلام المستدام) في المنطقة، وهي تعلم علم اليقين أنّ كيان يهود قد رفض هذا الحل بقانون تشريعي صادق عليه أغلبية أعضاء الكنيست، فما هي قيمة هذا الطرح إذا كان كيان يهود قد رفضه بشكلٍ قاطع؟ وما هو البديل الموجود لدى مملكة آل سعود لو كانت صادقة في طرحها؟! فالطرح أصلا غير قابل للتنفيذ لدى أمريكا فما بالكم بالمملكة، وإذا غاب البديل فما قيمة هذا الطرح؟!
وأمّا استنكار القمّة كلامياً لما يفعله كيان يهود من جرائم بحق أهل فلسطين وأهل لبنان فإنّه كالعادة لا يجدي نفعاً، وفيه الكثير من الاستخفاف بعقول الناس، خاصة وأنّ هذا الاستنكار قد طرحه بشار الأسد الذي سفك دماء مليون سوري غيلة وعدوانا، فلم تجد هذه القمّة غير هذا المجرم لإعلان هذا الاستنكار التافه!
وأمّا ما صدر عن القمّة من قرارات وثرثرات كلامية أخرى فهي لا تستحق التعليق عليها لما يكتنفها من عجز وهزال، ومن تصفيط جمل ومفردات فارغة من أي مضمون، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء من سخافات في البيان الختامي للقمّة كـــ"التأكيد على جميع القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن 2735 (2024)، و2728 (2024)، و2720 (2023)، 2712 (2023)، التي تدعو إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسع وآمن ودون عوائق، والقرار رقم 2728 الذي يطالب بوقف إطلاق النار"، فأي ذلٍ أكبر من المطالبة بتطبيق قرارات أممية شكلية غير ملزمة ذات أرقام لا يحفظها حتى من صاغها؟! وهل المساعدات الإنسانية تحتاج إلى قرارات غير ملزمة وتعابير جوفاء، لم تقم الأمم المتحدة نفسها ولا الدول الكبرى بتطبيقها؟!
لقد تحدّث الرئيس الإندونيسي ووزير خارجيته عن اتخاذ إجراءات فعلية ضد كيان يهود كقطع العلاقات الدبلوماسية معه وإلغاء التطبيع لمن طبّع معه، وفرض العقوبات الحقيقية عليه، ومقاطعة الشركات الداعمة له، وغيرها من العقوبات التي تستطيع الدول العربية إيقاعها على كيان يهود لو أرادت، لكنّ هذا الكلام لم يلق آذانا صاغية لدى القائمين على المؤتمر، ويبدو أنّ الحكام العرب قد ضغطوا على إندونيسيا للتراجع عن تلك التصريحات، فتراجعت عنها بالفعل وغيرت موقفها، ومن ثمّ عادت إلى تواطئها من جديد مع الحكام العرب الخونة، ومن ثمّ اشتركت في صياغة البيان الختامي الباهت مع الباقين الذي صدر عن القمّة والتزمت به.
فمثل هذه التصريحات والبيانات المكررة المبتذلة التي تصدر عن مثل هذه القمم البائسة لا تخرج إلا عن الضعفاء والعملاء الذين لا وزن لهم ولا همّة في الساحة الدولية.
رأيك في الموضوع