إن الهيمنة الأمريكية على الأحداث تبرهن بشكل واضح أنه ليس هناك ضمانة لأمن أي بلد يمكن أن يتقرر بالأمم المتحدة ألف مرة، فبات من الواضح أن أي حل لا يتطابق ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية لا مجال لبقائه، لوجود عصا الفيتو الظالمة.
إن هيئة الأمم جاءت (كما يزعمون) لضمان حقوق الشعوب لتقرير مصيرها وفق الرؤى الديمقراطية المزعومة.
إن بقاء حق النقض (الفيتو) للدول المهيمنة هو شكل من أشكال التعبير عن عدم المساواة بين الشعوب، وعن شريعة الغاب، فلا مجال للقيم والمثل التي يتشدقون بها، وهذا واضح في الهيمنة الأمريكية التي باتت توطد مصالحها الاستعمارية، باستخدام عصا الفيتو في مجلس الأمن عندما تتقاطع مصالحها مع أي قرار يراد تمريره.
لقد بات مجلس الأمن عصا رعب أمريكية، فالنظام العالمي الذي تتحكم به أمريكا، التي تدير العالم وفق مصالحها متدخلة بتطويع المنظومة الدولية في نزعاتها الشيطانية في احتلال شعوب العالم والاستحواذ على ثرواتهم دون أي مشروعية قانونية، فتاريخ هذه المنظمة مليء بالخروقات الأمريكية، والتي جعلت من مجلس الأمن خادماً للمصالح الاستعمارية الغربية، وأداة لتغطية الجرائم التي ترتكبها بحق الشعوب المنكوبة، فأمريكا تعلن نفسها بأنها شرطي العالم لفرض السلام نيابة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
أما الدور الذي يقوم به مجلس الأمن المزعوم، فهو منح صكوك للعدوان الأمريكي اليهودي، والغرض منه إثارة الحروب وإيجاد بؤر للتوتر من أجل التدخل لنهب ثروات الشعوب، وارتكاب المجازر دون رادع بحق من يقف بوجه الأطماع الأمريكية.
فالمظلومية التي نشاهدها اليوم والتي وصلت ذروتها في انحياز مجلس الأمن في جميع قراراته ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، وهو يتعرض لأبشع طرق الإبادة الجماعية على يد يهود دون رادع وعلى مسمع إنسانيتهم الزائفة، وهي تنظر إلى شعب أعزل يتعرض لقصف يهودي بشع دون أن يكون هناك رادع لهذا العدوان السافر، خير شاهد على بشاعة الأمم المتحدة ومجلس أمنها.
إن مجلس الأمن المزعوم هو من شرع قرار عام ١٩٤٧ الذي أوصى بتقسيم فلسطين العربية إلى دولتين، وهو الذي مكن يهود من إقامة كيانهم، وهو الذي غفر ليهود جرائمهم، من قتل وتشريد أهلنا المسلمين في الأرض المباركة فلسطين، وهو من أدان حق الفلسطينيين في إعادة حقوقهم المسلوبة في حق العودة، وما زالت جراحات مجازر يهود ماثلة للعيان، وغزة العزة لا زالت تتربع على المشهد الدموي الذي يتعرض له أهل غزة الأبية وهم يتعرضون لأبشع أنواع العنف الذي بين زيف الإنسانية وحقوق الإنسان التي يتشدقون بها ظلماً وعدواناً.
أقول: واهم كل من يلتمس حلاً من مجلس الأمن لأن الحل لا يمكن أن يأتي من الجزار نفسه.
إن الحياة الحرة الكريمة لا يمكن لها أن تعود بالأمنيات، فلا بد من وقفة صادقة تجلي كل الضبابية التي تقصي الحقائق، وعلينا أن نتطلع إلى ما تطلع إليه أجدادنا العظام وأن نحذو حذوهم، لنجد لنا مكاناً بين دول العالم، لنعيد لنا مجدنا الضائع والفرصة لا زالت سانحة بوجود الرائد الذي لا يكذب أهله، فلنتصور القوة التي سنكون عليها إن أوجدنا من ينقذ هذه الأمة. قال رسول الله ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».
بقلم: الأستاذ مؤنس حميد – ولاية العراق
رأيك في الموضوع