امتنع رئيس حكومة كيان يهود عن الإجابة عن التنازلات التي يمكن أن يقدمها في الملف الفلسطيني لإنجاز التطبيع مع السعودية.
وقال نتنياهو في مقابلة أجرتها معه وكالة بلومبيرغ الأمريكية ونشرتها الاثنين، إنه "إذا كانت هناك رغبة سياسية، فستكون هناك طريقة سياسية لتحقيق التطبيع والسلام الرسمي بين (إسرائيل) والسعودية".
لكن نتنياهو حسم بأنه لا يفكر بإعطاء دولة فلسطينية، مدعيا أن أي دولة فلسطينية هي في الواقع "دولة تسيطر عليها إيران.. ليست دولة فلسطينية بل دولة إيرانية إرهابية". وتابع: "أنا أقول طوال الوقت إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يكون فيها اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين في المستقبل، هو أن تبقى (إسرائيل) القوة الأمنية العليا في المنطقة".
يبدو نتنياهو واضحا في تصريحاته التي تحدد سقف ما يسمى بالعملية السلمية وحدود علاقاته بالسلطة الفلسطينية والأنظمة الحاكمة في بلادنا، ولا جديد في ذلك إلا على من اشترى الوهم وصدق بالسراب أو كان منخرطا في المؤامرة ولا يريد رؤية الحقائق أو من لا تهمه الحقائق لانحيازه لمعسكر أعداء الأمة.
فكيان يهود أنشأه الغرب ليكون قاعدة متقدمة في حربه الاستعمارية الصليبية على الأمة الإسلامية لمنع وحدتها وفصل شرقها عن غربها، ومحاولة منه لمنع توحد المسلمين في كيان سياسي واحد تمثله الخلافة على منهاج النبوة.
وقد أدرك الغرب باكرا خطورة وجود هذا الكيان في عمق الأمة الإسلامية؛ فإنه وإن كان وقت إقامة ذلك الكيان منتشياً بانتصاراته في الحرب العالمية الأولى وهدمه لدولة الخلافة وظن أنه حقق النصر الحاسم على الأمة الإسلامية إلا أنه أدرك سريعاً أنها لم تمت وما زالت تنبض بالحياة وتتلهف للعودة بإسلامها ودولتها وتحرير المغتصب من بلادها، كما أدرك عمق تعلق المسلمين بالأرض المباركة ومسرى نبيها الكريم ﷺ.
فأصبح يوازن بين مصالحه في وجود كيان يهود ودمجه في المنطقة ومصالحه الكثيرة والكبيرة في البلاد الإسلامية التي صنع فيها أنظمة وعروشاً تحرس مصالحه، فالغرب من ناحية يريد تثبيت كيان يهود ومن ناحية أخرى لا يريد زعزعة عروش الأنظمة التابعة له في بلادنا من خلال تمادي كيان يهود ودوام استفزازه لمشاعر المسلمين الذين لو تحركوا لداسوا عروش الأنظمة في طريقهم نحو القدس.
وعليه فإن الغرب وعلى رأسه أمريكا الآن يريد معالجة المشاكل التي نتجت عن الاحتلال لتبريد المنطقة والمحافظة على هدوء يمكّنها وبقية المستعمرين من استمرار نفوذهم في بلادنا الإسلامية، فجاء حل الدولتين البغيض الذي يعطي جل الأرض المباركة ليهود مقابل كيان أمني وظيفته حماية كيانهم والتنكيل بأهل فلسطين واحتواؤهم أمنيا وتدجينهم ثقافيا واقتصاديا.
وقد ساير كيان يهود النظام الدولي وعلى رأسه أمريكا في ذلك حتى لا يخرج عما يسمى الشرعية الدولية وهو يريد الأرض المباركة خالصة له دون أهلها، وعلى أرض الواقع تمدد في استيطانه وقمعه وقتله لأهل فلسطين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى حتى صار مشروع حل الدولتين على ضعفه وهزالته سراباً.
وقد وفرت الأنظمة العميلة للغرب، والسلطة الفلسطينية، الوقت والأرضية والغطاء الدولي لكيان يهود للوصول لهذه المرحلة التي يصرح بها نتنياهو بأنه لا يريد دولة فلسطينيةً، فعبر عقود من التلهي بما يسمى مفاوضات وعملية سلمية وصلت القضية إلى هذه المرحلة التي يريد فيها نتنياهو تطبيعا مع الأنظمة دون أي مقابل!
ويصور نتنياهو حاجته لدعم السلطة لتقوم بمهمتها الأمنية على أنها تنازلات! فمن أموال أهل فلسطين المقتطعة؛ ضرائب ومكوس وأموال تدفع على المعابر سيحول نتنياهو بعضها للسلطة لتقوم بمهمتها الأمنية والاقتصادية ويزيل عن كاهله جزءاً من عملية إدارة أهل فلسطين ويسميها تنازلات مقابل التطبيع.
إن الأنظمة الحاكمة في بلادنا والسلطة الفلسطينية التي قد وفرت الغطاء لكيان يهود لعقود لم تمتلك أي مشروع حقيقي لتحرير الأرض المباركة بل كانت منخرطة فعليا في تثبيته وتوفير الشرعية الدولية له عبر سيرها لعقود في ما يسمى العملية السلمية.
إن تكامل مشروع كيان يهود لا يقف أمامه إلا مشروع الأمة الإسلامية المتكامل الذي يقضي بتحرير الأرض المباركة وسحق كيان يهود سحقا وقلعه من جذوره، وهذا الحل موكول لجيوش الأمة وقواها الحية التي يجب أن تتحرك لتفعيل ذلك الحل الشرعي كما فعله صلاح الدين من قبل، وقد آن لقادة الجند المخلصين أن يوحدوا جهود الأمة ويمتلكوا الإرادة السياسية بإزالة الأنظمة المرتهنة للغرب وإقامة الخلافة على منهاج النبوة التي تحرر الأرض المباركة وتعيد للأمة مكانتها المرموقة المعهودة بين الأمم.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع