أهدرت السعودية مليارات الدولارات في شهر كانون الأول/ديسمبر 2022 الماضي على شكل صفقات واتفاقات ومهرجانات، وكلها لا تخدم إلاّ أعداء الإسلام.
فزيارة شي جين بينغ الرئيس الصيني للسعودية كلّفت الدولة قرابة الثلاثين ملياراً، حيث تمّ فيها منح الصين عقوداً واستثمارات خيالية تتعلّق بانخراط الشركات الصينية في المشاريع السعودية الكبرى، كإنشاء مركز إقليمي للمصانع الصينية في السعودية، وبناء مصنع للسيارات الصينية الكهربائية بطاقة إنتاجية تبلغ 100 ألف سيارة سنوياً، ومشاركة الشركات الصينية في المشروعات السياحية، ومجالات الطاقة الخضراء، والخدمات الطبية والبناء والإسكان وغيرها...
وكل هذه المشاريع عديمة الجدوى، ولا تمكّن السعودية من الاعتماد على نفسها صناعياً، بل تبقى رهينة للصناعة الصينية ومستهلكة لها فقط، كما ظلت من قبل رهينة للصناعات الغربية، وما يقال عن توطين الصناعة يبقى مجرد أوهام، وهو ما قد قيل من قبل مع الصناعة الغربية ولم يُوطّن أي شيء من تلك الصناعات، فالسعودية قد أنفقت منذ إنشائها تريليونات الدولارات على مشتريات أمريكية وبريطانية وأوروبية وما زالت عالة على هذه الدول في كل شيء.
وبعد زيارة بينغ بأيام جاء وزير الدفاع البريطاني إلى السعودية ووقّع مع خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي اتفاقية دفاعية جديدة لا ندري كم تكلفتها، لكنّها جاءت لتعطي دلالة سياسية على أنّ المسائل الدفاعية والعسكرية مع السعودية هي حكر على أمريكا وبريطانيا، ولا دخل للصين بها، وإنّ زيارة بينغ للسعودية لا تخرج عن الإطارات التجارية والاستهلاكية والتجارة الحرة والإنشاءات المدنية.
وبالرغم من أنّ السعودية قد منحت الصين مكاسب وأرباحاً ضخمة خلال هذه الزيارة، فإنّها لم تُكلّف نفسها وتطلب أي طلب من الصين لتحسين معاملة مسلمي الإيغور، ومعاملتهم على الأقل معاملة إنسانية، ورفع الظلم عنهم.
ومعلوم أنّ الصين تشن منذ أمد بعيد حرب إبادة منتظمة ضد مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية، فتمنعهم حتى من ممارسة أبسط الشعائر الإسلامية، وتحتجز الملايين منهم في سجون كبيرة لغسل أدمغتهم، وتحويلهم عن دينهم بالقهر والقمع والقتل، وتدمير الأسرة الإيغورية المسلمة، وتمزيق شملها، لدرجة أنّ أمريكا وبريطانيا وغيرها من دول الغرب - على عدائها للإسلام - ما فتئت تطالب الصين بالكف عن انتهاك حقوق الإيغور، والذي اعتبر من ناحية القوانين الدولية أكثر شعب مضطهد ومظلوم في العالم، لكن السعودية البلد الإسلامي لم تطلب من الصين ذلك ولو من ناحية شكلية!
فكأنّ السعودية بمنح الصين تلك الصفقات الضخمة، واستقبال الرئيس الصيني المجرم بحفاوة بالغة، وفرش البساط الأحمر تحت قدميه، كأنّها تكافئه على حربه المعلنة ضد الإسلام، وإبادته للمسلمين.
وفي شهر كانون الأول/ديسمبر أيضاً أعلنت السعودية عن تدشين أكبر يخت في العالم بكلفة ثمانية مليار دولار باسم بانغيوس (القارة العملاقة) وهو على شكل سلحفاة يستوعب 60 ألف شخص وطوله 550 مترا وارتفاعه 610 مترا ويضم 19 فيلا و64 شقة و9 أقواس في المداخل والممرّات، و30 ألف مقصورة عنقودية، بالإضافة إلى مركز تجاري ونادي وحدائق، وبُنية تحتية عملاقة تُوفّر وصولاً سهلاً للبحر بطول 600 متر وعرض 650 متر.
وسيتولّى استوديو التصميم الإيطالي لازاريني صناعة اليخت على مدى ثماني سنوات.
والسؤال المطروح هو: بماذا ينفع هذا اليخت سكان الحجاز ونجد؟! ولمَ كل هذا التبذير والإسراف على أشياء لا تُفيد البلد؟!
وفي العاصمة السعودية الرياض، وفي الشهر نفسه أيضاً أقيم مهرجانان مخالفان للإسلام ومحاربان له برعاية ما يسمى بهيئة الترفيه، وأنفقت عليهما أموال طائلة، وهما مهرجان ساوند ستورم - ميدل بيست - ومهرجان فيست، فالأول غنائي صاخب شارك فيه أبرز المغنين العالميين على مدى ثلاثة أيام يحاكي مهرجانات لاس فيجاس في أمريكا، وحضره 730 ألفاً، بينما يحضر لاس فيجاس على أكثر تقدير 400 ألف فقط، وبذلك تفوقت السعودية على أمريكا في مهرجانات الفجور هذه، والتي عادةً ما يخالطها الرقصات الخليعة والنساء المتعريّات والمناظر الجنسية الشاذة والاختلاط والمجون والتحرشات. وأمّا الثاني فأقيم في الرياض، وهو مهرجان فيست للطعام السعودي لإلهاء الناس في توافه الأمور تحت مُسمّى فنون الطبخ!
أمّا في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر فأقيم في التوقيت نفسه مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي لتكريم المواهب النسائية، وهذا المهرجان خُصص لصناعة الأفلام، وصناعة القدوات (الرخيصة التافهة) التي يُسمّونها بالشخصيات الإبداعية ورواة القصص، وتمّ تقديم 35 فيلماً نسائياً في المهرجان، وشارك فيه ما يسمى بنجوم المستقبل العرب من الفنانين، وافتتح فيه معرض أرشيفي سينمائي يحكي تاريخ السينما العربية تحت عنوان "سينما حي" وتضمّن المهرجان علوم التصوير الفني، كما لم يخلُ المهرجان من الأغاني الصاخبة، لدرجة أنّ حفل فنّان الراب لشخص يُطلق عليه "ويجز" قد نفدت فيه التذاكر لشدة الإقبال عليه.
وكل هذه المهرجانات الإفسادية والنشاطات الانحلالية يتم تقديمها على أنّها جزء من رؤية 2030 لمحمد بن سلمان، وتفتخر هيئة الترفيه السعودية المفسدة التي تأمر بالباطل وتنهى عن المعروف بأنّها نظّمت 3800 حدث ترفيهي إفسادي حضرها أكثر من 80 مليون شخص.
هذه هي السعودية الحديثة برؤية 2030، هذه هي سعودية محمد بن سلمان، التي لم تترك باطلاً إلا وفعلته، ولا منكرا إلا واقترفته، ولا هدف لها إلا إفساد المسلمين، وتفكيك الأسرة المسلمة، وتبذير أموال الأمّة على مصالح أعداء الإسلام.
رأيك في الموضوع