انتهت الهدنة التي بدأت يوم الثلاثاء 12/05/2015م لخمسة أيام بين الحوثيين وصالح من جهة والتحالف من جهة ثانية على أثر اللقاء الذي تم بين وزير خارجية أمريكا جون كيري وعادل الجبير وزير خارجية آل سعود في باريس يوم 08/05/2015م حين عرض كيري إجراء هدنة في الحرب الدائرة في اليمن ليردد وراءه عادل الجبير موافقاً على عقد هدنة مشروطة بعدم تحريك الحوثيين قواتهم وسلاحهم الثقيل، وأملت أمريكا بأنها قد حدت من قوة صالح، فيما رامت السعودية أن تكون الغارات الجوية لطيران التحالف قد ردعت الحوثيين عن الاستمرار في الأعمال العسكرية وجعلتهم يجيئون إلى مؤتمر الرياض.
ولكن "الهدنة لن تعني السلام وعلى الأطراف العودة إلى طاولة المفاوضات..." كما قال كيري في المؤتمر الصحفي بباريس، فهم لم يوافقوا على الهدنة لخمسة أيام إلا رضوخاً للرأي العام في اليمن الذي تضرر جراء الحرب الدائرة وبدأ يخرج عن صمته، ويتحدث عن سعر دبة البترول الذي وصل ثلاثين ألف ريال بدلاً من 4000 ريال حين جاء الحوثيون وانقطاع الكهرباء لأيام بدلاً من ساعات.
كما يروم الحوثيون من الاستمرار في الحرب إلى تحقيق مكاسب جديدة على الأرض بقول ناطقهم الرسمي محمد عبد السلام "مطلب تسليم السلاح والانسحاب من المدن غير عملي ولن نقبله"، وأن أيام الهدنة سوف تعود عليهم بالنفع بالتزود بالعتاد والمؤن لمواجهات حتمية قادمة بينهما. كما إن استطاعة الحوثيين اختراق حدود سايكس – بيكو بين اليمن ونجد والحجاز قد جعل آل سعود يستأنفون الغارات الجوية ضد الحوثيين وصالح في اليمن.
لقد بدأ امتعاض الأمم المتحدة من خروج المفاوضات من بين يديها التي قادها جمال بن عمر في فندق موفنبيك واستمرت هذه المفاوضات إلى ما بعد 21/09/2014م "دخول الحوثيين صنعاء" و05/02/2015م "الإعلان الدستوري" للحوثيين، إلا إن هذه المفاوضات قادت الحوثيين إلى فرض ما يريدونه تحت قوة السلاح، وهو ما أفضى بعبد ربه منصور هادي في 03/03/2015م إلى أن يطلب من مجلس التعاون الخليجي نقل المفاوضات إلى الرياض عاصمة المجلس إثر إفلاته من الإقامة الجبرية التي فرضها عليه الحوثيون وعلى حكومة بحاح بعد تقديم استقالتيهما.
ثم جاء مؤتمر الرياض... وقد لوحظ أن المشاركين فيه جلهم من المرتبطين بالسياسة البريطانية، المناوئين للحوثيين، ولذلك جاءت بنود المؤتمر السبعة ضد الحوثيين وعلى عكس ما يشتهونه، فهي تتحدث عن تشكيل الجيش والأمن بقيادات جديدة، وبناء اقتصادي وبيئة استثمارية في اليمن، واستخدام الأدوات العسكرية لإنهاء تمرد الحوثيين ومحاسبة الضالعين فيه، ومخاطبة المؤسسات الدولية من أجل وقف التعامل معهم ومطالبة مجلس الأمن بتطبيق قراره 2216، وإقامة مناطق خاصة للنازحين داخل اليمن، وعودة العالقين في الخارج، وحشد الدعم والتأييد لأعمال الإغاثة وحشد الأموال لإعادة الإعمار، والتعجيل بعودة صعدة إلى ما كانت عليه قبل حرب 2004م، واستعادة مؤسسات الدولة والأسلحة من الحوثيين وإخراج مليشياتهم من المدن.
فيما مؤتمر جنيف "كجمال بن عمر" الذي أحل اتفاق السلم والشراكة محل المبادرة الخليجية وأدخل الحوثيين صنعاء في تعبير صريح لأمريكا الراغبة في زحزحة بريطانيا عن اليمن والحلول مكانها، وها هي ترسل بعده المبعوث الأممي الجديد إسماعيل ولد الشيخ ليثبت لهم كرسي الحكم ويضفي عليهم الشرعية لحكم اليمن في مؤتمر جنيف، "والذي تم تأجيله بسبب إصرار الرئيس اليمني على رفض المشاركة فيه إذا لم ينفذ الحوثيون قرار مجلس الأمن رقم 2216"، وقد ألمح "ولد الشيخ" إلى إمكانية إشراك إيران في المؤتمر حين قال في اتصال هاتفي يوم وصوله صنعاء في 12/05/2015ممع حسين عبد اللهيان مساعد وزير خارجية إيران تحدث فيه عن دور إيران في المنطقة، ودعا إلى عقد هدنة جديدة تسبق مؤتمر جنيف استجابة لطلب عبد الملك الحوثي لـ"وقف العدوان".
إن الأيام المقبلة سوف تكون قاسية على أهل اليمن باستمرار القتال فيه حتى يرضخ أهله لما تريده أمريكا في الوقت المقبل بإيصال عملائها إلى الحكم في اليمن بعد أن عجزت عن ذلك مراراً ولو أدى ذلك إلى خطر تفتيته وقد يطال التفتيت الجزيرة العربية مقابل تسييد إيران على الجزيرة والخليج كعميل إقليمي لها بفرض ما تريده في مؤتمر جنيف.
إن ساحات القتال لا تزهق سوى أرواح أهل اليمن خدمة لغيرها من دول الغرب المتصارعة في اليمن "أمريكا وبريطانيا" تحقيقاً لمخططاتهما الاستعمارية، وهما طرفا النزاع الحقيقيان، وكما أنهما هما اللتان تضعان صالات المؤتمرات كخيار خبيث وتدفعان أهل اليمن إليه وهما من يقفان خلف أبوابه وتضعان أجندته والحلول لأهل اليمن وتديرانه!!
ولن ينعم اليمن بالخير والأمان حتى يستفيق أهله مما هم فيه ويدركوا أنهم ضحية وجنود لغيرهم وأن يعودوا إلى دينهم الحق الذي تحاربانه "أمريكا وبريطانيا" ويستأنفوا الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. جاء في مسند الإمام أحمد أن رسول الله r قال: «... ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت».
رأيك في الموضوع