أعلنت إحدى المنظمات المهتمة بالبيئة، عن وصول شحنات من النفايات النووية إلى الصومال وكينيا وزائير، تمنح بموجبه الدول الغربية بعض المتمردين المسيطرين على البلاد السلاح، في مقابل دفن هذه النفايات.
السودان دفنت في أراضيها في سبعينات القرن الماضي 500 حاوية، تم اكتشافها بالصدفة في صحراء العتمور شمال شرق السودان، على يد منقبي الذهب في العام 2010م. تشاد نقلت إليها نفايات نووية من مفاعل ديمونة بصحراء النقب، وصلت إليها عبر الصحراء الليبية.
غينيا بيساو صدرت إليها شركات سويسرية وبريطانية 15 ألف طن أسبوعيا من نفايات أمريكا مقابل 120 مليون دولار في السنة، وهو ما يعادل الدخل القومي لهذه الدولة وحدها. تبعتها بنين بقيام شركة سيسكو بنقل 5 ملايين طن سنويّا من النفايات الخطرة مقابل 2,5 دولاراً فقط للطن الواحد، في حين تدفع الشركات الأوروبية التي تتولد عنها النفايات ألف دولار لشركة سيسكو مقابل التخلص من الطن الواحد. كما استوردت بنين خلال الفترة 1984-1988م باستيراد أطنان من النفايات المشعّة من الاتحاد السوفييتي، وأجرت معها فرنسا مفاوضات لاستيراد نفايات مشعة وخطرة؛ مقابل 1.6 مليون دولار ومساعدات اقتصادية لمدة 30 سنة، كذلك وقّعت مع شركة أنجلو-أمريكية عقدا بتخزين 50 مليون طن من النفايات السامّة لعشر سنوات.
أعلنت منظمة الإنتربول الدولي 2017 عن اكتشاف أكثر من 1.5 مليون طن من النفايات غير القانونية العابرة للحدود بجميع أنحاء العالم، خلال عملية عالمية قامت بتنسيقها، تستهدف الشحن غير المشروع للنفايات والتخلص منها، وكانت آسيا وأفريقيا هما الوجهة الرئيسة للنفايات التي يتم تصديرها بصورةٍ غير مشروعة من أوروبا وأمريكا الشمالية.
نشرت منظمة السلام الأخضر دراسةً استقصائية بشأن التجارة الدولية في النفايات بـحوالي 3.5 مليون طن، تمّ شحنها من البلدان الصناعية إلى البلدان الأقلّ نموّاً. ووفقا للمنظمة كانت هناك 94 محاولة لنقل صادرات النفايات الخطرة إلى أفريقيا بين 1994م و1998م، شملت أكثر من 10 ملايين طن من المخلفات، تضم مواد مشعّة.
مع ارتفاع زيادة النفايات الخطرة وخطورتها في الدول الصناعية، تم وضع تشريعات تلزم أصحاب النفايات بتنظيف نفاياتهم قبل طرحها في المكبات المخصصة للنفايات. لكن أصحاب تلك الصناعات والنفايات عملوا على خفض ما حدد لهم طرحه لتنقية النفايات. وحين شعر الناس بخطورتها عليهم، لم يكن منهم سوى تجميعها وحملها خارج بلدانهم. فبدأوا بالتخلص منها برميها في المياه الدولية في المحيطات، وحين لوحقوا ذهبوا لرميها في البلدان الفقيرة البعيدة، فقد ذهبت نفايات الولايات المتحدة السامة إلى الجوار في المكسيك وأمريكا الجنوبية، فيما اتجهت نفايات أوروبا تجاه أفريقيا.
وفيما يخص اليمن القريبة من الصومال في القرن الأفريقي، فقد أصابها ما أصاب الصومال، وسجل في فترة العقود الأخيرة من القرن المنصرم دفن نفايات خطرة وسامة في الشواطئ الممتدة من تعز والحديدة تناولتها الصحافة المحلية من دون معرفة البلدان الصناعية التي قامت بتصديرها إليها، أو معرفة نوع تلك النفايات، إلا أن شهود عيان تحدثوا عن اشتعال تلك النفايات تحت الأرض.
النفايات النفطية وسوائل الحفر لما تحويه من تركيبات كيميائية خطرة تعد من أخطر النفايات التي تلوث التربة والمياه الجوفية وصولاً إلى الإنسان الذي تظهر عليه مختلف الأورام، وخير مثال على ذلك ظهور حالات الأورام السرطانية وارتفاعها في حضرموت وشبوة ومأرب وغيرها من الأحواض النفطية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، لعدم اكتراث الشركات النفطية في عملية التخلص من سوائل الحفر.
فالأحواض النفطية في كل من مأرب وشبوة وحضرموت والمهرة من المعاناة البيئية جراء التخلص العشوائي من نفايات الشركات النفطية العاملة فيها، عبر التخلص من سوائل الحفر السامة بغير المصرح به من دوائر السلامة، بحيث تضر تلك السوائل بالتربة والمياه الجوفية، ويصاب الإنسان بالأورام السرطانية. وما أصاب النساء من حالات الإجهاض في غيل بن يمين خير دليل، قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
هذا ما قدمته الحضارة الرأسمالية الفاسدة للعالم بشكل أجمع وللقارة السمراء الغنية المليئة بالخيرات، في مقابل ما نهبته منها من ثروات نفطية وغاز وخامات معدنية من ذهب وألماس ونحاس وتيتان ونيكل وقصدير ويورانيوم ومعادن نادرة، تحتاج إليها الصناعات الإلكترونية، فلا أظن بأن الرأسماليين اعتبروا يوماً مما سمعوه بأن جزاء الإحسان إلا الإحسان.
لم تكتف الدول الرأسمالية الغربية بتلويث البر والبحر، والماء والهواء، وتعريض حياة الإنسان على الأرض للهلاك، فهم يريدون تلويث الفضاء الخارجي بنفاياتهم النووية، فأين عقلاء العالم أن يكفوا أيديهم قبل أن يُهْلِكُوْا ويَهْلَكُوْا؟!
إن ما تستلزمه جميع النفايات السامة والنووية هو ليس رميها عند من ليس لهم حول ولا قوة، وإنما تحويلها من حالتها الخطرة إلى حالة آمنة على البيئة والإنسان، ليحيا الإنسان ويهنأ بعيشه وفق النظام الذي جعله الخالق للكون والإنسان والحياة. إن الأرض والإنسان والحياة يجأرون إلى الله خالقهم بأن يعود إليها الخير الذي كان من قبل. ونقول إن ذلك لن يكون إلا في دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
رأيك في الموضوع