أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان سامانثا باور المديرة التنفيذية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وقوفها مع إنشاء قوات مسلحة سودانية موحدة ومهنية تجمع الجيش والدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح تحت قيادة واحدة في السودان، وأكدت أن الولايات المتحدة ستقف مع السودان دوما ما واصل الطريق على مبادئ السلام والحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، وقالت إن بلادها تريد أن تساعد وتساهم مع السودان في استغلال ثرواته وموارده العديدة، وأشارت سامانثا إلى قرارات مفصلية اتخذتها الحكومة الانتقالية المدنية الآن، منها إزالة القوانين التي تحدد لبس المرأة وقوانين النظام العام وجرمت بالقانون ختان الإناث وأكدت المساواة بين المواطنين دون النظر إلى الدين أو العرق أو النوع وبسطت الحريات العامة والحريات الدينية في البلاد. (سونا، 3/8/2021).
الحديث عن قوة مسلحة موحدة قد يلتبس على البعض فتظهر أمريكا وكأنها تريد جمع أهل السودان ولم شملهم تحت إمرة واحدة فلا تحدث نزاعات أو حروب بينهم ويحل الأمن والسلام ديارهم، لكن الحقيقة هي أن هذا الخطاب هو خطاب موجه لكل من تسول له نفسه من قادة الجيوش المتكاثرة في السودان اللعب بعيداً عن الميدان الذي ترسمه أمريكا ووفق المرحلة المرسومة بعناية والتي تقتضي العمل المنظم لإفشال خطط المدنيين الذين هم بدورهم يعملون على كشف ارتزاق قادة الجيش وهم سواء في ذلك.
إن سعي أمريكا للسيطرة على الجيوش في كل بلاد المسلمين التي اندلعت بها ثورات ناتج من أن تلك الجيوش قد ساهمت في إزالة رأس النظام في بلادها، رغم تحكمه وديكتاتوريته، وهي قادرة على إحداث التغيير الجذري، ولولا التضليل وعمليات الالتفاف الشيطانية من العملاء الفكريين والسياسيين لدول الغرب لقلب الجيش الطاولة على خطط الاستعمار واستعاد سلطان الأمة المغتصب وعتق الأمة من هيمنة الاستعمار.
كل الأحداث التي مرت بثورات الأمة يُظهر أن جيوش الأمة بصفتها جيوشا ليست عدوة للأمة بل رأينا ضباطا يشاطرون الأمة في مصابها وينصرونها على حكامها ولربما تعرضوا للقتل والتنكيل أحيانا، وإن استطاع هذا النظام أو ذاك أن يوظف بعض وحداتها في قمع الثائرين في تلك البلدان، مستعينا بأساليب المكر والمال والسيف والتخويف لكن ما زالت الجيوش هي أمل الأمة وملاذها.
لكن لا بد للأمة أن تدرك في الوقت نفسه أن هذه الجيوش هم أبناؤها، لكن سيطرة العدو المستعمر على قيادات الجيش لتمرير خططه الخبيثة هو داء عضال يقوض كل تضحياتها وثوراتها من أجل التغيير، وأن هذه الثورات لن تؤتي أكلها إلا إذا قامت الأمة بتحديد هدفها وكيفية الوصول إليه وتحديد من يقودها ويوجهها وفق مشروع واضح وصحيح يكون بمثابة دستور بين الأمة والقيادة يكون للأمة الحق الكامل وكامل القدرة على النصح والمحاسبة في حال وجود أي خلل أو انحراف عن الطريق الموصل لتحقيق الهدف المنشود، إضافة لذلك على الأمة أن تعرف من هم أعداؤها المتربصون بها، الذين يمكرون بها ويضعون العراقيل أمامها لمنع تحقيق هدفها، ومن أخطر العراقيل العمل على منع اجتماعها والتفافها واتخاذها لقيادة سياسية واعية مخلصة من أبنائها الواعين على مكر العدو ومخططاته.
كذلك على الأمة أن تعي أن أمريكا هي راعية الإرهاب الأولى وصانعة رجالاته وصاحبة مؤسسات الأزمات في العالم، فهي الرأس الشيطاني المدبر للحرب ضد الإسلام والمسلمين واستعباد الشعوب، ففي مطبخها السياسي يتم تحضير السموم والمؤامرات التي تفتك بالبشرية جمعاء بجميع ألوانها وانتماءاتها وخاصة المسلمين، فالعداء هنا متأصل فهي لا تقف إلى جانب أحد إلا لتفرض نظامها الرأسمالي الديمقراطي الذي أثنت عليه وجعلته تقدما إلى الأمام يلزم الشكر والثناء للمرحلة الانتقالية في السودان.
ومما يجب الإشارة إليه هو أن أمريكا واهية ضعيفة لولا وجود العملاء والمأجورين فهي قوية بفضل هؤلاء العملاء والمرتزقة من قاعدة الجيوش ورؤساء العصابات والجماعات الذين تصنعهم وتستخدمهم كأدوات رخيصة لتحكم سيطرتها على شعوب العالم وتستغل ثرواتها وتمص دماءها، وليس كما وعدت سامانثا أن بلادها تريد أن تساعد وتساهم مع السودان في استغلال ثرواته وموارده العديدة، فأمريكا ماضيها وحاضرها شاهد على استغلالها لثروات كل البلاد التي دخلتها وعاثت فيها الفساد وأهلكت الحرث والنسل وأعادتها إلى قرون قبل التاريخ، فهل السودان يختلف عن العراق وأفغانستان وغيرها؟
من هنا نقول إن خلع تلك الأدوات التي تأتمر بأوامر الأعداء يرد أمريكا والنفوذ الغربي إلى عقر دارها، ولكن هذا الأمر يتطلب عملا جادا واعيا من الأمة وتحملا لواجبها الشرعي في مواجهة من يقفون في طريق نهضتها، ويكبلونها ويؤخرون انعتاقها من الاستعمار وذلك بالعمل الجاد مع حزب التحرير صاحب مشروع الخلافة على منهاج النبوة يرعى خليفتها الشؤون ويقود الجيوش ويوجهها لنشر الإسلام رسالة هدى ونور للبشرية جمعاء، وبذلك نعود كما كنا خير أمة أخرجت للناس، فنحقق فلاحنا وعزنا وننقذ البشرية من ظلم الرأسمالية وأنظمتها الوضعية الجائرة.
وختاماً فإن الوعي السياسي هو رأس الحربة في أي معركة وعلى كل مخلص واع على خطط الاستعمار أن لا يدخر جهدا في توعية الأمة على أن العدو الحقيقي لها هو الكافر المستعمر، وأن الجيوش هم أبناؤها، فلا بد من العمل على كسب الجيوش وانتزاعها من الأعداء ومؤامراتهم لتنحاز إلى أمتها، فتفوز بخيري الدنيا والآخرة.
القسم النسائي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع