أعلن بشكل رسمي عن حصول كيان يهود على صفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، وقدم سفير كيان يهود لدى إثيوبيا أليلي أدماسو أوراق اعتماده كمراقب في الاتحاد الأفريقي إلى رئيس مفوضية الاتحاد موسى فقي محمد في مقر المنظمة في أديس أبابا، وفق تصريحات للطرفين.
ووصف يائير لابيد وزير خارجية كيان يهود هذا الانضمام بقوله "هذا يوم احتفال بالعلاقات (الإسرائيلية) الأفريقية وأن وضع المراقب سيمكن (إسرائيل) من مساعدة الاتحاد الأفريقي بشكل أكبر في مجالي مكافحة جائحة كوفيد-19 والإرهاب".
فما هو الاتحاد الأفريقي؟ وما علاقة كيان يهود بأفريقيا؟ وعلى أي أساس يكون عضواً في الاتحاد الأفريقي؟ وما هدف كيان يهود من هذا الانضمام؟ وكيف ينظر إلى هذه الخطوة السياسية؟
ما هو الاتحاد الأفريقي؟
الاتحاد الأفريقي هو هيئة سياسية تضم جميع دول القارة الأفريقية وقد تأسس في 9 تموز/يوليو 2002 بعد تفكيك منظمة الوحدة الأفريقية ويقع مقر الأمانة العامة ولجنة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، وتستخدم الدول الكبرى وخاصة بريطانيا وفرنسا هذا الاتحاد للتأثير في السياسة الخارجية لدول أفريقيا بهدف الحفاظ على نفوذها ولدعم عملائها في القارة ولمواجهة التمدد الأمريكي، ويلاحظ ذلك في التصدي لأمريكا في دول غرب أفريقيا ومنها مالي عام 2020 وغامبيا عام 2017 وذلك بمساندة أدوات سياسية أخرى تتبع لأوروبا أهمها منظمة إيكواس التي تضم دول غرب أفريقيا، ويلاحظ كذلك في الصراع الدائر في دول وسط أفريقيا مثل تشاد وأفريقيا الوسطى وغيرها، لكن أمريكا أيضاً أصبح لعملائها ثقل ووزن في الاتحاد الأفريقي مثل إثيوبيا والسودان ومصر وأصبحت تجيره بما يخدم مصالحها وسياساتها وتمدد نفوذها، ويحمل الاتحاد الأفريقي صفة مراقب دائم في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ما هي علاقة كيان يهود بأفريقيا وعلى أي أساس يكون عضواً في الاتحاد الأفريقي؟
لا علاقة لكيان يهود بأفريقيا، فهو جغرافياً قائم على أرض فلسطين المحتلة والتي لا تقع ضمن القارة الأفريقية؛ ولذلك لا مبرر للانضمام إلى هذا الاتحاد سوى أنه انضمام شكلي ومعنوي لدعمه وتوفير الغطاء السياسي له، وقد كان كيان يهود عضواً مراقباً في منظمة الوحدة الأفريقية قبل حلها عام 2002 وتشكيل الاتحاد الأفريقي على أنقاضها، وعمل كيان يهود فور تأسيس الاتحاد على الانضمام إليه وتمت المماطلة في ذلك من أنظمة محسوبة على أوروبا وأمريكا لدفعه للقبول بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية طمعاً في علاقات مع دول العالم ومنها القارة السمراء، وفي هذا السياق تم سابقاً منح السلطة الفلسطينية صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي وذلك لتوفير الغطاء السياسي لمشروع الدولتين الأمريكي الخبيث.
ما هدف كيان يهود من هذا الانضمام؟
يهدف كيان يهود من هذا الانضمام إلى تحقيق أهداف عدة منها:
- إضفاء الشرعية على نفسه بالانضمام إلى منظمة تمثل قارة بأكملها تعتبر الثانية من حيث المساحة وعدد السكان وفيها العديد من بلاد المسلمين القوية خاصة في شمال القارة.
- الولوج من هذا الانضمام إلى علاقات طبيعية مع جميع دول القارة الأفريقية والتي ما زال الكثير من شعوبها ينظرون إلى كيان يهود من منظور الكره والرفض للاستعمار بعد أن ذاقت تلك الشعوب وما زالت ألوان الذل والفقر والجوع والضياع ونهب الثروات وسفك الدماء على يد المستعمرين الفرنسي والإنجليزي، وتلك النظرة الكارهة للاستعمار تشكل عقبة أمام الأنظمة الحاكمة في أفريقيا في نسج العلاقات مع كيان يهود رغم أن تلك الأنظمة هي أنظمة عميلة لأوروبا وأمريكا وتتشوق لنسج العلاقات مع كيان يهود.
- أن يكون ذلك مدخلاً لتوقيع المزيد من اتفاقيات التطبيع مع الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين في أفريقيا مثل الجزائر وليبيا وموريتانيا ومالي وتونس بعد أن نجحت في توقيع اتفاقيات مع السودان والمغرب مؤخراً.
- تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال عقود الاستثمار في مجال الطاقة والتكنولوجيا والصحة واستخراج الثروات ومن خلال تصدير المنتجات المدنية وإبرام الصفقات العسكرية وتصدير السلاح والصفقات التجارية.
- مداعبة خيال كيان يهود بأن يكون له أبعاد سياسية إقليمية أو أبعد من ذلك تجعل له نفوذاً سياسياً تنسجم مع أحلامهم "من النيل إلى الفرات" ولكنها تبقى مداعبة للخيال لأن كيان يهود كيان هزيل أضعف من أن يثبت أركانه في فلسطين لينطلق إلى الدول المحيطة فكيف به يتوجه إلى أفريقيا! وهو في الحقيقة لا وزن سياسي حقيقي له إلا بمقدار دعم الدول الكبرى له وخيانة الأنظمة المحيطة به مثل مصر التي جعلته يأمل بأن يوجد ضغطاً مستقبلياً عليها من خلال زيادة نفوذه في دول منبع النيل.
كيف ينظر إلى هذه الخطوة السياسية؟
ينظر إلى هذه الخطوة على أنها حلقة من سلسلة التآمر الدولي المستمر على قضية فلسطين ودعم كيان يهود وإضفاء الشرعية عليه خاصة أنها تأتي بعد اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية برعاية أمريكا التي قررت في عهد ترامب عدم ربط إقامة الدولة الفلسطينية بالسماح للأنظمة التابعة للغرب في بلاد المسلمين وغيرها بنسج علاقات مع كيان يهود فكان تطبيع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وقد مدح بايدن مع وصوله تلك الاتفاقيات وأثنى عليها، ومن ثم جاء هذا الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي وذلك في سياق الدعم والانحياز المطلق لكيان يهود من الغرب ومحاولة جعله كياناً شرعياً في نظر دول العالم وخاصة تلك الدول التي تنظر شعوبها إليه على أنه كيان غاصب ومحتل وترفض التعاطي معه.
إن إنهاء هذا التآمر الدولي بقيادة الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا على قضية فلسطين مستخدمة المنظمات والهيئات السياسية والأنظمة العميلة يكون بإقامة كيان سياسي قوي للمسلمين - دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة - تطبق مبدأ الإسلام وتحرك الجيوش لتحرير فلسطين وتعيد بلاد المسلمين في أفريقيا إلى حضن الأمة الإسلامية ونفوذ دولتها وتحمل رسالة الإسلام إلى ما تبقى منها.
بقلم: د. إبراهيم التميمي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع