انطلقت يوم الثلاثاء 16/03/2021م مظاهرات شعبية من مجمع البنوك في كريتر عاصمة محافظة عدن، تحت سمع وبصر الإمارات، بالتزامن مع مظاهرة في زنجبار عاصمة محافظة أبين وإغلاق للمحلات التجارية في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج وُجِّهَتا ضد محافظي المحافظتين المعينين من عبد ربه هادي، ومظاهرات بصورة أقل في محافظتي شبوة وحضرموت. المشاركون في المظاهرات من أهل جنوب اليمن يعانون من تردي صور الحياة المعيشية بدءاً بانقطاع الرواتب "موضة اليمن بشطريه" لفترات طويلة وهي لا تعني سوى قذارة الحكومتين في صنعاء وعدن في الوقت الذي يتقلب فيه أعضاؤهما برغد العيش، ولا يبالون بمعاناة الناس الذين أذلتهم ظروف العيش بعدم قدرتهم على كفاية أنفسهم ومن يعولون فيما يحتاجونه من مقومات العيش الأساسية كالأكل والشرب ومداواة المرضى والانتقال في مشاوير الحياة اليومية المعتادة، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية بشكل رفعت معه أسعار بقية السلع في الأسواق. إن التلاعب بأقوات الناس في عدن والمحافظات الجنوبية يتم على يد المسؤولين الماليين بدءاً بوزير المالية ومحافظ البنك المركزي ومستشار عبد ربه الاقتصادي حافظ معياد، والأذرع المتعاملة معهم من خلال الأموال الطائلة التي يحصدونها جراء اللعب على اختلاف صرف الدولار والعملات الصعبة بالريال، وبسببها وصل صرف الدولار الواحد إلى الألف ريال. وكذلك التلاعب بأسعار المشتقات النفطية من نفط وديزل وغاز - الفرق بين ما يشترونه في السوق وما يستلمونه من البنك المركزي - التي يجلبها أحمد العيسي ورؤساء شركات النفط والغاز من خارج البلاد، ويجني من ورائها أموالاً مهولة.
لقد استغل المجلس الانتقالي معاناة الناس لإسقاط اتفاق الرياض الذي بقي حبيس الأدراج لأكثر من عام قبل أن يرى النور، بالإعلان عن تشكيل حكومة معين عبد الملك فبدأ بوضع العراقيل أمامها بدءاً بعرقلة وصولها إلى عدن لأداء اليمين أمام عبد ربه هادي، ثم استقبالها بثلاثة تفجيرات بمطار عدن حين وصولها في 30/12/2020م، لحقتها عدة تفجيرات في محافظة عدن في انفلات أمني مدبّر قادته الإمارات وحزامها الأمني المسؤولين عن الأمن في المحافظات الجنوبية عموماً ناهيك عن العاصمة عدن. ثم عزل الحكومة في القصر الرئاسي بمعاشيق، وتضاعف معاناة الناس، ثم باعتراض المجلس الانتقالي على قرارات عبد ربه هادي الصادرة عقب تشكيل الحكومة، مع أن اتفاق الرياض قد نص على إجراء عبد ربه تغييرات للمحافظين ومدراء الأمن، إلا أن المجلس الانتقالي جاهر بالوقوف ضدها بضراوة بغية إفشال اتفاق الرياض المنعقد في 05/11/2019م.
الخطورة في اتفاق الرياض هي إحلال القوات السعودية مكان القوات الإماراتية، مما يعني تراجع المجلس الانتقالي عملاء بريطانيا الذي تعول عليه بريطانيا أكثر من حكومة عبد ربه هادي، أمام تقوية المجلس الثوري الجنوبي جناح حسن باعوم عملاء أمريكا ذوي الارتباط بضاحية بيروت الجنوبية وإيران، وزاد الطين بلة تعيين الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الداخل للبيت الأبيض من شهرين تيموثي ليندركينغ مبعوثاً أمريكياً خاصاً لليمن، وإعلان الناطق الرسمي بوزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس يوم الأحد 14/03/2021م عن إطلاق حملة دبلوماسية أمريكية بشأن اليمن لإعطاء الشرعية للحوثيين وتثبيتهم حكاماً في صنعاء وغير مستثنية جنوبه، لدعم عملائها الضعفاء داخل المحافظات الجنوبية، فقد بدأ طرح اسم علي ناصر محمد الآن من جهة عملائها الهاربين من اليمن المرفهين في تركيا، الذين انضموا إلى الحوثيين وفشلوا في آب/أغسطس 2015م في تسليم عدن والمحافظات الجنوبية لعلي ناصر محمد - تحت مسمى الشرفاء الجنوبيين - وحالت بريطانيا بينهم وبين ما أرادوا بإرسالها الإمارات إلى عدن وطردهم منها وبتواطؤ من الحرس الجمهوري المشارك للحوثيين في عدن. لا يزال اتفاق الرياض الذي حرصت أمريكا على عقده، وإدخال يدها في جنوب اليمن، كما أدخلت يدها عن طريق الحوثيين في شماله، لا يزال ذلك الاتفاق يؤرق بريطانيا راعية اليمن في شماله وجنوبه فيدفعها لتعطيله.
إن الصراع الدولي على اليمن بين الاستعمارين القديم والجديد قد بدأ منذ ستينات القرن الماضي وهو يشتد الآن، ولن يتوقف حتى يصحو أهل اليمن ويعوا حقيقته ولا يلجؤوا لأحد طرفيه.
يا شباب، يا عقلاء جنوب اليمن: أنتم أمام معاناة اقتصادية، لكن أتستبدلون بمجرمي عبد ربه هادي القدامى مجرمي الانتقالي الجدد؟! إن حل هذه المعاناة لا يكون إلا بالعمل الصحيح الذي يسبقه تفكير مستنير. فحل المشكلة الاقتصادية ليست في استبدال أشخاص بآخرين، ولكن في استبدال النظام الاقتصادي برمته ووضع آخر مكانه. إن الاقتصاد المطبق عليكم حالياً رأسمالي يصادم عقيدتكم وأحكامها جملة وتفصيلاً، وهو السبب في معاناتكم. والحل هو أن تستبدلوا به النظام الاقتصادي الإسلامي، وجعل بقية أنظمة الحياة المطبقة عليكم من الإسلام في الحكم والسياسة الداخلية والسياسة الخارجية وغيرها، حتى تسعدوا وتنفوا عنكم شقاء الدنيا ومتاعبها، وتعودوا لمجدكم السابق أهل إيمان وحكمة وتفوزوا بالآخرة.
عليكم باسترجاع سلطانكم الذي منحكم الله إياه في تنصيب من يطبق فيكم أحكام رب العالمين، وهو القائل سبحانه: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ وقالَ رَسُوله ﷺ: «كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ»، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم» متفق عليه، وفي الاقتصاد فهو القائل: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ وقال رسوله ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْكَلَإِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ» رواه أبو داوود، وفي غيرها من أنظمة الحياة من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فهي وعد الله القائل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وبشرى رسول الله ﷺ القائل «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» أخرجه أحمد عن النعمان بن بشير.
رأيك في الموضوع