بعد ترشيح حافظ أسد لرئاسة الجمهورية العربية السورية من القيادة القطرية ومجلس الشعب، وهو علوي من الأقليات، وهذا ما لم يجرؤ عليه أحد، ولا حتى حزب البعث ولا أي عسكري، أن يتقدم لهذا الموقع علوي، وهم فئة منبوذة حقيرة معلومة الحقد والعداء للإسلام والمسلمين.
وللعلم فإن حافظ أسد وإن قام بإبعاد الأتاسي وصلاح جديد بناء على اتفاق معهما، ولكن الأمور قد تحولت بعد ذلك، وتحول حافظ أسد من ذيل لعملاء بريطانيا ليكون ذيلا لعملاء أمريكا، بل عميلا خاصا لأمريكا. فحافظ أسد حين ذهب إلى مصر ودخل في الاتحاد الرباعي رجع من مصر إلى سوريا على غير الوجه الذي ذهب به. فإن المصريين أقنعوه بأن يكون رئيس الجمهورية العربية السورية وأن جماعتهم في سوريا سوف تقف معه وتؤيده، وربما أقنع بأنه لن يُسند من مصر وحدها بل من أمريكا نفسها، فأسال لذلك لعابه وضرب عرض الحائط بجميع الاعتبارات الداخلية والخارجية والارتباطات القديمة، وأخذ رئاسة الجمهورية بناء على هذا الولاء والعمالة الجديدة، ولولا هذا السند القوي لما أقدم على ذلك بل لما فكر فيه.
وهذا الوضع، أي التغيير من النفوذ الإنجليزي إلى النفوذ الأمريكي، لا شك لن يمر مرور الكرام بل سيقف منه الإنجليز موقف الصراع ومحاولة إعادة سوريا إلى حضنهم بحيث تعود سوريا لهم ويطيحون بحافظ أسد كما أطاحوا من قبل بحسني الزعيم وأديب الشيشكلي. ولأن الوضع في سوريا من خلال قوة نفوذ حافظ أسد ومن معه وجماعة عبد الناصر والسند الخارجي كبيرة فإن بريطانيا بحاجة إلى مساعدة خارجية لنصرة قواها بالداخل، وهنا أخذ الأردن يحشد جيشه على حدود سوريا. وترددت أخبار بأن الجيش الأردني سيحتل دمشق. وقامت صحف معروفة بتبعيتها للإنجليز مثل جريدة الحياة وأمثالها تهاجم حافظ أسد وتلمح للسوريين، وأيضا فإن السياسيين اليمينيين الموجودين في لبنان مثل مأمون الكزبرى وأمثاله كانوا يتحركون تحركات مشبوهة، ويفهم من أقوالهم أن حافظ أسد سيطاح به، ولا يستبعد أن تكون في لبنان (مركز المؤامرات على سوريا آنذاك) اجتماعات غامضة.
فهذا كله يدل على أن الإنجليز قاموا بأعمال ومؤامرات للإطاحة بحافظ أسد، وظهر من مجموع الأخبار أن ما يحاك في سوريا ضد حافظ أسد ربما كان غير كاف للإطاحة به لذلك جرت الاستعانة بالأردن ليسند ما يحصل في سوريا ضد حافظ أسد أو ليتدخل عند اللزوم ضد سوريا بحجة أن سوريا تدخلت ضده في أزمة أيلول. ولو كانت قوى الإنجليز في سوريا كافية للإطاحة بحافظ أسد وبالحكم الأمريكي الجديد لما احتاج الأمر الاستعانة بالأردن بل لأطاحوا به كما أطاحوا بحسني الزعيم وأديب الشيشكلي، ولكن نظرا لقوة حافظ أسد في الجيش السوري وما حصل من تجاوب معه في المدة الأخيرة فإن الأمر قد احتاج للاستعانة بالأردن، تماما كما حصل في انقلاب 28 أيلول سنة 1961 يوم أطيح بحكم عبد الناصر لسوريا، فإنه حينئذ قد احتشد الجيش الأردني للتدخل إذا لزم الأمر. ومن هنا بداية الحكاية للصراع بأداة جديدة تشكل خطرا مباشرة على الحدود الشمالية...
بقلم: الأستاذ: المعتصم بالله (أبو دجانة)
رأيك في الموضوع