قال تلفزيون "العربية"، الأحد، إن اجتماع لجنة التنسيق المشتركة لمراقبة تنفيذ اتفاق السويد برئاسة الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت، بدأ الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي على متن سفينة "فوس أبولو" VOS Apollo التابعة للأمم المتحدة في البحر قبالة ميناء الحديدة، وذلك بحضور ممثلي الحكومة الشرعية والحوثيين، وأضاف أن الاجتماعات ستستمر أربعة أيام بمشاركة ممثلي الحكومة الشرعية والحوثيين. إلى ذلك، أوضح مصدر في اللجنة أن ممثلي المليشيات الحوثية رفضوا خلال جلسة المناقشات الأولى بحث موضوع تثبيت وقف إطلاق النار، الذي طرحه رئيس اللجنة الفريق كاميرت كأول بند في جدول الاجتماعات، متذرعين باستمرار الغارات الجوية. وتبحث اللجنة على مدى أربعة أيام، آليات تنفيذ اتفاق ستوكهولم على ضوء التمديد الزمني الذي أقره مجلس الأمن لتنفيذ الاتفاق بموجب قراره 2452 وتعيين بعثة أممية من 75 عضوا لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاق في الحديدة خلال ستة أشهر قابلة للتمديد.
فيما أكد المتحدث باسم حكومة هادي، راجح بادي، أن سبب نقل اجتماع لجنة التنسيق المشترك في الحديدة إلى عرض البحر هو تعنت مليشيات الحوثيين ورفضها الوجود في مناطق تتبع شرعية الرئيس هادي.
يذكر أن مراقبين رجحوا أن يكون هذا الاجتماع آخر ما يرأسه الجنرال كاميرت قبل تسليم مهامه لخلفه الجنرال مايكل لوليسغارد المتوقع وصوله إلى عدن خلال اليومين القادمين.
وكان مصدر دبلوماسي يمني قد قال إن الحوثيين في صنعاء وافقوا على دخول آليات عسكرية تابعة للأمم المتحدة إلى محافظة الحديدة، قبيل وصول بعثة دولية موسعة دعما لهدنة هشة وانسحابات متبادلة للقوات بعيدا عن عاصمة وموانئ المحافظة الاستراتيجية على البحر الأحمر.
وقال المصدر في تصريح لإذاعة (مونت كارلو) الدولية "إنه من المرجح أن تشمل الدفعة الأولى من هذه المعدات 20 آلية وعربة مصفحة لتكون تحت ولاية بعثة دولية موسعة لتنسيق آليات إعادة نشر القوات المتحاربة وتثبيت وقف لإطلاق النار بموجب اتفاق ستوكهولم المعتمد بقرارين أخيرين لمجلس الأمن الدولي".
إلى ذلك تستأنف حكومة هادي وجماعة الحوثيين نهاية الأسبوع في العاصمة الأردنية عمان، جولة مباحثات تأمل الأمم المتحدة أن تكون الأخيرة لإنفاذ أول صفقة تبادل للأسرى والمعتقلين.
لقد مضى ما يزيد عن 40 يوما على اتفاق ستوكهولم الذي أوضح حزب التحرير حينها أنه تم بضغوط أمريكية لإنقاذ عملائها الحوثيين، مبينا جدية أمريكا في إيقاف الحرب في اليمن بعد أن هيأت الأجواء لانعقاده؛ وذلك لأن أمريكا أوجدت له رأياً عاماً ضاغطاً بإعلاء الصوت حول الدوافع الإنسانية ومآسي المجاعة في اليمن وأمراض الأطفال نتيجة الحروب والقتلى والجرحى...إلخ وكأن هذه الأمور استجدت اليوم! إلا أن بريطانيا المستعمر العريق في اليمن تريد أن تجعله مدخلاً للأخذ والردّ في الاتفاق بحجة كيفية المراقبة والتنفيذ والانسحاب لتطويل أمده وذلك من خلال قرار مجلس الأمن 2451 الذي قدمته هي وصوت عليه مجلس الأمن بالإجماع بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2018م بعد تعديلات أمريكية عليه، فلا يهم المتصارعين على أرض اليمن عددُ القتلى من أهله ولا حجم التدمير في بنيانه، بل إن ما يهمهم هو تحقيق مصالحهم فقط، وبهذا الصدد فقد أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن البريطاني مارتن غريفيث، على أن الجداول الزمنية لتنفيذ اتفاق السويد بشأن مدينة الحديدة غربي اليمن وتبادل الأسرى، مدّدت، مبررا التمديد أنه بسبب "صعوبات على الأرض" مع أن بريطانيا هي التي لها مصلحة في تمديده كما أسلفنا، علاوة على أنها تريد أن تؤلب المجتمع الدولي على الحوثيين وتضعهم على المحك، خاصة أنهم يمتازون بالغطرسة مع قلة الخبرة في السياسة واشتهارهم بنقض المواثيق والعهود مع خصومهم.
إن مما يؤكد ما قاله حزب التحرير في حينه بخصوص الأخذ والرد في تنفيذ الاتفاقات والانسحاب وكيفيته هو ذلك الخلاف الكبير واللغط حول فهم نص اتفاق ستوكهولم بخصوص انسحاب القوات من مدينة الحديدة وموانئها ومن يكون المعنيّ باستلامها، فحكومة هادي تشدد على ضرورة تنفيذ اتفاق ستوكهولم وانسحاب مليشيا الحوثي من مدينة وموانئ الحديدة وتسليمها للسلطات المحلية - حسب القانون اليمني - كما ورد في نص الاتفاق، فيما الحوثيون يطالبون بتنفيذ الاتفاق ويرون أن السلطات والقوات المحلية المعينة منهم والموالية لهم هي المعنية بذلك، وقد كانت المسرحية بتسليمهم أمن الحديدة وموانئها لقوات خفر السواحل التي عينوها هم فسكتت أمريكا عن ذلك بينما ضج الموالون لبريطانيا - هادي والإمارات وأتباعهم -، وهكذا وضع المبعوث الأممي البريطاني مارتن غريفيث في اتفاق ستوكهولم ألغاما تطيل أمد الحرب والنزاع خدمة لمصالح دولته بريطانيا، وذلك للتأثير الشديد في السعودية لتكف عن حملتها ضد عملاء بريطانيا وذلك بعد أن اعتقلوا عملاءها وأقصوهم عن الحكم وعرضوا مصالحها للخطر والزوال.
ومن المتوقع أن تستمر الأوضاع بين شدّ وجذب؛ فمن ناحية أمريكا فهي تريد إقفال المسرح العسكري خاصة في الحديدة وموانئها ومن ثم التوجه إلى الحلول السياسية مع بقاء صوت الحوثيين مسموعاً كما هو في الحديدة... ومن ناحية بريطانيا فهي توجِد الذرائع لاستمرار القتال لتحقيق أكبر قدر ممكن من إضعاف الحوثيين وأن لا يسمع لهم صوت في الحديدة قبل التوجه للحل السياسي الذي هو في حقيقته ليس حلا صحيحا بقدر ما هو كارثة على أهل اليمن وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، ولن تستطيع الأمم المتحدة أن تؤلف بين قلوب العملاء المتصارعين كونها هيئة تتبع الغرب الكافر المتصارع على خيرات المسلمين ولا تريد لليمن وأهله وبلاد المسلمين عامة إلا الشر والسوء، وإن الإسلام وحده هو الكفيل بالقضاء على ما يؤجج الصراعات والحروب والفتن، وبه ألف الله القلوب وصهر العرقيات والشعوب، وهو وحده الذي يجب أن يسود ويقود بدولته دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي بإذن الله ستكون واقعا عما قريب.
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع