(مترجم)
(الحلقة الأولى – ج2)
في العامين الأخيرين، لوحظت بعض التغييرات في بلدان آسيا الوسطى في السياسة الداخلية للأنظمة الاستبدادية - في بعض البلاد كانت التغييرات على شكل نقاط، وفي بلاد أخرى أعلن عن إصلاحات حقيقية. تجذب هذه الظاهرة الانتباه في المقام الأول إلى حقيقة أن التسهيلات والإصلاحات لا تتناسب بأي شكل من الأشكال مع السياسات التي نفذتها أنظمة المنطقة خلال العشرين سنة الماضية.
أولا: أوزبيكستان:
إن الصراع الدؤوب مع الدعاة الدينيين مستوحى من ميرزياييف نفسه، الذي ذكر خلال رحلته إلى منطقة أنديجان: "إذا، مثلا، هناك 20-30 من العثرات في خمس محلات، خمسة منهم متحمسون (متطرفون)، لن يتحولوا بعيداً عن الطريق المختار، يجب أن يحرموا من الجنسية، أنا مستعد لذلك".
بعد تعيينه في منصب رئيس جهاز أمن الدولة، علّق إحتيور عبد اللاييف على قانون جهاز أمن الدولة على النحو التالي: "عدم الاستقرار في الدول المجاورة، تفعيل الحركات (الإرهابية)، عودة رعايانا، نمو التعداد السكاني، بما في ذلك الأشخاص ذوي النوايا السيئة، والدخول إلى بلادنا بفعل فتح الحدود، وكذلك الثقافة الدينية ذات الطبيعة (المتطرفة)، التي يجلبونها إلى البلاد، تشير إلى أن التهديدات المعروفة سابقاً ما زالت موجودة. ويتجلى ذلك في حقيقة أن بعض الناس، الذين يسيئون فهم حرية الدين، يحاولون الدخول في تيارات مختلفة... إن تفعيل بعض القوى التي تعتبر نفسها معارضة، ومحاولة إضفاء الشرعية على أنشطتها، يظهر أنها تحاول الدخول إلى البلاد، في محاولة لاختراق الاستقرار الموجود فيها... حقيقة أن رعايا أوزبيكستان، والعمال في أراضي الدول الأخرى، في معظم الحالات يقعون تحت تأثير التيارات (المتطرفة)، هو إحدى عوامل الخطر الرئيسية. لا يمكن الافتراض أن جميع الاستثمارات الأجنبية الداخلة إلى البلاد مفيدة. لا ينبغي أن نهمل أي بند من الأمور المذكورة أعلاه". هذا ما أفادت به إذاعة أوزودليك في 30/03/2018.
كل هذا يشير إلى الحفاظ على القوة القديمة والأساليب القمعية في السياسة الداخلية للنظام. أجمع المدافعون عن حقوق الإنسان على أن إعادة تسمية جهاز الأمن الوطني إلى جهاز أمن الدولة لم تُدخل في الواقع أي تغييرات ملموسة في هيكل الخدمات الخاصة، باستثناء الحصول على السيطرة الكاملة من قبل ميرزياييف على الخدمة الخاصة الرئيسية في البلاد. المادة 12 من القانون الجديد "حول أمن الدولة" تمنع الهيئات الحكومية والمنظمات الأخرى والمسؤولين من التدخل في أنشطة جهاز أمن الدولة. كما أن المادة 37 تفرض الحصانة على ضباط الأمن العام أثناء الخدمة: "لا يمكن تحميل جندي من جهاز أمن الدولة مسؤولية جنائية أو احتجازه دون موافقة المدعي العام لجمهورية كاراكالباكستان والإقليم ومدينة طشقند، على التوالي".
بالإضافة إلى ذلك، لم يمر زمن طويل منذ قام ميرزياييف بالتوقيع على قانون التصديق حول الاتفاق بين تركيا وأوزبيكستان على تسليم المجرمين. اعتمد القانون من قبل مجلس النواب وأقره مجلس الشيوخ في أوائل حزيران/يونيو. ويشير الخبراء إلى أن هذه الاتفاقية تقول شيئاً واحداً: ميرزياييف يواصل طريق كريموف من أجل العودة القسرية لمعارضي النظام من الخارج، ووقائع التسليم لم تَطُلْ. ففي 22 حزيران/يونيو، سلمت السلطات التركية سراً إلى أوزبيكستان أركين أفازوف البالغ من العمر 38 عاماً، وعبد الله إيرماتوف البالغ من العمر 34 عاماً، وهما متهمان "بالتطرف الديني" في بلدها، وفي 20 تموز/يوليو، تم تسليم ذاكر رحيموف إلى أوزبيكستان، وهو مطلوب للاشتباه في تورطه في منظمة "الحركة الإسلامية في تركستان"، كما ذكرت "أوزبيكستان 24". ومن المتوقع أيضاً تسليم باهردان خودوينازاروف، 48 عاماً، وفقاً لما ذكرته إذاعة أوزودليك كما أشار إليه أقارب خودوينازاروف. وقال التقرير أن باهردان خودونازاروف الذي يعتبر تلميذ العالم الأنديجاني الشهير عبد الفضالي - قاري ميرزاييف قد تم إحضاره إلى أوزبيكستان في قائمة الأشخاص المطلوبين للاشتباه في شن هجمات على النظام الدستوري.
أخيراً، مزقت الأحداث الأخيرة في أوزبيكستان أقنعة ما يسمى بالإصلاحات.
بعد إعلان الرئيس الجديد لإصلاحات واسعة النطاق، تحت ضغط من الجمهور، اضطر النظام إلى إلغاء الحظر السري على ارتياد المساجد للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة. وبسبب السعادة والاعتقاد في ذوبان الجليد، قرر المسلمون النشطون عدم التوقف عند هذا وبدأت المطالبات من الإدارة الدينية للمسلمين بحل القضية المتعلقة بارتداء الخمار في الأماكن العامة وفي المقام الأول في المؤسسات التعليمية، حتى هذه الفكرة كانت مدعومة من قبل بعض أئمة المساجد. ومع ذلك، وكما تبين، أدرك النظام أنه، من خلال تصرفاته الشعوبية، كان مشجعاً للغاية بالنسبة للشعب، والإصلاحات يمكن أن تنتهي بأناس يرفعون رؤوسهم ويرفعون راية الإسلام مرة أخرى، كما حدث في التسعينات.
وبالتالي، حدث انهيار سريع لجزء كبير من الإصلاحات في المجال الديني بسرعة كبيرة. لذا، أغلق التلفزيون الأوزبيكي عدة إذاعات إسلامية في وقت واحد، وفي معظم المناطق توقفوا عن الأذان بواسطة مكبرات الصوت، وفي مناطق عدة من أوزبيكستان، تم طرد الأئمة النشيطين من مناصبهم تحت ذرائع مختلفة. وفي شهر تموز/يوليو أيضاً، أنشئ منصب نائب رئيس آخر في الدائرة الدينية لمسلمي أوزبيكستان، في حين عين النائب السابق لجهاز الأمن القومي ديلشود هوشيموف نائباً جديداً، وهو الذي منحه كريموف المعروف بعدائه للإسلام، وسام الشجاعة.
كما تشير الابتكارات في مجال التحكم في الإنترنت إلى الحفاظ على الطبيعة السلطوية للنظام، لذا، من أجل محاربة ما يسمى بـ"التطرف"، يقترح فريق الرئيس الجديد إنشاء ما يسمى بـ"مكتب الوقاية من نشر الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت" (مشابهة محلية لروسكومندزور الروسية)، والتي يمكن أن تمنع رسمياً أي مصدر للإنترنت، بما في ذلك المواقع الإخبارية، للاشتباه في "التطرف". (يتبع)
بقلم: الأستاذ عبد الصمد نوروف
رأيك في الموضوع