بالرغم من العلاقة الوثيقة التي تربط محمد بن سلمان بالإدارة الأمريكية بوصفه عميلاً مُخلصاً لها، وبالرغم من مئات المليارات التي دفعتها مملكته لأمريكا كإتاوات لتثبيت حكمه، ولتقوية مركزه كوريث وحيد للعرش، وبالرغم من اعتماد أمريكا للسعودية بقيادته كدولة تابعة محورية لها في الإقليم، بالرغم من هذا كله فإنّ السعودية تزداد ضعفاً، وتخفّ وزْناً، وتتراجع مكانةً في المنطقة، وفي العالم.
فمحمدبن سلمانالذي جمع من السلطات والصلاحيات في يده ما لم يسبقه أحدٌ من الملوك من قبله، ما زال يتخبط في كل ما قام به من أعمال، فبالرغم من أنّه يملك كل الصلاحيات، ويمسك بكل الملفات، ويستولي على كل المناصب، ويتولى بالإضافة إلى ولاية العهد ورئيس الديوان الملكي، والمستشار الخاص للملك، ووزير الدفاع، ورئيس مجلسي الشؤون الاقتصادية والتنموية، والشؤون السياسية والأمنية، ورئيس مجلس أمناء صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين، ويتصرف في شركة أرامكو وفي بيع 5% من رأسمالها في الأسواق العالمية، ويترأس مجلس إدارة صندوق الاستثمار العام وهو صندوق الثروة السيادي، وهو قائد ما يُسمّى بعاصفة الحزم، وبمعنى آخر فهو كل شيء في الدولة منذ أنْ أصبح ولياً للعهد قبل عام، فبالرغم من كل هذه السلطات التي جمعها بيده، فما هي يا ترى إنجازاته بعد عام من توليه السلطة؟
1- على مستوى العلاقة مع أمريكا: فإنّه ربط السعودية ربطاً مُحكماً بأمريكا حتى النخاع وذلك بحجة التعاون العسكري ضد (الإرهاب)، فجعل من السعودية سنّاً يدور في دولاب السياسة الخارجية الأمريكية،فقام بالتواصل مع وزير الدفاع الأمريكي جايمس ماتيس للبحث في مُحاربة الإسلام، و:"البحث عن وسائل لتحديث آليات التنسيق بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وتطوير التعاون العسكري والدفاعي بينهما من أجل مكافحة (الإرهاب) والقضاء عليه"، كما قام بتنظيم ما يُسمّى بالقمّة العربية الإسلامية الأمريكية، وهي عبارة عن مجموعة من الاجتماعات التي تتم بين الملك سلمان ورئيس أمريكا دونالد ترامب، وهدفها مكافحة (التطرف).
2– على مُستوى العلاقة مع الجوار: فإنّه اعتبر دولة إيران هي العدوّة رقم واحد، وبنى كل علاقات بلاده على هذا الأساس، مُتجاهلاً عداوة الأعداء الحقيقيين ككيان يهود وأمريكا والغرب الذي اعتبر العلاقات معهم استراتيجية، بينما قام بمواجهة ما أسماه بالتدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، واعتبر أنّ العمل العربي المشترك يقتصر على مُواجهة إيران فقط، وأنّ جُلّ التنسيق في العمل العربي المشترك يكون بِمُحاصرة إيران، وتأليب العالم عليها، واعتبر قطع السودان لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران إحدى ثمرات جهوده، وهو ما أدّى إلى تكريس الخصومات السياسية بين البلاد الإسلامية، وغذّى الصراعات الطائفية التي تسبّبت في تمزيق المسلمين وإضعافهم، وتشتيتهم، وحرف نظرتهم عن عدوهم الحقيقي خدمة للأجندة الأمريكية.
3 - على مُستوى العلاقة بين الدين والدولة: فإنّه ضرب علاقة الإسلام بالدولة من خلال تقليص دور السلفيين في شؤون الحكم وهم الذين كانوا دعامة النظام الملكي منذ تأسيسه، فشوّه صورتهم، ويحاول جاهداً التخلص من إرثهم الضارب جذوره في مملكة آل سعود منذ أنْ أنشأها الإنجليز، وأعلن أنّه تبنّى إسلاماً وسطياً معتدلاً ومنفتحاً على العالم، وأنّه سيقود مملكة متحررة، فقام بإبطال صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتبر أنّ مثلث الشر يتمثل في (إيران، والإخوان المسلمين، والجماعات الإرهابية)، وأنّه يسعى للترويج لفكرة أن واجب المسلمين هو «إعادة تأسيس مفهوم مثلث الشر الخاص بالخلافة، وأنّ واجب المسلمين هو بناء إمبراطورية بالقوة وفقاً لفهمهم وأطماعهم"، وزعم أنّ الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بذلك، وأنّ النبي محمداً e لم يأمرنا بالقيام بذلك، وأنّ لكل إنسان الحق في اختيار معتقده وما يؤمن به،وأمّا عن الوهابية فقال بأنّه ليس هُناك ما يسمى الوهابية، وأنّ السعودية: "مسلمون سنة وكذلك لدينا مسلمون شِيعة"، وبذلك ضرب فكرة الإسلام السياسي بكل تفاصيلها.
4– على مُستوى علاقة المرأة بالرجل وبالمجتمع: فإنّه يسعى حثيثاً وبكل السبل إلى إفساد المُجتمع في السعودية من خلال إفساد المرأة، وتشجيعها على السفور، والاختلاط بالرجال، ونشر القيم الغربية في بلد إسلامي مُحافظ، من خلال مشاريع تافهة وعقيمة تُشرف عليها مؤسّسة الترفيه، وكمنح رخص وتشغيل دور العرض السينمائي والمسرحي والغنائي والرياضي، وإقامة مُنتجعات وملاهي على مساحات شاسعة من الأراضي، والتحضير لما يُسمّى بالمشروع العملاق (نيوم والبحر الأحمر) وهو عبارة عن مدينة (روبوتية)، تحكمها قوانين الحريات الشخصية والاختلاط وفقاً للنظرة الغربية، فالمرأة مثلاً يحق لها في هذه المدينة أن تلبس المايوه وتسبح مع الرجال في الشواطئ، وتُقدّر تكلفتها بــ 500 مليار دولار، وتأتي في إطار ما اعتُبر (تطلعات طموحة) لما يُسمّى برؤية 2030، وستُقام هذه المدينة في أقصى شمال غربي السعودية على البحر الأحمر بامتداد 460 كيلومتراً، وتضم أراضي داخل الحدود المصرية والأردنية، وعلى مقربة من الأراضي التي يحتلها كيان يهود، ليتضافر بهذا المشروع الخبيث مزيجٌ من الفساد والتطبيع ونشر جميع أنواع الرذيلة في آنٍ واحد.
5– على مستوى التدخلات الإقليمية للسعودية في دول الجوار: ففي اليمن على سبيل المثال فإنّه بالإضافة إلى أنّه قام بإغراق السعودية في المُستنقع اليمني وفقاً للدور المرسوم أمريكياً في التصارع مع عملاء الإنجليز، وبالإضافة إلى توريطها في سفك دماء الأبرياء، وقتل النساء والأطفال، وتخريب البلد، وتشريد اليمنيين، وتمزيق الدولة اليمنية، فبالإضافة إلى ذلك كله فإنّ الخسائر الاقتصادية للسعودية بسبب اليمن كانت نتائجها كارثية على الاقتصاد، فهذه الحرب تُكلف السعودية 200 مليون دولار يومياً.
6– على مُستوى الوضع الاقتصادي: فإنّه تحت قيادة ابن سلمان يزداد الوضع تردياً وسوءاً، فبرنامج ابن سلمان الإصلاحي أدّى إلى تباطؤ الوضع الاقتصادي بمستوى عالٍ من الانكماش والكساد، وضعف النمو، واضطرت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية، وفرض الضرائب، وزيادة الأسعار والتضخم، وإلزام الأجانب والشركات بدفع مبالغ شهرية، أدّت إلى مُغادرة مئات الآلاف من المقيمين، وهروب رأس المال خاصةً بعد اعتقال عشرات الأمراء وكبار مسؤولي الدولة وابتزازهم بحجة محاربة الفساد، ونجم عن ذلك كله الخوف من الاستثمار في المشاريع، وتراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.7% عام 2017، وتضخمت طبقة الفقراء السعوديين ووصلت نسبتها إلى 20%"، وبلغت نسبة البطالة 13 %.
هذه باختصار هي أبرز إنجازات بل سخافات ابن سلمان بعد عام من ولايته...
رأيك في الموضوع