تظهر المرأة الغربية في مختلف وسائل الإعلام والأفلام والبرامج الحوارية على أنها امرأة قوية وسعيدة وناجحة، وتعيش حياة مطمئنة وكأنما ضمنت حقوقها وحريتها، وحققت المساواة مع الرجل في الرواتب والمناصب، لأنها تعيش في ذلك العالم المتحضر الذي يحكمه المبدأ الرأسمالي بعقيدته العلمانية، عقيدة فصل الدين عن أنظمة الحياة المختلفة والانفلات الكامل للإنسان من كل القيود والضوابط الشرعية الربانية والاحتكام إلى القوانين الوضعية، حتى أصبحت مصالح الإنسان المادية فوق كل الاعتبارات والقيم.
فالرأسمالية تشجع الإنسان على الهمجية والإفراط في إشباع أكبر كم من الرغبات والشهوات والمتع الجسدية بأي شكل كان. ويتنافس الغربيون في العيش بانحلال من الضوابط والقيم وذلك يعتبرونه قمة السعادة، فتجد من يحمل هذه الفكرة، فكرة التفلت من الضوابط، تجده لا يأبه إن آذى إنسانا في سبيل متعته، فحبه للسيطرة والعنف والإرهاب والتعذيب جزء لا يتجزأ من عقيدته التنافسية، وجُل تفكيره أن يستمتع ويشبع غرائزه، وعقليته عقلية البقاء للأقوى والأغنى، وتجربة متع جديدة ومثيرة وخارجة عن المألوف هو مقياس النجاح في الحياة عنده.
وأبرز ما في المبدأ الرأسمالي هو النظام الاقتصادي الذي يشجع على تحقيق الثراء الفاحش السريع للحصول على أكبر كم من المتع بقاءً للأقوى، وأما المظلوم والضعيف، وهم غالباً من النساء والأطفال وكبار السن، فهم مجرد صفر على الشمال وعبء على المجتمع الرأسمالي الذي جعل الحياة مجرد حسابات اقتصادية مرهقة، فإن لم ينخرط الرجل ولم تنخرط المرأة في دوامة المنظومة الاقتصادية الرأسمالية والخروج للعمل يوميا من الساعة التاسعة صباحا إلى الخامسة عصراً وبدون توقف فمن أين سيأكلون ويشربون ويسكنون؟ وهل يجدون العلاج والتعليم؟ فلا توجد رعاية شؤون من جانب الدولة والأنظمة المطبقة تخدم مصالح أفراد بحمايتها للحريات الفردية لكنها لا تحل مشاكل المجتمع، وبينما يرى المسلمون من الغرب تقدمه العلمي أو الاقتصادي فإنهم يغفلون عن أن المبدأ الرأسمالي قد جعل الإنسان مشرعاً من دون الله تعالى.
والرأسمالية مؤامرة شرسة خبيثة على الإنسان عامة وعلى المرأة خاصة، حيث تضطر المرأة للعيش كأنها رجل وتدعي أنها قد نالت حقوقها، بينما هي مجرد سلعة تجارية تستفيد منها الحكومة في ضخ الأموال للأسواق المالية وللمستهلك مما جعلها متاحة للرجل وموجودة معه في محيطه دائما. وحيث إنه لا يراها إلا قد وُجدت لإمتاعه، وبين الضغط المعيشي والأوضاع الاقتصادية الرأسمالية المتأزمة وبين الرغبة في فرض الرجل سيطرته على المرأة التي سلبت دوره في الخروج إلى العمل والإنفاق ومطالبتها المتكررة في المساواة معه والتنافس ضده في مجال العمل، والتعامل معه كنِدٍّ له حتى اختلطت الأوراق، ومع الإثارة المتواصلة لغريزة النوع عند الرجل بسبب تعري المرأة والرغبة في الانحلال، كل هذه الأفكار والمفاهيم جعلت نظرة الرجل إلى المرأة في الغرب الرأسمالي نظرة خالية من الاحترام حتى انتشرت وبكثرة ظاهرة العنف ضد المرأة في أوروبا وأمريكا وحول العالم:
(كشفت دراسة حديثة نشرت نتائجها الأمم المتحدة والحكومة المكسيكية، عن إحصاءات "مخيفة" للعنف المميت ضد النساء، مشيرة إلى مقتل 2746 امرأة في المكسيك عام 2016، بمعدل 7 قتيلات يوميا. ويعكس هذا الرقم زيادة بنسبة 18 بالمئة مقارنة مع سنة 2015، التي شهدت 2324 جريمة قتل لنساء.) (سكاي نيوز عربية).
ولم يكتفِ الغرب الكافر المستعمر بنشر المبدأ الرأسمالي القذر وقوانينه الوضعية التي ظلمت المرأة والرجل على حد سواء بفرض هيمنتها على البلاد وتطبيق هذا المبدأ الرخيص السطحي الذي يمنع الإنسان من النهضة نهضة فكرية سوية والعيش باستقرار:
(تشير التقديرات العالمية التي نشرت من قبل منظمة الصحة العالمية أن واحدة من كل 3 نساء (35%) من النساء في أنحاء العالم كافة ممّن يتعرضن في حياتهن للعنف على يد شركائهن الحميمين أو للعنف الجنسي على يد غير الشركاء. الكثير من هذا العنف، هو عنف الشريك. تفيد في المتوسط نسبة 30% من النساء المرتبطات بعلاقة مع شريك بأنهن يتعرضن لشكل معين من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي على يد شركائهن في حياتهن في جميع أنحاء العالم. هناك على الصعيد العالمي نسبة تصل إلى 38% من جرائم قتل النساء التي يرتكبها شركاء حميمون.) (صحيفة وقائع، تشرين الثاني/نوفمبر 2016).
(في نهاية العام الماضي 2016، نشر الإعلام الأمريكي النسب المئوية التي تؤكد أن العنف ضد المرأة الأمريكية من قبل المقربين لها، في تزايد وليس العكس، حيث أوضح التقرير أن من بين كل خمس سيدات، أربع منهن يتعرضن للعنف المنزلي، وفي كل عام، تتعرض ما يقرب من خمسة ملايين امرأة أمريكية للضرب والتعنيف من قِبل شريك حياتها، وما لا يقل عن ثلاث سيدات يتم قتلهن على يد الزوج أو الحبيب.) (ساسا بوست).
فالرعب الذي تعيشه المرأة في الغرب تشعر به من أقرب الناس إليها!
إن ظاهرة العنف ضد المرأة نتيجة حتمية وطبيعية لمجتمعات ودول عاشت على أساس فصل الدين عن أمور الحياة وطبقت القوانين الغربية الوضعية لعشرات السنين ومع ذلك فشلت في رعاية شؤون البشر، بل جعل المبدأ الرأسمالي من الإنسان مجرد آلة إشباع للمتع الجسدية! كما فشلت كل جهود دعاة حقوق المرأة في تحقيق أهدافهن، فأي حقوق ستعطى للمرأة وهي مهددة بالقتل ضرباً طوال الوقت؟!! فالمرأة في الغرب ليست سعيدة ولا قوية، ويكفي أن تبحث عن إحصائيات عن أعداد حوادث انتحار الغربيات سنوياً لتفهم مدى تعاستها وعدم رضاها عن أوضاعها، ولم تُسجل مثل هذه الإحصائيات المرعبة إلا في زمن هيمنة المبدأ الرأسمالي على العالم!
وعلى صعيد آخر، وجدت المرأة الغربية مخرجا لها باعتناقها الإسلام حيث اعتنقت مئات آلاف الغربيات الإسلام ليخرجن من ذل الرأسمالية الكافرة وامتهان كرامتهن إلى حلاوة الإيمان والعفاف والطهر، لينبذن أسلوب الحياة العلمانية المنحطة ويرتقين بأخلاقهن ويضمنّ حقوقهن وفقاً للضوابط والأحكام الشرعية، فوجهة نظر الشخص عن الحياة والإنسان والكون هي التي ترفعه وتنهض به نهضة فكرية أو تخفضه وتجعل منه إنسان منحطا! بالإسلام وحده ترتقي البشرية ويكفي المسلمات فخراً أن الله تعالى قد ضمن لهن حقوقهن وحدد لهن واجباتهن بما يرضيهن وأن سيدنا محمداً رسول الله e أوصى بهن خيرا وأن خليفة المسلمين حرك من أجل إحداهن جيشا عرمرما.
بقلم: غادة محمد حمدي
رأيك في الموضوع