كشف منتدى "جست سيكيورتي" الأمريكي، في تحليل نشره على موقعه الإلكتروني للكاتب ويل بيكارد، عن "صفقة" وصفها بـ"الكبيرة تتم بشكل سري بين السعودية واليمن لإنهاء الحرب".
حيث قال ويل بيكارد مؤسس والمدير التنفيذي لمشروع السلام اليمني، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لدعم اليمنيين العاملين على إحداث تغيير إيجابي؛ والنهوض بسياسات أمريكية سلمية وبناءة تجاه اليمن: (إن "صفقة كبيرة" تتطور سرا. وقد اجتمع مسؤولون إماراتيون، ومؤخرا مسؤولون سعوديون، مع ممثلي كل من الجناحين المؤيدين لهادي والمؤيدين لصالح في مؤتمر الشعب العام، الحزب الحاكم في اليمن الذي طال أمده. وفقا لتقارير غير مؤكدة ولكنها موثوقة، فإن الاتفاق سيخلق تحالفا حكوميا مجددا بين المؤتمر الشعبي العام والإصلاح، وهو حزب يضم الفرع اليمني من جماعة الإخوان المسلمين، مع وضع رئيس الوزراء السابق في حكومة هادي، خالد بحاح، رئيسا، وابن الرئيس السابق (أحمد علي صالح)، وزيرا للدفاع. في الأساس، سيكون هذا تكملة لمبادرة مجلس التعاون الخليجي التي أنهت رئاسة علي عبد الله صالح بعد الثورة السلمية المطولة عام 2011، لكنها بشروط أفضل للدكتاتور المخلوع. وبدلاً من الاضطرار إلى إدارة السلطة من وراء الكواليس فقط، فإن هذه الصفقة تضع ابنه ليصبح حاكم الأمر الواقع في اليمن، تماما كما يريد صالح دائما).
وأضاف قائلا (هناك فرصة حقيقية بأن المجتمع الدولي، على الرغم من الضريبة الكلامية التي يدفعها بأهمية قيادة الأمم المتحدة للمفاوضات، سيؤيد هذه الصفقة الكبرى النفعية. وهذا هو بالضبط ما حدث في عام 2011: وقعت الأحزاب اليمنية الحاكمة على اتفاق برعاية مجلس التعاون الخليجي متجاهلين الشباب الثوري وحركة استقلال الجنوب والحوثيين والمجتمع المدني. وقع العالم على قائمة من الإصلاحات السطحية لأنه كان من الأسهل السماح لدول مجلس التعاون الخليجي بالاتفاق مع اليمن من بذل الجهود لمساعدة الشعب اليمني على تحقيق تغيير ذي مغزى. وقد أدار العالم ظهره لليمن في عام 2011، ومن المحتمل جدا أن يفعل ذلك مرة أخرى.
وهذه الصفقة التي يتم التفاوض عليها بدون مشاركة مبعوث الأمم المتحدة ستكون كارثية لليمن. ففي جوهرها مجرد تعديل من نفس النخب الفاسدة والجنائية القديمة التي كانت تدير اليمن في الأرض على مدى السنوات الـ 40 الماضية حيث قضى صالح ومن يحتضنهم وقتها في تفكيك السلطة وإفلاس مؤسسات الدولة، وتعزيز القوة الشخصية والثروة، وإثارة الصراع الداخلي، وتجاهل الأزمات الاقتصادية والهيكلية المتعددة التي سهلت لتصبح اليمن أسوأ حالة إنسانية في العالم اليوم).
وأكد قائلا (وعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة معيبة للغاية. وهي ليست شاملة أو طموحة بما يكفي لتحقيق سلام دائم في اليمن. ولكن يمكن تحسينها وتنفيذها بنجاح إذا كان المجتمع الدولي على استعداد لدعمها. إن الصفقة الكبرى بين المملكة العربية السعودية والمؤتمر الشعبي العام سيئة بالنسبة لليمن. يمكن للعالم إما قبولها على أساس أن شيئا ما أفضل من لا شيء، أو أنه يمكن أن يقدم بديلا موثوقا يقدم أملا حقيقيا لليمن وتحقيقا لهذه الغاية، يتعين على المجتمع الدولي أن يشرع في تدخل دبلوماسي لتنشيط عملية السلام بقيادة الأمم المتحدة. ويجب أن تقودها الولايات المتحدة.)
هذه ليست هي المرة الأولى التي تنتشر فيها أخبار عن وجود مثل هذه الصفقة، فخلال الأشهر الماضية كانت هناك حملات إعلامية للتحالف وخاصة الإمارات تتحدث عن انشقاقات بين تحالف الحوثيين وعلي صالح، وهو ما كان يقابل بالنفي من كل الأطراف في صنعاء، كما تحدثت بعض الأوساط عن طلب جناح "علي صالح" الحوار مع الرياض وهو ما تم نفيه في أكثر من مرة أيضا، ولا يحسن اعتبار تلك الأخبار نوعا من الفبركة نظراً لتكرارها، ولربما كانت نوعا من التمهيد لما هو قادم، خاصة أن دولة الإمارات الموالية للإنجليز تسعى لإقناع (السعودية وسيدتها أمريكا) بضرورة عودة حزب صالح ونجله للمشاركة في الحل السياسي في اليمن. أما جناح الإنجليز الآخر بقيادة هادي فهو سيتكيف بحسب ما تطلبه بريطانيا خاصة حزب الإصلاح الذي يشكل غالبية جناح هادي وهم مشهورون بمثل هذه الصفقات ومن المحتمل ارتماؤهم في تحالف مع علي صالح في قادم الأيام أو على الأكثر بعد انتهاء الحرب ما داموا سيحققون من خلال تلك الصفقات بغيتهم.
إنه ليس من المعقول أن أمريكا ليس لديها علم بمثل هذه الصفقة حيث إن السعودية لن تتصرف إلا فيما يرضي أمريكا، وخاصة إشراك الحوثيين، وها هو سفير اليمن في أمريكا أحمد عوض بن مبارك المعين من قبل حكومة هادي يصرح قائلا (إن الحكومة لا تريد القضاء على الحوثيين من على وجه الأرض، لكنها تريدهم أن يتحولوا إلى حزب سياسي مثل الآخرين مشدداً أنه لا يمكن تحقيق أي مكاسب سياسية إلا من خلال العودة إلى طاولة الحوار وليس عن طريق القوة، وأضاف أن الحوثيين أساءوا فهم محاولات إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما لحل الأزمة من خلال اجتماعات رفيعة مع ممثليهم واعتبارها مكاسب سياسية. وقال "بدلا من أن تكون هذه اللقاءات لحل الأزمة، كان لها نتائج عكسية حيث شجعت الأوهام لدى الحوثيين".)
ومثل هذه التصريحات هي تطمين لأمريكا بإشراك الحوثيين الذين لم تتجرأ السعودية على توصيفهم بـ(الإرهاب) كونها لا تخالف لأمريكا أمرا، بينما هي تهدد حزب الإصلاح وبعض السلفيين المناصرين لهادي بورقة (الإرهاب) مع أنهم في الظاهر رفقاء سلاح!!
في الأخير سواء نجحت مثل هذه الصفقة أو عرقلتها أمريكا فإن اليمن لن يخرج من هذه الكوارث والحروب التي تديرها الصراعات الدولية الإنجلو أمريكية بمثل هذه الحلول القابلة للانفجار والتي لا تعنيها مصالح أهل اليمن بقدر حفاظها على نفوذ ومصالح دول الصراع الإنجلو أمريكي الخبيث في البلاد، والذي لن يقطع دابره إلا عمل أهل اليمن لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
* رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع