شق اتفاق تخفيف التصعيد طريقه وسط زحام المصالح الإقليمية والدولية رغم الخروقات المتكررة تاركا وراءه صرخات الأرامل واليتامى وتضحيات جساماً ضحاها أهل الشام على مدى قرابة سبع سنوات، ولا زالت ترتيبات هذا الاتفاق جارية على قدم وساق للوصول به إلى الشكل المطلوب الذي يحوّل سكان مناطق الاتفاق إلى سجناء لا يملكون من أمرهم شيئا، ولا سيما بعد أن تم تجميع المعارضين لطاغية الشام من مناطق مختلفة ليتم الزج بهم في هذا السجن الكبير، هذا السجن الذي يفتقد إلى أدنى مقومات الحياة المستقلة وخاصة مع افتقاده للثروات الباطنية ومصادر المياه، وفي أثناء ذلك يتم التحضير لمعركة ضد تنظيم الدولة في مدينة الرقة والتي تعتبر عاصمة خلافته المزعومة وخسارتها تعتبر ضربة قوية لهذا التنظيم بعد أن أوشك على خسارة الموصل عاصمة الخلافة المزعومة في شقها العراقي، والتي سلمتها له القوات العراقية على طبق من ذهب قبل إعلان خلافته بوقت وجيز، وتقود هذه المعركة وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أمريكياً والتي تعتبر العصب الرئيس لقوات سوريا الديمقراطية وخاصة بعد التحضيرات التي أجرتها والأسلحة التي تم تسليمها من قبل أمريكا التي ستؤمّن الغطاء الجوي لها في معاركها ضد تنظيم الدولة والتي من المتوقع أن يتم فيها طرد تنظيم الدولة من الرقة باتجاه مدينة دير الزور التي يتجهز طاغية الشام بدوره لفتح معركة ضد تنظيم الدولة، وذلك بعد أن تجمدت معظم الجبهات نتيجة اتفاق تخفيف التصعيد؛ مما أعطاه الوقت والمجال لتجميع قواته والقوات المساندة له من المليشيات الإيرانية والأفغانية تمهيدا لبدء معارك السيطرة على دير الزور، والتي ستشهد معارك شرسة قد تطول ليسدل الستار في نهاية المطاف على وجود تنظيم الدولة في سوريا كقوة وهمية يحسب لها حساب وهمي، وذلك بعد أن يكون قد أنهى الدور المرسوم له بنجاح بعد أن أوجد جرحا غائرا في جسم الثورة وشرخا كبيرا في وقت كانت الثورة أحوج ما تكون فيه إلى وحدة الصف والكلمة، وبعد أن حشد العالم ضده تحت مسمى محاربة (الإرهاب).
إن انهاء دور تنظيم الدولة في هذا التوقيت ينسجم مع التوجه العام للمجتمع الدولي والسياسة العامة المتبعة من قبل أمريكا ومساعدتها روسيا، وخاصة بعد الوصول إلى اتفاق تخفيف التوتر في بعض المناطق في سوريا، فالأمران يسيران بشكل متوازٍ، وكل واحد منهما يحتاج إلى وقت ليس بالقليل، ولكن لا شك أن الأمر كله متوقف على نجاح اتفاق تخفيف التصعيد حتى فيما يتعلق بمؤتمر جنيف والحل السياسي الأمريكي، فكان لاتفاق تخفيف التصعيد أهمية كبرى تدركها الدول الفاعلة والتي وضعت كل ثقلها ومارست كافة الضغوط لإنجاح هذا الاتفاق، وإلى ذلك الحين سيبقى تنظيم الدولة ومحاربة ما يسمى (الإرهاب) فزاعة تمارس من خلالها كافة أنواع الإرهاب الدولي على أهل الشام من قبل طاغية الشام وأسياده من الغرب الكافر.
بقلم: أحمد عبد الوهاب*
* رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
رأيك في الموضوع