دعا أعضاء مجلس الأمن الدولي الأطراف اليمنية المعنية كافة، إلى التخلي عن أية شروط مسبقة وحضور محادثات سلام ترتب لها وأعلنتها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص.
وأعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي في بيان، عقب جلسة مغلقة في مقر المنظمة الدولية بنيويورك يوم الجمعة 23 تشرين الأول/أكتوبر 2015، قدم خلالها إسماعيل ولد الشيخ إحاطة للمجلس، عن عميق قلقهم إزاء معاناة الملايين من السكان في اليمن وتدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد. وأثنى أعضاء المجلس في بيان صحفي أصدروه عصر يوم الجمعة على القرار الذي اتخذته حكومة اليمن للمشاركة في محادثات السلام هذه جنبا إلى جنب مع الأطراف الأخرى.
وكان إسماعيل ولد الشيخ في إحاطتـه أشار إلى شروط جديدة ألغت المحادثات المقررة سابقا، مشددا على المستويات الخطيرة التي بلغتها الأوضاع والمعاناة الإنسانية لأهل اليمن، وقال إن "اليمن يحترق"، مؤكدا أن الجماعات المتطرفة تستفيد من استمرار النزاع وغياب السلطات وتملأ الفراغ.
وتابع: "وأنا حالياً على تواصل مع كل الأطراف المشاركة للاتفاق على الزمان والمكان وآلية العمل، وكلي أمل في أن تكون هذه المحادثات وجهاً لوجه حتى تكون الأولى من نوعها وتجمع الحكومة بالحوثيين والمؤتمر الشعبي العام بداية لخارطة طريق تعيد السلم إلى اليمن وتفتح المجال لحوار سياسي سلمي يؤهل لمرحلة انتقالية جديدة". وأوضح ولد الشيخ أحمد، أن "ما اقترحه على الأطراف يعتمد على آلية تطبيق القرار 2216 والتشاور على كل بند من بنوده والتطرق إلى انسحاب الميليشيات من المدن الرئيسية، وإطلاق سراح السجناء، وتسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى الجيش، وتحسين الوضع الإنساني واستئناف الحوار السياسي الجامع".
إن ما تبشر به الأمم المتحدة ومبعوثها ولد الشيخ أهل اليمن ببوارق الأمل وعودة المحادثات بين أطراف الصراع ليس إلا لذر الرماد في عيون أهلها لخداعهم من جديد، وجرجرة أطراف الصراع لأروقتها وقراراتها التي تحابي أطرافا على طرف، وقد رأى أهل اليمن كيف أن الأمم المتحدة لا يهمها إلا إنقاذ من يحقق مصالحها خاصة أن أمريكا هي المهيمنة فيها والتي تسعى لحفظ ماء وجه الحوثيين والحراك الانفصالي الذين بهم تقوى شوكتها في اليمن مقابل الطرف الآخر الموالي للإنجليز متمثلا بهادي وحكومته ومناصريه، حيث اعترف هادي بدور الاستخبارات البريطانية في تهريبه من قبضة الحوثيين، في الوقت الذي اتهم الحوثيون فيه بريطانيا بأنها تريد العودة للجنوب عن طريق الإمارات متناسين أن النفوذ البريطاني متغلغل في اليمن كله.
إن الحرب ما زالت مستمرة وستستمر حيث كل طرف يريد أن يحقق منجزاته على أرض الواقع؛ فحكومة هادي الموالية للإنجليز تصر على المضي قدما في التقدم لكسر شوكة الحوثيين في مأرب والجوف، وهي تعد العدة لفك الحصار عن تعز وتحريرها، وفي الوقت نفسه تسعى لتأمين عدن بمزيد من القوات الإماراتية وإدماج مجندي المقاومة في الجيش الموالي لهادي، إلا أن استدعاء قوات سودانية بما يقارب 800 جندي لتأمين مدينة عدن ربما خلط الأوراق حيث يوحي بالتنافس الإنجلو أمريكي تحت مبرر التوافق في الخوف من الإرهاب لتأمين المدينة التي غدت عاصمة لحكومة هادي ولم تستطع المكوث فيها. لقد لوحت أمريكا بأنها ستستقدم قوات حفظ سلام دولية وخاصة لحفظ الأمن في الجنوب من الإرهاب وخاصة في ظل سيطرة القاعدة على أجزاء من حضرموت بما فيها ميناء المكلا، وأيضا في ظل الاغتيالات والتفجيرات التي تنسب لتنظيم الدولة في عدن من استهدافه لأعضاء الحكومة ولقوات الإمارات المتواجدة هناك.
لقد استطاع الحوثيون وعلي صالح والحراك الجنوبي الموالي لإيران من خلال تلك الاغتيالات والتفجيرات باسم تنظيم الدولة أن يثبتوا لمجلس الأمن ولمبعوثه أنهم صمام أمان لمدينة عدن وأهل الجنوب من الإرهاب، مع أن تلك الأعمال هي من صنعهم.
إن تحيز مجلس الأمن الذي تهيمن عليه أمريكا وتحيز مبعوثها ولد الشيخ إلى الحوثيين يدل بكل وضوح أن أمريكا تريد المحافظة على الحوثيين وحفظ ماء وجههم كي يكونوا جزءاً له نصيب في العملية السياسية المقبلة، ومع استماتة الحوثيين في الحفاظ على سيطرتهم على الأرض إلا أن الأمور ليست في صالحهم والرأي العام في اليمن بدا متذمرا من أعمالهم وعنترياتهم في الوقت الذي يحاصر فيه أهل اليمن ويقتلون وقد ضاقوا ذرعا بالحرب.
على كلٍّ فالحرب قائمة وإن ذهبت حكومة هادي إلى المفاوضات تحت ضغط مجلس الأمن ومبعوثه إلى اليمن فهي تدرك وبتخوف أن مجلس الأمن ومفاوضاته لن تجدي نفعا بل ستعزز من كفة الحوثيين وستفرغ قرار مجلس الأمن 2216 من محتواه، وهذا ما يجعل العمل على الأرض هو خيارها الذي تعول عليه مع صعوبته وتكاليفه الباهظة إلى حين يتم الاتفاق على حل وسط يرضي الدول الكبرى المتصارعة، وهو مستبعد في ظل تشنجات المتصارعين والظروف الحالية.
إن اليمن وأهله بحاجة إلى الحلول التي تخرجهم من بين مخالب الصراع الدولي الاستعماري الإنجلو أمريكي وهذه الحلول لا توجد إلا في العقيدة الإسلامية حصرا في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فما على أهل اليمن إلا الانصهار في مشروعها والعمل مع روادها فيعود يمنهم سعيداً... أرض طيبة ورب غفور.
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
* رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع