منذ انطلاق بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة برنارد ليون باشرت العمل على إيجاد حل للأزمة الليبية واعتمدت في ذلك على أسلوب الحوار بين الأطراف المتنازعة وتنظيم جلسات نقاش في محاولة منها لتقريب الهوة بين الأطراف، ولكن الحال بقي على ما هو عليه بل يزداد سوءاً لما له من تأثير على عيش الناس من الناحية الأمنية والاقتصادية.
ولكن البعثة الأممية تأمل خلال هذه الأيام الوصول إلى اتفاق يقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود مرحلة انتقالية تمتد لعامين. وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون أعلن الجمعة 18 أيلول/سبتمبر 2015 أنه تم التوصل إلى اتفاق بين نواب برلمان طبرق المعترف به دوليا وأعضائه الذين كانوا يقاطعون جلساته "من أجل البدء فورا في معالجة المرحلة الانتقالية الجديدة في البلد".
هذا وقد رحبت حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة بالجولة الحالية من الحوار السياسي المنعقدة في المغرب برعاية الأمم المتحدة.وأكدت الدول الست في بيان أعلنته وزارة الخارجية البريطانية، السبت الماضي، على موقعها الإلكتروني أنه من الواضح أننا نسير تجاه عملية مصالحة في ليبيا، وهي عملية يجب ألا يخشاها أي طرف.ودعا البيان إلى ضرورة أن يتم التوصل لقرار حاسم حول اتفاق قبل 20 أيلول (سبتمبر) الحالي، يشمل المرشحين لتشكيل حكومة وحدة وطنية، يصادق عليها الأطراف قبل نهاية أيلول/سبتمبر، لإتاحة بدء الحكومة تولي مهامها في غضون أقل فترة من التأخير (أو بموعد لا يتجاوز 21 تشرين الأول/أكتوبر كحد أقصى) وفق ما يتطلع إليه جميع الليبيين.وأكد البيان مساندة الدول الست التامة للجولة الحالية من الحوار السياسي المنعقدة في مدينة الصخيرات في المغرب برعاية الأمم المتحدة، وللعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة تحت قيادة برناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.وقال البيان إن الدول الست تشجع كافة الأطراف على مواصلة مشاركتهم مشاركة بناءة بالمحادثات في هذه المرحلة الحرجة من المفاوضات للتوصل لاتفاق شامل. وهذا ما يؤكد على أن بريطانيا حريصة على تنفيذ اتفاق السلام المقترح من برنارد ليون حتى تحافظ على جزء كبير من نفوذها ومصالحها في البلد.
إلا أنّه وقبل يوم من الموعد المعلن لتوقيع اتفاق ينهي النزاع في ليبيا، أعلن البرلمان الليبي المعترف به دوليا من مقره في طبرق في شرق البلاد، عن رفضه للاتفاق الذي تم في منتجع الصخيرات المغربي بين نواب في البرلمان وأعضاء كانوا يقاطعون جلساته.وقال بيان صادر عن "اللجنة البرلمانية لمتابعة الأوضاع الطارئة" ونشر على موقع البرلمان أنه "في الوقت الذي نرحب فيه باللقاء الذي عقد بين أعضاء مجلس النواب والمقاطعين (...) فإن اللجنة ترى أن ما قام به الوفد المكلف يعد شروعا في تنفيذ المسودة (الأمم المتحدة) قبل اعتمادها نهائيا من قبل جميع أطراف الحوار". وأضاف البيان أن مهمة وفد البرلمان المعترف به دوليا في الصخيرات كانت "مجرد لقاء وليس لتقرير أي التزام، وعليه فإن ما جاء في بيانه لا يعتبر ملزما لمجلس النواب"، مجددا دعوة البرلمان إلى وفده لمغادرة المحادثات والعودة إلى ليبيا.
وميدانيا، أعلن الفريق أول الركن "خليفة حفتر" القائد العام للقوات المسلحة الليبية عن انطلاق عملية "الحتف" ضد الميلشيات المسلحة والمتطرفة التي ما زالت تتحصن في مدينة بنغازي. وهذا ما يؤكد التوجه الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية التي ما زلت إلى الآن تعرقل الحوار ميدانيا عبر العمليات العسكرية رغم ما تظهره من توجه نحو قبول الحلول التوافقية، وهذا يمكن تفسيره بأن أمريكا ما زالت تريد الضغط على أوروبا حتى تستطيع أخذ قسط أكبر من الكعكة الليبية ولم لا الكعكة كلها.
وقد أدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بشدة التصعيد العسكري في بنغازي، وقالت إن توقيت الضربات الجوية يهدف بشكل واضح إلى تقويض الجهود المستمرة لإنهاء الصراع.وقالت البعثة في بيان إن "الهجمات الجوية هي محاولة واضحة لتقويض الجهود المستمرة لإنهاء النزاع في الوقت الذي وصلت فيه المفاوضات إلى مرحلة نهائية وحرجة. ويجب أن يكون الحل الوحيد ضمن إطار الحوار السياسي الجاري والتسوية السياسية التي تضمن مشاركة الجميع والتوازن والتوافق".
ولهذا يمكن القول أنه لا حل للأزمة يلوح في الأفق، وعلى أهل البلد أن يدركوا أن الحل بأيديهم وعليهم أن ينفضوا عنهم كل جهة تعمل لتحقيق مصالح الغرب في البلد.
رأيك في الموضوع