تعتبر اتفاقية سيداو "القضاﺀ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ" التي أعدتها ﻣﻔﻮﺿﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ من أخطر وسائل الهجوم على أحكام الإسلام المتعلقة بالنظام الاجتماعي وعلاقة الرجل والمرأة. وقد وقعتها معظم ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼمي ملزمة نفسها بتطبيق بنودها ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ﻟلدين ﺃﻭ الفكر أو حتى العادات والتقاليد. وهي بمضمونها تثير ﺟﻮ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ وتعتبر الحياة بينهما كأنها صراع وعلاقة ظلم واضطهاد.
ﻭﺗﺮﺗﻜﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ وﻋﻠﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﺃﻱ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺗﻤﻴﻴﺰﺍ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺣﻘﻮﻗﻬﺎ. وترى ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﺖ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻣﺔ ﻭﻧﺼﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺣﻘﻮﻗﻬﺎ ﻭﻳﺠﺐ ﺗﻌﺪﻳﻠﻬا!
وهذه أمثلة على بعض البنود التي تخالف أحكام الله والتي تعمل الأنظمة والإعلام والمنظمات والجمعيات والمراكز النسوية على نشرها وتطبيقها:
- ﺗنص ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ سيداو على ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ، أي ﺗﺘﺴﺎﻭﻯ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ ﻟﻸﺑﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺕ من الآباء، ﻭﻳﺘﻤﺎﺛﻞ ﻧﺼﻴﺐ المرأة ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻣﻊ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻬﺎ ﺇﻥ ﻣﺎﺗﺖ ﻗﺒﻠﻪ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
- ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻃﻠﺐ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺗﻤﻴﻴز، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﻮﺍﻧﻊ ﺍﻟﺤﻤﻞ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺘﺰﻭﺟﺔ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺰﻭﺟﺔ، ﻓﻬذا ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﺽ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ!! ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺇﺷﺎﻋﺔ ﻟﻠﻔﺎﺣﺸﺔ ﻭﺗﺴﻬﻴﻞ ﻟﻬﺎ.
- ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻭﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﻣﻨﺎﻫﺠﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ!! ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﺎﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪارس، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻁ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ.
- ﻏلَّبت ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻋﻤﻠﻬﺎ ﻛﺄﻡ ﻭﺭﺑﺔ بيت، ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺃﻧﺸﻄﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﺗﻮﺿﺢ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﻤﺸﺒﻮﻫﺔ.
- احتوت ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﻮﺗﻪ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ التي تنص على حرية ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﺴﻜﻦ، ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﻭﺇﺫﻥ ﺍﻟﺰﻭﺝ أو ولي الأمر ﻭﺭﺿﺎﻩ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻗﺒﻮﻝ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ، ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﻮﺭ مخالفة واضحة ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻣﺮﺃﺗﻴﻦ.
- ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻭﺍﻟﻄﻼﻕ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ.
وكما قلنا فقد وقعت على هذه الاتفاقية غالبية دول العالم الإسلامي، بما فيها السلطة الفلسطينية عام 2014، ونشطت في تطبيق بنودها مثل السير قدما في تعديل بعض قوانين الأحوال الشخصية، بما يتناسب مع تلك البنود. وقانون حماية الأسرة التي تتدخل في أساسيات تربية الوالدين لأبنائهما وتحثهم على التمرد والتنمر والعقوق. بحيث لن يعود مستغربا أن يشتكي الولد أباه ويسجنه إن رأت مؤسسة حماية الأسرة أنه استعمل العنف في معاملته لابنه، والذي هو فعليا تأديبه إن أخطأ.
وأوجدت السلطة مؤسسات خاصة مثل وزارة شؤون المرأة ووزارة التنمية الاجتماعية، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة بما تقوم به من مشاريع وبرامج تصب في تنفيذ بعض بنود الاتفاقية الخاصة بالمرأة. وكذلك أوجدت في المحافظات أقساما "لتنمية المرأة" ومراكز تسمى "تواصل" للتنسيق بين الجمعيات النسوية التي ازداد عددها جدا في فلسطين بعد قدوم السلطة الفلسطينية.
وتدخلت في المناهج بوضع أفكار تساهم في ترويج الحريات بأنواعها والاختلاط، وأوجدت مواد الثقافة الإنجابية وغيرها في المناهج الدراسية والبرامج الإعلامية والأنشطة والكتيبات، مع إطلاق برامج محاربة ما أطلقت عليه زواج القاصرات أو الزواج المبكر...
وفتحت الباب على مصراعيه للمؤسسات والجمعيات والمراكز الهدامة والممولة من الغرب لهدم وضرب قيم الإسلام وأحكامه، خاصة الجمعيات والمراكز النسوية المفسدة بما تقوم به من برامج وندوات ولقاءات وورشات عمل ودورات وحفلات ومهرجانات وأنشطة في المدارس والجامعات وحتى مع ربات البيوت، وعمل نشاطات تطوعية والقيام بنشاطات ترفيهية أو فنية أو تراثية أو "وطنية"، وماراثونات وسباقات ركض في الشوارع بحجة إحياء ذكرى معينة أو للتوعية ضد أمراض معينة، تنفيذا للبند العاشر من سيداو الذي سبق ذكره، وهو "التساوي في فرص المشاركة النشطة في الألعاب الرياضية والتربية البدنية".
وقد سنت السلطة مؤخرا قانونا حددت فيه سن الزواج للجنسين بثمانية عشر عاما، أي أنها تعمل على كسر الحواجز بين الجنسين وتثير الغرائز من جهة، ومن جهة أخرى تمنع الزواج! فأي فساد وإفساد وتشجيع على الفاحشة أكثر من ذلك؟!
ولا ننسى كذلك تبني تلك السلطة خطة التنمية المستدامة 2030 وأهدافها الثمانية التي تبيح للغرب تعزيز مخرجات سيداو بخصوص المرأة بحجة التنمية، بالإضافة إلى التدخل أكثر في التعليم والفكر والثقافة. وكلها تصب في إشاعة الفواحش، ومحاربة أحكام الإسلام.
أي أن اتفاقية سيداو هذه تهدف إلى تدمير الأسرة المسلمة وتفكيكها وسلخ المرأة عن دينها وعن قيم العفة والطهارة والحياء، فهي تعمل على تغيير دورها الأساسي كأم وربة بيت وعرض يجب أن يُصان بإخراجها إلى الحياة العامة بأساليب وحجج مفتعلة مثل الحرية الشخصية والحقوق، والكوتة النسائية في الانتخابات، والتمكين الاقتصادي من خلال مشاريع اقتصادية وتراثية وفنية مستغلين بها الحاجة الاقتصادية والبطالة والفقر. وكذلك تسويق الاختلاط وتغيير الأفكار والمفاهيم من حيث علاقة الرجل والمرأة والقوامة وصيانة العرض والشرف والحياء وتسويق الاختلاط وكسر الحواجز بين الجنسين.
أي دفعُ المسلمين إلى تبني نمط الحياة الغربية الفاسدة الخالية من القيم لإبعادهم عن دينهم وعقيدتهم، وعن العمل بالأحكام الشرعية التي وضعها رب العباد لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وبالتالي الحفاظ على الأسرة والمجتمع الذي يريدونه مفككا بعيدا عن دينه ليسهل التحكم به وبالتالي بقاءه تحت سيطرتهم وسيطرة الأنظمة العميلة التي تعمل على ذلك... وبإذن الله لن تمر مؤامراتهم ولن ينجحوا، ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.
بقلم: الأستاذة مسلمة الشامي (أم صهيب)
رأيك في الموضوع