قرر حكام الدول العربية (عملاء بريطانيا وأمريكا) في قمتهم السادسة والعشرين التي عقدت في شرم الشيخ في 29 آذار 2015 تشكيل قوة عربية مشتركة بطلب من السيسي حاكم مصر ومباركة من سلمان ملك السعودية. وقد أعلن العميد محمد سمير، المتحدث العسكري المصري، أن تشكيل القوة العربية المشتركة وتدخلها إذا ما اقتضت الحاجة سيكون بناء على طلب من الدول المعنية بما لا يمثل أي انتقاص من سيادتها واستقلالها اتساقاً مع أحكام ميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية وفي إطار من الاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي. وستبدأ القوة المشتركة بخمس دول هي "مصر، والسعودية، والإمارات، والكويت، والأردن"، وستنضم إليها دول أخرى تباعاً. وكانت القمة العربية نفسها وبنفس التبعات الدولية قبل أكثر من 50 عاما قد أقرت في قمتها المنعقدة في مصر عام 1964 تشكيل قوة عربية مشتركة، وقد أوكل أمر قيادتها للفريق محمد عبد المنعم رياض من مصر. والفرق الرئيس بين قوة 2015 وقوة 1964 أن السابقة كانت موجهة من الناحية الرسمية على الأقل نحو عدو واضح محدد المعالم هو كيان يهود. أما قوة 2015 فهي موجهة نحو عدو وهمي سموه الإرهاب واسمه الحقيقي الإسلام السياسي. أما وجه الشبه الرئيس بين القوتين فهو الحضور الواضح لبريطانيا وأمريكا من خلال عملائهم في الأردن ومصر والسعودية والكويت وقطر والإمارات وغيرها. وإن كانت القوة المنبثقة عن القمة الثالثة قد قادت العرب إلى شر الهزائم عام 1967 وتسليم فلسطين بقدسها وأقصاها، وسيناء، والجولان لقمة سائغة ليهود، فنأمل أن تقوم هذه القوة بتسليم القاهرة وعمان ودمشق وبغداد وتونس والرباط لقمة سائغة لمشروع الإسلام السياسي! وأن تمحو بذلك عارا علا رتب ضباطها لأكثر من 50 عاما. فقادة أركان الدول العربية وضباط جيوشها وجنودهم من أمثال عبد المنعم رياض ومشهور حديثة وغيرهم ليسوا هم العملاء، بل كانوا ضحية عمالة أسيادهم وتآمرهم على هذه الأمة. وأن ما ألحقوه من عار وخلفوه من احتلال وسيطرة لدولة يهود على أقدس بقاع الأرض وأنفعها، ما هو إلا نتيجة تآمر حكامهم على هذه الأمة. وقد حان الوقت ليرد كبار الضباط في هذه الأمة الصفعة لمن صفعهم وأهانهم، وأن يؤدوا الأمانة إلى أهلها، وعلى أقل تعديل أن يقفوا من "العدو الصديق" اليوم كما وقفوا مع "العدو اللدود" في الأمس. فكما سلموا للعدو اللدود دولة يهود فلسطين وسيناء والجولان، فلا أقل أن يسلموا اليوم القاهرة وعمان ودمشق لمشروع دولة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة. وإلا فإن قوة قمة 26 لن تكون أفضل من قمة 3، وستبقى سلاحا توجهه أمريكا وتستعمله بريطانيا للمحافظة على النظام العربي الذي يحفظ للاستعمار عملاءه ويبقي على هذه الدول تابعة، متخلفة، تتخبط في دياجير الظلم والظلمات، وتتنقل من معركة خاسرة إلى معركة أشد خسرانا.
في السابق جاء مشروع إنشاء قوة مشتركة من عبد الناصر عميل أمريكا من أجل ترسيخ كيان يهود في فلسطين وقد حصل كما أرادت أمريكا. واليوم يأتي قرار إنشاء قوة مشتركة من قبل السيسي عميل أمريكا نفسها من أجل صرف النظر عن كيان يهود الغاصب، ولتبني استراتيجية أمريكا القائمة على إبقاء المنطقة كلها تحت سيطرتها من خلال الحرب على ما أسمته، بل ما أنتجته هي من الإرهاب المزعوم. أمريكا تتزعم الحرب على عدو وهمي سمته الإرهاب ومن دونه حرب شرسة على الإسلام وحملة الدعوة للإسلام. وهي ترى أن هذه الحرب لا تستحق دماء الأمريكان لتسيل فيها، بل إن الأولى أن يقتل المسلمون بعضهم بعضا، فالقاتل والمقتول عدو لأمريكا وهيمنتها على حد سواء، تماما كما هو القاتل والمقتول في النار.
أما تهافت عملاء بريطانيا ليكونوا جزءا من القوة المشتركة فليس إلا لضمان عدم استعمال هذه القوة في غير مصلحتهم، وليكونوا على أتم جاهزية لاقتسام الغنائم إن كانت هناك غنائم. فالدول المرشحة لاستعمال القوة فيها تشمل ليبيا واليمن والبحرين، وكلها مستعمرات بريطانية. فتمثيل عملاء الإنجليز في القوة المشتركة هو من أجل حماية مصالحها حتى لا تخسر كل شيء للعملاق الأمريكي الباسط جناحيه على المنطقة.
وما لا تدركه أميركا وبريطانيا وعملاؤهم أن هذه البلاد هي بلاد مسلمين، وأن المحرك الرئيس في هذه المنطقة هو الإسلام، وأن هذه الأمة لا تزال حية تنبض آيات الله في عروقها، وتتدفق محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله في قلبها، وإن شوقها للإسلام ودولة الإسلام لا يزال في ازدياد. فمهما عملت وناورت، وخططت وتآمرت، وكادت ومكرت، فإن مكر الله أكبر، ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
رأيك في الموضوع