دأب النظام السوري العميل المجرم ومن وراءه من القوى الغربية الرأسمالية وعلى رأسها أمريكا الصليبية، عندما تحقق الثورة عليه أي انتصار عسكري أو عند عجزه هو عن تحقيق أهداف ما، دأب على أن يلجأ إلى المفاوضات؛ ذلك بسبب معرفته بغياب الوعي السياسي عند من تصدروا قيادة الثورة حاليا سياسيا وعسكريا، فما تحققه ثورة الأمة في الشام عسكريا تخسره سياسيا على طاولة المفاوضات والهدن في ظل هذه القيادات، وهذا ما نراه واضحا في مسيرة ثورة الشام من جنيف إلى أستانة وسوتشي وأخواتها على مدار ١٠ سنوات.
وليست أحداث درعا الأخيرة إلا خير شاهد وخير دليل على ذلك، فها هم أهل درعا شرارة هذه الثورة المباركة عندما نهضوا وقاموا ببعض الأعمال العسكرية وبأبسط المعدات والأسلحة حققوا نصرا عسكريا لافتا للنظر على النظام السوري المتهالك، فسارع هذا النظام المجرم هو وروسيا الحاقدة ومن ورائهم أمريكا رأس الكفر إلى احتواء هذه التحركات المخلصة غير المرتبطة وجرها إلى طاولة المفاوضات.
إلا أن تجربة أهل درعا السابقة وعلمهم بغدر النظام السوري وروسيا بل وأمريكا من قبلهم، وأنهم لا عهد لهم ولا ذمة ولا ميثاق، ما زال يحميهم من أن يخسروا ما كسبوه عسكريا على طاولة المفاوضات بل طاولة الدسائس والمؤامرات، ومع ذلك فإنه يبدو واضحا ويظهر جليا في هذه المرحلة افتقار الحراك في درعا وحوران إلى القيادة السياسية الواعية؛ وهذا ما يجعل الأفق السياسي أمامهم ضبابيا وبالتالي الرؤية السياسية غير واضحة لديهم، الأمر الذي يحول بينهم وبين تقدمهم والانتقال إلى الخطوة الثانية والاستمرار في هذا التحرك غير المرتبط، المخلص، تصاعديا وليزداد تأثيره على النظام البعثي العميل المجرم.
إن غياب القيادة السياسية الواعية المخلصة هو الذي يحول دون وضع أهداف سياسية واضحة ومبلورة للحراك الثوري، وبالتالي يمنع تحديد الخطط والأساليب والوسائل التي يجب السير بحسبها للوصول بخطا ثابتة واثقة إلى هذه الأهداف.
نعم ما زلنا مع معضلة أن غياب القيادة السياسية الواعية المخلصة يؤدي حتما وبلا ريب إلى غياب الوعي السياسي، وبمعنى آخر إن غياب الوعي السياسي هذا هو نتيجة طبيعية لغياب القيادة السياسية المبدئية التي تحمل مشروعا مبدئيا، وهو في حالتنا مشروع الإسلام العظيم؛ الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
إذن لا بد هنا من التأكيد على أن المطلوب ليس هو مجرد وجود قيادة سياسية أي قيادة، بل لا بد أن تتحقق في هذه القيادة السياسية شروط أهمها الوعي السياسي والصدق والإخلاص الخالص والثبات والرؤية الواضحة والأفق الواسع والمشروع الجامع، ولعل كلمة مبدئية تختصر كل هذا لأن القيادة المبدئية تحمل أفكارا ومفاهيم ومقاييس ووجهات نظر ومشروعا متكاملا منبثقا من عقيدة الأمة التي تعتنقها.
والخلاصة هي أن ما تحتاجه اليوم الأمة الإسلامية بشكل عام وأهل الشام على وجه الخصوص هو الالتفاف حول حزب التحرير فهو القيادة السياسية المبدئية الصادقة المخلصة، التي تحمل مشروع الإسلام لتوحد طاقات الأمة الهائلة وتضعها في كنانة مشروع الإسلام، وهذا ما يستجلب نصر الله سبحانه وتعالى ووعده لنا بالاستخلاف والتمكين والأمن، ويكون أهل الشام أهلاً لأن تتحقق على أيديهم بشرى رسول الله ﷺ «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
رأيك في الموضوع