يشاهد الناس في بنغلادش سعي حكومة حسينة المضني قبل الانتخابات الوطنية التي تلوح في الأفق، حيث تسعى بكل قوتها للحصول على دعم الهند المجاورة للحصول على السلطة في دورة جديدة، وخلال فترة قصيرة جداً من الزمن، عقد نظام حسينة معاهدات مناهضة للدولة، الواحدة تلو الأخرى، منها السماح للهند باستخدام موانئ "موانغلا" و"شيتاغونغ" في بنغلادش كنقاط عبور استراتيجية للهند للوصول إلى ولاياتها الشمالية الشرقية للتجارة، ومنها ما يخدم صفقة الطاقة التي تهدد أمن البلاد من خلال شراء 500 ميجاوات من الكهرباء كجزء من خطة هندية لاستثمار 9 مليارات دولار في قطاع الطاقة البنغالي، والذي سيترك البلاد عرضة للتهديدات الأمنية من الهند عدوة المسلمين اللدودة. هذه المعاهدات تمهد الطريق أمام الهند لترسيخ نفوذها في القطاعات الاستراتيجية في بنغلادش كجزء من خطتها لاختراق مختلف القطاعات في البلاد، ومن الواضح أن السياسة الديمقراطية المزعومة فقدت مصداقيتها في بنغلادش، لأن الناس قد أدركوا بالفعل أن حزب رابطة عوامي وحزب الشعب البنغالي ليسا هما من يرعى شئون الناس، وأن العلمانيين وحليفتهم الإقليمية الهند هم مصدر السلطة بالنسبة لهؤلاء الفاسدين، وأعداؤنا يستغلون هذه الفرصة للاستفادة من موقعنا الجيوستراتيجي من أجل بسط هيمنتهم الإقليمية وفرض سيطرتهم على مواردنا ومواقعنا الاستراتيجية لخدمة مصالحهم الاقتصادية والسياسية.
وفي ظل هذه الحال، نرى جهات معينة ذات مصالح أنانية تتفوق على نظام حسينة، لأنها تجني هي أيضاً فوائد من نهب النظام والفساد الذي يحدث تحت ستار مشاريع البناء الضخمة. وهذه المجموعات قليلة العدد لا تمثل بطبيعة الحال تطلعات ومصالح الناس في البلاد، الذين يعتقدون بلا شك أن إبرام هذا النوع من المعاهدات والتفاهمات المعادية للدولة مع الهند قبل الانتخابات هي علامة على الإفلاس السياسي، وقد فقدت الحكومة بالفعل دعمها والثقة فيها بسبب طغيانها والفساد المستشري فيها وممارستها لسياسة القهر والقمع الذي لا نهاية لها.
لذلك لا ينبغي أن نشعر بالدهشة عندما نرى قادة من العلماء يثنون على سياسة الشيخة حسينة الخيانية، لأنهم لا يمثلون العلماء في بنغلاديش، فهم من القلة المنتفعة من فساد الحكومة، يحاولون الارتباط بالنظام من أجل مصالحهم السياسية. في هذا السياق شاهدنا محفلا للامتنان باعتراف الطاغية حسينة بأعلى درجة علمية في مدرسة قوامي بأنها تعادل درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية والعربية، وشاهدنا كيف ساعد هؤلاء القادة المزعومون من العلماء على الاستفادة من الفرصة الكبيرة للحصول على أصوات العلماء والاستفادة منها عند الناس ضمن السياسة الانتخابية، من خلال إظهار دعم العلماء للحكومة أمام عامة الناس. في حين إن الأمة بأكملها، بمن فيها الأغلبية الصادقة من العلماء، يدركون أن هذه الاستراتيجية الميكيافيلية من اعتراف الشيخة حسينة بشهادة مدرسة قوامي لم تكن بدافع الشعور بالمسؤولية تجاه العلماء، بل هي محاولة لتغيير صورتها النمطية التي عُرفت بأنها "قاتلة العلماء" في عام 2013م، واستخدام دعم العلماء للوصول إلى السلطة مرة أخرى. بالتالي، فإن السماح للطاغية حسينة باستغلال هذا الاعتراف من خلال تنظيم تجمع انتخابي للعلماء ووصفه بأنه (محفل امتنان) كان في الواقع خيانة لثقة الآلاف من نشطاء مدرسة قوامي الذين تعرضوا لإصابات قاتلة وللعديد ممن استشهد منهم على أيدي عصابات النظام؛ وبدلاً من التجمع للمطالبة بمعاقبة الشيخة حسينة لقتلها إخوانهم، اختار قادة هؤلاء العلماء إظهار الامتنان وطلب رضاها! فيجب على قادة العلماء مجابهة سياسة حسينة الخيانية وإلا كانوا جزءا منها. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية بنغلادش
رأيك في الموضوع