(مترجم)
قام المبعوثون التابعون لمجلس الأمن الدولي يوم 28 من نيسان/أبريل الماضي بزيارة لبنغلاديش وميانمار استغرقت أربعة أيام، وكان ظاهر الزيارة هو الاطلاع على آثار "التطهير العرقي للمسلمين الروهينجا". وقد أعرب أعضاء مجلس الأمن عن "أملهم" في أن يعود لاجئو الروهينجا "بأمان وطواعية" إلى منازلهم في منطقة راخين في ميانمار. وقال جوستافو ميزا رئيس مجلس الأمن لشهر نيسان/أبريل، إن أعضاء المجلس "يعربون عن أملهم في عودة لاجئي الروهينجا إلى منازلهم طواعية وبأمان". وفي معرض حديثه في مؤتمر صحفي في نهاية الزيارة، أكد ميزا على الحاجة إلى إجراء تحقيق مستقل في الأسباب الأساسية للأزمة، وكأنه مخفي عن الأمم المتحدة وبلدانها ومجلس أمنها "أسباب" الفظائع التي استمرت في هذه الأرض لأكثر من قرنين من الزمان، والتي وصلت مؤخرا إلى النزوح شبه الكلي لهؤلاء المسلمين من أراضيهم!! وكأن الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي على جهل لحل هذه الأزمة، في حين إن المجتمع الدولي هو السبب الرئيسي لأزمة الروهينجا هذه.
يجب أن نتذكر أن الإسلام دخل بورما أي ميانمار عام 788 ميلادي، في عهد الخليفة هارون الرشيد، عندما كانت الخلافة هي الدولة الرائدة في العالم، واستمرت لقرون عديدة بسبب عظمة وحقيقة وعدالة الإسلام، وبدأ الإسلام ينتشر في جميع أنحاء بورما. وحُكمت مقاطعة أراكان من قبل المسلمين لأكثر من 350 عاما، ما بين عام 1430 و1784 ميلادي. ثم احتلها البوذيون الوثنيون خوفا من الإسلام وجحودا بالمعروف، وبسبب كراهيتهم، عاثوا في الإقليم فسادا وتقتيلا، فقتلوا المسلمين وسفكوا دماءهم، وكان أعظم ضحايا كراهيتهم وعدائهم تقصدهم للعلماء وحملة الدعوة. ثم راح المستعمرون العالميون وخصوصًا بريطانيا يتقصدون هذه البلاد الاستراتيجية والمليئة بالخيرات وتعرض المسلمون مرة أخرى للمجازر على أيدي الرهبان البوذيين الوحشيين المدعومين من بريطانيا، والتي أودت بحياة آلاف المسلمين وأدت إلى طرد المسلمين من بلادهم. وبعد منح الاستقلال الشكلي للبلاد، حافظت بريطانيا على هيمنتها على بورما مباشرة ومن خلال وكيلتها الهند.
لقد أصبحت بلاد أراكان في الآونة الأخيرة محط أنظار واهتمام أمريكا الصليبية بسبب تبني أمريكا لسياسات محاربة الإسلام واحتواء الصين، وهي تعمل مع حلفائها في حكومة مودي، وتستخدم ما تسمى "الحائزة على جائزة نوبل" أونغ سان سو كيي، التي قتلت والدها بسبب موقفه المناهض لبريطانيا، لتظل بريطانيا هي المسيطرة على الإقليم وعلى هذه المنطقة الاستراتيجية. ولا يزال حكام ميانمار العسكريون موالين لبريطانيا التي دعمت البوذيين المتعصبين بشكل مباشر وغير مباشر في قتل وتعذيب المسلمين، ومنذ انتهاء الحكم الإسلامي، كان أسلوب بريطانيا هو الخداع السياسي، وهو الذي جعل النظام العسكري في بورما يتقرب إلى روسيا والصين، من أجل الحصول على دعمهم للحد من التأثير الأمريكي على ميانمار. وقد منحت الصين مؤخرا امتياز بناء منطقة اقتصادية خاصة في مقاطعة راخين على حساب طرد المسلمين منها. وروسيا تدعم ميانمار من خلال إدانة التدخل في شؤونها الداخلية. وتتشارك الصين وروسيا والهند في القتل الوحشي وقمع المسلمين في شينجيانغ والشيشان وكشمير على التوالي. لذلك فإن أي توقع بأن يقوم أعضاء الأمم المتحدة أو مجلس الأمن بحل مشاكل المسلمين الروهينجا ليس إلا جهلاً مطبقاً أو خداعاً زائفاً.
ومن جانب آخر ماذا يمكن أن نتوقع مما تسمى منظمة التعاون الإسلامي؟ فقد عُقدت الدورة الخامسة والأربعين لمجلس وزراء خارجية دول أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي في دكا بين الخامس والسادس من أيار/مايو 2018، وأكدوا على "حرية القدس" وأعربوا عن "قلقهم العميق للوحشية الممنهجة ضد المسلمين الروهينجا"، ولكنهم ظلوا مصممين على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضايا فلسطين والروهينجا من دون خجل أو وجل!
وما الذي يمكن أن نتوقعه من حكام المسلمين، وقد انضموا إلى التحالف العسكري الذي يقوده عملاء أمريكا حكام آل سعود والبالغ عددهم 34 دولة لمحاربة الإسلام والمسلمين تنفيذا لأوامر أمريكا، بينما لا يحركون ساكنا لإنقاذ إخواننا في فلسطين وسوريا وأفغانستان وكشمير أو أراكان؟! والله q يقول: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾. إن شؤوننا في أيدي حكام عملاء، يحاربون الإسلام والمسلمين تماماً مثلهم مثل يهود، ويقاتلوننا كما يقاتلنا المشركون والنصارى.
إنّ الحل العملي الوحيد للمسلمين الروهينجا يكمن في إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، درع المسلمين وحاميتهم، والتي ستعيد عزة المسلمين وتصون حرماتهم، والمطلوب الآن لإنقاذ وحماية المسلمين الروهينجا هو تعبئة جيوش المسلمين للجهاد في سبيل الله تحت قيادة الخليفة الراشد من أجل تحرير أراكان والقصاص من النظام في ميانمار والرهبان البوذيين الوحشيين. فأراكان بلاد إسلامية، وتحرير كل شبر من هذه الأرض فرض على المسلمين جميعا.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية بنغلاديش
رأيك في الموضوع