(مترجم)
نشرت هيومن رايتس ووتش يوم الخميس 16 تشرين الثاني/نوفمبر تقريرا جاء فيه بأن القوات المسلحة في ميانمار ارتكبت بانتظام "اغتصابا واسع النطاق" بحق نساء وفتيات الروهينجا المسلمات كجزء من حملتها للتطهير العرقي في ولاية راخين في البلاد. وقد استند التقرير الذي حمل عنوان "جسدي كله تحت سياط الألم: العنف الجنسي ضد نساء وفتيات الروهينجا في بورما"، إلى مقابلات مع 17 ممثلا للمنظمات الإنسانية التي تقدم الخدمات الصحية في مخيمات اللاجئين الروهينجا في بنغلاديش، وكذلك مقابلات مع 52 امرأة وفتاة من الروهينجا اللاجئات، 29 منهن قُلن إنهن تعرضن للاغتصاب، وكل الحالات كانت لحالات اغتصاب جماعي باستثناء واحدة. وفي إحدى الحالات المذكورة في التقرير، وصفت الفتاة الروهينجية البالغة من العمر 15 عاما كيف قام جنود ميانمار بتجريدها عارية وجرها من منزلها إلى شجرة قريبة حيث اغتصبها حوالي 10 رجال. كما وصفت العديد من اللاتي أُجريت معهن مقابلات بأن الجنود البوذيين قاموا بصدم رؤوس أطفالهن الصغار بالأشجار، كما أنهم قاموا برمي الأطفال والآباء المسنين في البيوت المحترقة وأطلقوا النار على أزواجهن. وقالت سكاي ويلر، باحثة في مجال حقوق المرأة في مجال حقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش، وهي كاتبة التقرير: "كان الاغتصاب سمة بارزة ومدمرة في حملة التطهير العرقي التي شنها الجيش البورمي ضد الروهينجا".
كما سردت نساء وفتيات روهينجيات أخريات في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش قصصا عن التعذيب والتشويه والتجريد من الملابس والإذلال، وعن أنهن تعرضن لشج أثدائهن بالسكاكين، واغتصابهن أمام أطفالهن، وأزواجهن وآبائهن، ووضع عصي خشبية حادة أو أسلحة نارية في أعضائهن الحساسة، فضلا عن اضطرارهن إلى تحمل رحلة مروعة، غادرن فيها إلى بنغلاديش هربا من الموت وهن لا يزلن ينزفن ويتلوين ألما جراء ما عانينه من الاغتصاب. وهناك أيضا روايات عن تعرض نساء وفتيات الروهينجا للاغتصاب ومن ثم زج بهن داخل المنازل التي أحرقت. وعلاوة على ذلك، أفادت منظمة أطباء بلا حدود، في تشرين الأول/أكتوبر، بأن أكثر من نصف الفتيات في مخيم روهينجا للاجئين في كوكس بازار، في بنغلاديش واللاتي تمت معالجتهن على إثر الاعتداءات الجنسية والاغتصاب الذي تعرضن له في ميانمار كُن دون سن 18 عاما، وكان بعضهن دون سن العاشرة.
إن كل حكومة في هذا العالم، وكل حاكم فيه، ومعهم الأمم المتحدة، ليرون هذه الصور اليائسة للمعاناة الإنسانية، ويقرأون التقارير عن أفظع الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، بل ويستمعون إلى القصص المروعة لضحايا الإبادة الجماعية، ومع ذلك لا يزالون متسمرين في أماكنهم، مختارين عدم فعل شيء لإنهاء هذه المأساة التي حلت بالإخوة والأخوات الأعزاء من الروهينجا. وعندما اجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر، كان ردهم العقابي على هذه الفظائع مجرد إصدار بيانات جوفاء فارغة كالمعتاد، ومطالبة الحكومة البورمية معدومة الأخلاق بـ"ضمان عدم الاستخدام المفرط للقوة العسكرية في ولاية راخين". وعندما اجتمع القادة في قمة الآسيان هذا الشهر التزموا الصمت إزاء أزمة الروهينجا. أما عن ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي الذي زار ميانمار الأسبوع الماضي، فقد امتنع حتى عن وصف الوضع في البلاد بالتطهير العرقي، فيما نصح بعدم فرض عقوبات واسعة النطاق ضد النظام أو الجيش. ولكن ما هو أكثر قرفاً من ذلك كله، الصمت الأصم لحكام الأنظمة في العالم الإسلامي على حمام الدم هذا والجرائم البشعة ضد أمتنا - أولئك الحكام وتلك الأنظمة الذين غسلوا أيديهم من أية مسؤولية لحماية أرواح المسلمين.
واليوم نعيش في عالم تهيمن عليه الرأسمالية التي تتجاهل القيمة العظيمة لحياة الإنسان وكرامته؛ عالم لا يتحرك للدفاع عن المضطهدين ما لم يكن هناك مكاسب سياسية واقتصادية. فلماذا لا تزال قبلة بعض المسلمين الأمم المتحدة أو الحكومات الغربية أو حكام العالم الإسلامي على أمل كاذب بأنهم سيقدمون الحماية للمسلمين في الوقت الذي تظهر فيه الازدواجية الأخلاقية وانعدام أي اهتمام حقيقي بحال المسلمين واضحا وضوح الشمس؟ إنه لمن المؤكد الذي لا شك فيه أن قيادة إسلامية حقيقية في خلافة على منهاج النبوة هي من سيدافع حقا عن كرامة ودماء هذه الأمة لأنها تحمل همّ أمة الإسلام حقيقة وتهتم لأمرهم بإخلاص، كما أنها تلتزم بذلك استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى الذي أوجب حماية الأمة ورفع الضرر عنها. وقد تجسد ذلك فعليا في الخلافة في القرن التاسع، وما المعتصم بالله الذي حشد جيشا قويا، وجيش عشرات الآلاف من الرجال الأقوياء، للذود عن امرأة مسلمة واحدة تعرضت للاعتداء والأسر من قبل جندي روماني عنا ببعيد. واليوم، في غياب الخلافة، تنتهك أعراض عشرات الآلاف من أخواتنا المسلمات في جميع أنحاء العالم، ولا دولة تستجيب لصرخاتهم!
* مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رأيك في الموضوع