ترأس الرئيس المصري اجتماع مجلس الأمن القومي؛ حيث تناول الاجتماع استعراض تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصةً ما يتعلق بتطورات التصعيد العسكري في قطاع غزة. وشدد المجلس على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار. وأكد المجلس أن أمن مصر القومي خط أحمر ولا تهاون في حمايته.
للوهلة الأولى عندما تسمع أن هناك اجتماعا لمجلس الأمن القومي يترأسه رأس النظام فقطعاً هناك أزمة كبرى تهدد أمن البلاد، وعندما يصدر الاجتماع قرارات وتوصيات فستظنها توصيات وقرارات مفصلية صادرة عن رجال، وستكون قرارات منصفة تعيد الحقوق وتوجد العدل وتنتصف للمظلوم وترفع المظالم عن الناس جميعا، إلا أن ما جاء من قرارات للمجلس بينت أنه يصطف في صف أعداء الأمة شركائه الدوليين والإقليميين الذين يتواصل معهم من أجل خفض التصعيد، وهم حكام الغرب الداعمون لكيان يهود بكل أنواع الدعم، والذين يعدون وجود هذا الكيان مشروعا استراتيجيا لهم لا يمكن إهماله ولا التخلي عنه، ويرعونه بكل أنواع الرعاية، أما الإقليميون فهم حكام بلادنا عملاء الغرب وحراس كيان يهود الذين يمنعون الجيوش من اقتلاعه. وخفض التصعيد المقصود ليس هو حرصا على أهل غزة ولا حقناً لدمائهم، وإنما حرص على النظام الذي قد يحرقه غضب الناس تجاه تلك المجازر، فأهل مصر الذين كانت تشغلهم الانتخابات والمرشحون لها وصراعات توكيلاتها لم يعد يشغل بالهم إلا قضية فلسطين وإجرام يهود وما يحدث لأهل غزة ووجوب نصرتهم، فالنظام ليس حريصا على أهل غزة وإنما هو حريص على عرش تهتز أركانه أمام غضب الناس المكتوم الذي ينتظر شرارة حتى يشعل النار لتحرق العرش ومن فوقه بل النظام كله.
إن أهل غزة ليسوا في حاجة لطعام وغذاء ولا دواء وتطبيب ومعونات، إنما هم في حاجة قبل هذا كله إلى جيوش تنصر وتحمي وتقتلع الكيان الغاصب المحتل من جذوره وتنتصف لهم وتعيد لهم حقوقهم المسلوبة.
إن حل الدولتين الذي يتبناه النظام هو مشروع أمريكا لتصفية قضية فلسطين وتأبيد يهود في المنطقة، ولا يتبناه ويدعو له إلا عميل يحرص على هذا الكيان حرص سادته، وهذا ما يقوم به النظام المصري الذي يعلنها صراحة؛ أن مهمة جيش مصر هي تأمين حدود كيان يهود! ولعله يجد في تلك الأحداث طوق نجاة يُلجئ الغرب لاستخدامه من جديد ويمنعهم من التفكير في تغيير رأس النظام ودعمه لتجاوز هذه المرحلة، ولعل هذا ما يحدث الآن بعد الأنباء عن زيادة حجم القرض الأخير والاستعداد لتسليم مصر شريحة من القرض قد تصل مليار دولار.
إن فصل فلسطين عن دول الجوار هو كفصل الروح عن الجسد؛ فأمة الإسلام واحدة، هكذا كانت وهكذا يجب أن تعود. وإن حل قضية فلسطين لن يكون إلا بتوحيد الأمة في كيان واحد وتحريك جيوشها لاقتلاع هذا الكيان المسخ ومن قبله حكام الضرار مغتصبي سلطان هذه الأمة.
إن القضية ليست غزة وإنما هي قضية كل فلسطين، وهي قضية كل الأمة قاطبة، تسكن في وجدانها وتشكل مركز تنبهها. وأرض فلسطين أرض خراجية تعود ملكيتها لكل الأمة وليس لأهل فلسطين وحدهم، والدفاع عنها وتحريرها واجب على الأمة قاطبة، خاصة دول الطوق الأقرب فالأقرب، فالوجوب أولا على مصر وجيشها قبل أي أحد كونها الأقرب والتي تملك الجيش الأقدر الذي يملك الجاهزية لتحرير فلسطين حقا، وإن حل قضية فلسطين وإعادة الحقوق إلى أهلها لن يتم على طاولة المفاوضات ولن يكون بالتنازل عن جزء من أرض فلسطين ليهود ولا بالقبول بقرارات وتقسيمات الأمم المتحدة، والتي حتى يهود لم يقبلوا بها بل تجاوزوها، فحل قضية فلسطين لا يكون إلا بتحريك الجيوش لاقتلاع الكيان المسخ من جذوره وقبله اقتلاع الحكام العملاء وأنظمة الضرار التي تحكم بلادنا وتمنع الجيوش من تحرير فلسطين وتمنع أي صوت يخاطب تلك الجيوش ويذكرها بواجباتها تجاه الأمة وقضاياها، وصدق من قال "إن نصرة غزة وتحرير فلسطين يبدأ بتحرير القاهرة".
أيها المخلصون في جيش الكنانة: لما أغارت بنو بكر على خزاعة وخرج عمرو بن سالم يستنصر رسول الله ﷺ لم يرسل معه قافلة طبية ولا طعاماً ولا مساعدات وملابس، وإنما قال ﷺ: «نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بْنَ سَالِمٍ» وقال: «لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي» وقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَمْنَعَنَّهُمْ مِمَّا أَمْنَعُ مِنْهُ نَفْسِي وَأَهْلَ بَيْتِي». هذا ما أجاب به رسول الله ﷺ عمرو بن سالم عندما استنصره، فأين أنتم من نصرة أهل غزة وأهل فلسطين وهم يستغيثون بكم ليل نهار ويوجهون لكم النداء تلو النداء، يستنصرونكم ويستحثون نخوتكم وغيرتكم على حرمات الله ومقدساته؟! ورسول الله ﷺ يقول: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ»؟! فأين أنتم أيها المخلصون في جيش الكنانة؟! أليس فيكم رجل رشيد يغضب لله ورسوله ومقدساته فيقتلع هذا النظام ويقيم دولة الإسلام التي تحرك جيش الكنانة وتقتلع به كيان يهود؟! ووالله إن الأمر في يدكم وإنه لأسهل من غض الطرف، فقط يحتاج منكم صدقا مع الله عز وجل وطلبا لجنته ورضوانه، وحينها ستتساقط كل الأصنام الهشة وكل العروش التي نخر فيها السوس، فاستجيبوا أيها المخلصون في جيش الكنانة، فإن الخطاب لكم أنتم قبل غيركم، فمن للإسلام إن لم يكن أنتم؟! ومن ينصره غيركم؟! فأعلنوها لله خالصة واخلعوا طوق هؤلاء الحكام من أعناقكم واجعلوا ولاءكم لله وحده، وضعوا أيديكم في يد المخلصين من أبناء الأمة الواعين والعاملين لتطبيق الإسلام من خلال دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة عسى الله أن يكتبها بأيديكم فتفوزوا فوزا عظيما.
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع