شهدت الأيام الماضية أحداثا دامية في سوريا؛ فقد كان تفجير أنقرة الذي قام به حزب العمال الكردستاني حسب ما ذكرت الداخلية التركية سبباً لتصعيد القصف التركي على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. كما اتخذ النظام تفجير الكلية الحربية في حمص ذريعة لتصعيد القصف على مناطق إدلب وأريافها وأرياف حلب الغربي.
هذه الأحداث الدامية تشعر في توقيتها المتزامن وتأثيرها المترابط أن وراءها يداً واحدة تحرك الأدوات لتسخين الصراع دمويا بين الفئات المسيطرة على المناطق في سوريا للضغط عليها وعلى حاضنتها الشعبية من أجل إنضاج طبخة الحل السياسي الأمريكي من خلال تطبيق مخرجات القرار رقم 2254.
إن أمريكا هي من يقود جوقة القتلة والمتآمرين على ثورة الشام، وهي التي توزع الأدوار عليهم من أجل الحفاظ على نظام الإجرام العميل في دمشق، وذلك عبر ما سمته الحل السياسي. فهل تنجح أمريكا في حلها السياسي المسموم؟
لقد تشعبت المحاولات الأمريكية لفرض الحل السياسي على أهل الشام واستخدمت أساليب القتل والتجويع والتهجير والحصار والترغيب والترهيب والاستنزاف وشراء الذمم وصناعة العملاء وتشكيل سوريا إلى مناطق عدة يسيطر عليها أدوات أمريكا لتؤلف منهم توازناً طائفيا وعرقيا تبني عليه حلها السياسي، فهل تنجح في ذلك؟
إن حلول أمريكا السياسية في بلاد المسلمين كانت فاشلة، ونموذجا لبنان والعراق ليسا عنا ببعيدين؛ فلم تؤد تلك الحلول إلى الاستقرار بل إلى مزيد من التفكك وتفجّر الأوضاع بشكل دائم وتضخم الفساد والاستبداد؛ وذلك أن الحلول الأمريكية تنطلق من زاوية مصالح أمريكا وتكريس نفوذها وحفظ أمن ربيبتها كيان يهود دون أن تلحظ مصالح الشعب في تلك البلاد.
إن أي حل سياسي لا يقوم على العدل بين الناس والرحمة بهم فهو حل فاشل، بل لا يصح أن يسمى حلا، بل هو تغيير لشكل الفوضى والظلم الذي تقوده أمريكا وينفذه أدواتها العملاء.
إن الحل السياسي العادل هو ما أنزله الله سبحانه وتعالى من نظام الإسلام ومنهج الرحمن ليكون رحمة للعالمين، فهو الحل الشامل الكامل الذي يرعى شؤون البشر بمنهج الله وشريعته فتكون السيادة فيه لشرع الله والسلطان للأمة حيث تختار من يحكمها بشرع ربها عن رضا واختيار دون فرض أو إكراه من قوى داخلية أو خارجية.
لقد مارست أمريكا أساليب الضغط واتخذت وسائل كثيرة من مؤتمرات ومؤامرات لتفرض حلولها على أهل الشام، ولكنها باءت بالفشل، بل لقد شاب رأس أوباما من التفكير بالمكر بأهل الشام ولم يصل إلى حل يرضيها ويحقق مصالحها في أرض الشام.
وأمام هذه الممارسات والضغوط والمكر لا بد لأهل الشام أن يدركوا خبث عدوهم وأن يتجنبوا الوقوع في فخاخه السياسية وأن يثبتوا أمام ضغوطه الإجرامية، وأن يعتصموا بحبل الله وحده وينبذوا كل أدوات أمريكا ومن يلتقي بها أو ينسق معها، فهم تجار حروب وأدوات سياسة رخيصة، وأن يبحثوا عن الصادقين في هذه الأمة وهذه الثورة ليعملوا معهم على إسقاط مكر أمريكا وأدواتها ويتخذوا منهم قيادة سياسية تقود قواهم العسكرية والشعبية لإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة.
﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى * وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكاً وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾
بقلم: الأستاذ محمد سعيد العبود
رأيك في الموضوع