انعقدت الجولة الثالثة من حوار الأحزاب والشخصيات السياسية الليبية في الجزائر يوم الأربعاء 03 حزيران/يونيو 2015 ودامت يومين في الجزائر العاصمة، تحت رعاية أممية، وكان محورها التوقيع على مسودة الاتفاق السياسي. وتأتي هذه الجولة ضمن سلسلة اللقاءات والحوارات المتعددة بين الأطراف المتنازعة في ليبيا لإيجاد مخرج من الأزمة الليبية. ولم تؤت هذه الاجتماعات السابقة أُكُلها ولم يصلوا إلى أي شيء رغم وجود مسودات اتفاق ومقترحات عديدة. فهل حققت الجولة الثالثة في الجزائر تقدما واضحا ونتائج عملية أم هي كسابقاتها؟
افتتح المبعوث الأممي، برناردينو ليون، الاجتماع في العاصمة الجزائرية وقال خلال كلمته: «إنَّ تقديم التنازلات من الأطراف يتطلب اليقين أنَّ الوضع في ليبيا وصل إلى الحد الأقصى (من الفوضى)، حتى لا تصبح ليبيا دولة منهارة»، وقال: «ما يمكن أن نحاول القيام به خلال هذين اليومين هنا هو مناقشة كيفية تحسين مسوَّدة الاتفاق وإرسال رسالة مفادها بأنَّها مقبولة من قبل جميع الليبيين». وشدَّد المبعوث الأممي على أنَّ المسوَّدة التي يقترحها الآن يجب أن تكون الأخيرة. وهذا يوضح أن هناك محاولات للضغط على الأطراف المتنازعة حتى يقبلوا بحل توافقي وهذا ما أكده وزير الشؤون المغاربية والأفريقية عبد القادر مساهل في كلمته الافتتاحية، «أن قيام حكومة وطنية توافقية في ليبيا يتطلب مشاركة جميع الليبيين والقيام بتنازلات»، وأضاف: «لعل استجابة أبناء ليبيا لدعوة الحوار هذه، تترجم وعيهم بخطورة التهديد الذي يحيط بوطنهم ويعبر عن عزمهم الراسخ على صونه وحمايته».
وانتهت الجولة الثالثة للحوار بإصدار بيان ختامي أكد فيه المتحاورون أنه «لن يكون هناك حل للنزاع خارج إطار الحوار السياسي» كما أعربوا في البيان عن "رفضهم القاطع لاستخدام القوة بغية تحقيق أهداف سياسية، وأقروا بالحاجة الملحة لجعل استخدام القوة حكرًا على الدولة لإحلال الاستقرار والأمن في جميع ربوع ليبيا، وأكدوا إدانتهم للهجمات الإرهابية التي وقعت أخيرًا في كثير من المدن، وأعربوا عن قلقهم من سيطرة تنظيم الدولة على بعض المناطق"، إذ ورد في البيان ما يلي: "وأعرب المجتمعون عن إدراكهم التام خطورة الأوضاع والتحديات التي تواجهها ليبيا، وأدانوا بقوة الهجمات الإرهابية التي وقعت أخيرًا في عدد من المناطق والمدن الليبية، وأعربوا عن قلقهم إزاء زيادة وتيرة الأعمال الإرهابية وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على بعض المناطق الليبية، وخطرها المحدق على استقرار وأمن البلاد وعلى ضرورة الوقوف صفًّا واحدًا في مجابهة هذا الخطر."
وباستقراء البيان الختامي وما سبقه من اللقاءات والحوارات نتبين أن هذه الجولة كسابقتها لم تحقق مبتغاها، حيث افتقد البيان الختامي لخطوات عملية للخروج من الأزمة، واكتفى التنديد بالقتل والعنف والتعهد بالمضي قدما نحو الحلول السياسية السلمية، وهذا ليس بالأمر الجديد على الأطراف المتنازعة، بل هذه هي تصريحاتهم منذ أشهر، أما على أرض الواقع فيقع خلاف ذلك، ولذلك قال ليون في مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع "ننتظر الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لاقتراح أسماء الشخصيات الليبية التي ستكون ضمنها". محاولا دفع المتحاورين للالتزام بتعهداتهم.
ومن جهة أخرى، فإن هذه الجولة لم تحقق ما كان منتظرا منها إذ لم يخرجوا بمسودة اتفاق أخرى، بل قال ليون أنه سيطرح مسودة أخرى للاتفاق السياسي خلال الأيام المقبلة بعد تعديل الورقة الحالية بناءً على المقترحات المقدمة، وأنه يعمل على مشروع اتفاق رابع يشمل التعديلات التي ترسخ "مبدأ التوازن بين كافة مؤسسات ليبيا والتوافق".
وهكذا فإن مسلسل الحوارات والجولات متواصل، إذ أعلنت الأمم المتحدة عن استئناف حوار الصخيرات يوم الاثنين 08 حزيران/يونيو 2015، كما ينتظر عقد اجتماع آخر ستستضيفه برلين في العاشر من حزيران/يونيو الحالي حول الأزمة الليبية، ويضم الأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن، بالإضافة إلى إيطاليا وإسبانيا وألمانيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف الحوار الليبية. وستبقى هذه اللقاءات وستظل الأزمة قائمة في ليبيا إلى أن تتفق بريطانيا وأمريكا على تقاسم البلد وترضى كل دولة بنصيبها، أو يكرم الله سبحانه وتعالى هذه الأمة المكلومة بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وما ذلك على الله بعزيز.
رأيك في الموضوع