شاعت في الآونة الأخيرة بعيد الانتخابات في كيان يهود، وقبلها، أن فوز اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو سيقضي على عملية السلام برمتها، وأن فوزه سيكون كارثة على دول الجوار، وعلى السلطة الفلسطينية، وكأن سلفه لبيد أو بينيت لو فازوا بزعامة اليسار وشكلوا حكومة فإنهم كانوا سيعطون الفلسطينيين أو غيرهم أي شيء! وأمام هذا الغباء السياسي للأنظمة ومن يسير خلفها نؤكد المفاهيم التالية:
أولاً: إن القرآن قد ختم يهود بختم هو أقرب للسكة في النقد، فضرب عليهم من الصفات ما لا يستطيعون الفكاك أو التخلص منه، ومن ذلك أن الذلة ستبقى تلازمهم حتى لو علوا مرة أو مرتين وظهرت عليهم أسباب القوة ومعالم السيطرة، فإن ذلك لن يكون إلا حالة طارئة سرعان ما ستزول عنهم، وكذلك ضرب الله عليهم صفة البخل والشح فقال فيهم: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾ لذلك تراهم يفاوضون خصومهم ولا يريدون إعطاء أي شيء من الأرض ولو كان شبرا.
ثانياً: إن الانتخابات الأخيرة وتصدر الأصولية الدينية للمشهد السياسي الذي يسمونه اليمين المتطرف، (الليكود والجماعات الدينية المتطرفة) شاهد على أن يهود هم على حالة عداء دائم مع المسلمين، من خيبر وبني قينقاع وبني قريظة إلى الليكود والعمل وميرتس، فليس في الكيان الغاصب معتدل ومتطرف ولا يسار ويمين وإنما كلهم مجرمون يتنافسون على قتل المسلمين، ويعتبرون ذلك ورقة انتخابية، وليس أدل على ذلك من أن لبيد رئيس الوزراء (اليساري المعتدل) وقبيل الانتخابات الأخيرة قد أوغل في دماء أهلنا في نابلس وجنين وغيرها، وقتل واعتقل العشرات والمئات عله يقصي اليمين بزعامة الليكود ويستطيع تشكيل الحكومة.
ثالثاً: إن يهود حتى يوم أن كانوا مستضعفين في المدينة لم يكن عهد لهم ولا ذمة، فيهود بني قريظة نقضوا عهدهم مع النبي ﷺ في غزوة الأحزاب بعد أن أعطوا العهود والمواثيق على عدم نصرة المشركين، بعد أن ظنوا أن النصر سيكون حليف قريش.
رابعاً: إن التآمر على قضية فلسطين بدأ منذ نهايات القرن التاسع عشر الهجري، مع نشوء الحركة الصهيونية وبتنسيق مع حكام الضرار وبتواطؤ دول العالم جميعاً، فروسيا وبريطانيا، وأمريكا بعد ذلك دافعت ودعمت واحتضنت وسلحت، وساعدها في ذلك ثلة من العملاء، فالتخطيط جرى مبكراً وبتدبير كانت بريطانيا هي العقل المفكر فيه ثم ما لبثت أن توجت مؤامراتها باتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور، ولم يكن ليكتب لها النجاح لولا حفنة من العملاء ساعدوها فيما تريد، وتم بالتالي تسليم الجزء الأكبر من فلسطين ليهود.
خامساً: إن إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في منتصف ستينات القرن المنصرم، جاء بتواطؤ دولي للإجهاز على ما تبقى من أرض فلسطين، ثم جاء الاعتراف في منتصف السبعينات بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والناطقة باسمه، حتى إذا جرى بالتالي التنازل عنها ليهود فسيقال بأن من تنازل عن فلسطين هم أصحاب القضية الأصلاء، مع أن من أنشأها يدرك أن فلسطين لا يمثلها التجار والسماسرة.
سادساً: إن التآمر ما زال مستمرا على فلسطين وأهلها، وإن ما يسمى المصالحة التي جرت قبل أسابيع قليلة في الجزائر بين حماس وفتح، ونفخ الروح في منظمة التفريط بعد أن كادت تموت هو دليل على ذلك.
سابعاً: إن كيان يهود لا يعتبر أن له نداً في بلاد المسلمين، وبالتالي فهو يتصرف من قبيل الإرادة المنفردة منذ بن غوريون وآبا إيبان وروتشيلد، ويقرر أنه ليس ملزماً بالتنازل عن أي شبر من الأرض التي اغتصبها، فهو لا يرى من يهدد وجوده أو يفكر في قتاله، حيث إن الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين تعمل على مساعدته بالبقاء.
ثامناً: إن الغباء الممنهج الذي جعل البعض يتخوف من فوز اليمين ويستبشر باليسار هو جهل بالسياسة وحرف مقصود لاتجاه البوصلة عن مسارها الصحيح، وقد أتقن يهود لعبة الانتخابات بذكاء شديد، فكلما عاهد أحدهم عهداً نبذه من خلفه بحجة أن الحكومة التي شكلها حكومة ائتلاف، جرى تجميعها من أحزاب وجماعات وكتل، وهو أي رئيس الحكومة لا يملك أي حل، فتراهم كلما تم الضغط عليهم حلوا الحكومة وتداعوا إلى انتخابات جديدة، وها هي حكومة كيانهم الأخيرة سيشكلها نتنياهو، وقد بدأت أبواق اليمين من كتاب وصحفيين وأحزاب يتسابقون في التصريحات التي تطالب بإخراج الفلسطينيين وقتلهم والتضييق عليهم، حتى في مناطق الـ48، فها هو المرشح ليكون وزيرا في حكومة نتنياهو يتحدث بفم ملآن على أن بن غوريون أول رئيس وزراء للكيان أخطأ لما أبقى الفلسطينيين بل إنه رفض أن تلد زوجته بجانب امرأة فلسطينية بالمشفى نفسه، وغولدشتاين صاحب مجزرة الخليل أوائل التسعينات مثلهم هؤلاء وقدوتهم، وما زالوا يعلقون صورته ويفخرون بفعله.
تاسعاً: إن مشكلة فلسطين ومشكلة العراق واليمن وأفغانستان وكل بلاد المسلمين، لا حل لها إلا بأن يعود المسلمون سادة الدنيا، فيحرروا ما اغتصب من أرضهم ويوحدوا بلادهم في ظل دولة عظيمة هي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ويقود خليفتها جيوش الرحمة لترفع الإصر والأغلال عن الناس التي أوجدها النظام الرأسمالي وتعود الرحمة لتعم الأرض كلها... إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا.
رأيك في الموضوع