بعد سبات عميق دام ثلاث سنوات، خرج علينا المؤتمرون في الجامعة العربية من حكامها الأموات، في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2022م، ببيان ختامي يقطر سمّاً وخبثاً ومكراً، وقرارات تنطق بلسان أمريكا والغرب الكافر، تَعلَّق بعضها بما أطلقوا عليها تسمية "الأزمة السورية"، وهي ثورة عظيمة رغم أنوفهم جميعاً، بل هي أعظم ثورة في التاريخ.
وراحت ألسنتهم التي تنضح بسمومها تنادي بما تنادي به أمريكا حامية النظام وداعمه الأول منذ انطلاقة الثورة: حل سياسي وفق القرارات الأممية، والمحافظة على وحدة سوريا وسيادتها، ولكن تحت إمْرة من، وحكْم من، وسيطرة من؟! بالطبع يقصدون زميلهم في الخيانة والعمالة والإجرام بشار عميل أمريكا المدلل. مع تأكيدهم على تذليل الصعوبات لتعويم نظامه وتثبيت أركانه وإعادته إلى الجامعة العربية وكر الدسائس ومنبع المؤامرات.
ويعينهم في ذلك أخبث وأخطر من زعموا صداقة الشعب السوري، وهو نظام تركيا أردوغان الذي راح يتغزل دون حياء من الله ولا من عباده بتنسيقه الرفيع، أمنياً واقتصادياً وسياسياً، مع كيان يهود الغاصب لفلسطين. نظام متآمر يتفاخر بلقاءاته الأمنية التي لم تنقطع مع سفاح الشام، وتمنياته بلقاء قريب يجمعه به. كما راح يدعو، بكل صفاقة وفجور، ما أسماها المعارضة السورية إلى التصالح مع نظام الإجرام بعد تضحيات مليوني شهيد، وملايين النازحين والمعتقلين والمهجرين في مشارق الأرض ومغاربها، ذنبهم أنهم خرجوا ضد نظام طاغية جبار يقف خلفه المجتمع الدولي برمته.
ويعينهم على الأرض عندنا، فيما يسمى "محرراً"، قادة منظومة فصائلية مرتبطون بأنظمة الضرار صنائع الاستعمار، قادة متآمرون متخاذلون لا يرجون لله وقاراً، ليسوا من جنس الأمة، إنما هم صنيعة أعدائها، تلعنهم الأمة ليل نهار بعد أن وضعتهم في خانة الأعداء، ينفذون أجندات أسيادهم على حساب دينهم وأمتهم، يسومون الناس سوء العذاب ويتقاتلون فيما بينهم بأوامر (المعلّم) في ظل تجميد الجبهات بعد أن فتحوا السجون والمعتقلات، لكسر إرادة الناس ودفعهم لليأس والخضوع والقبول بالحلول الاستسلامية التي تنسج أمريكا خيوطها. أما آخر صيحات إجرامهم فهي سعيهم المحموم لافتتاح معابر الخزي والعار مع نظام أسد المجرم، كمقدمة للتطبيع مع قاتل أبنائنا وهاتك أعراضنا وممزق أطفالنا أشلاء! ومعهم حكومات وظيفية تمعن في التضييق الاقتصادي الممنهج على الناس وتلاحقهم في لقمة عيشهم وقوت يومهم ورغيف خبزهم، كي ينسوا أن هناك نظام إجرام يجب أن يُسقط وحكم إسلام يجب أن يقام.
وختاماً، نقول لأهلنا الثائرين الصابرين المرابطين على أرض الشام: ها هم أعداؤكم قد رموكم عن قوس واحدة، يريدون إجهاض ثورتكم واستئصال شأفتكم وجعلكم عبرةً لغيركم من شعوب البلاد الإسلامية التي يحكمها حكامها الفجرة بالحديد والنار، قبل أن تصل إليها شرارة الثورات التي تقض مضاجع المجرمين وتهدد عروشهم متصدعة الأركان والبنيان.
فكونوا كعهدنا بكم، كونوا كما يريدكم ربكم أن تكونوا، فرسان دعوة وأُسود ميدان، جنداً لله وأنصاراً لدينه، وعاملين بجد واجتهاد لتحكيم شرعه في ظلال دولة وجيش دولة على أنقاض هذا النظام البائد المتهالك، فقد طال ليل الظالمين.
وهذا يحتّم عليكم قطع كل ارتباط خارجي مع الأنظمة العميلة، والالتفاف حول قيادة سياسية واعية ومخلصة تحمل مشروع خلاصكم الذي هو من صلب عقيدتكم، قيادةٍ تعمل على هدى وبصيرة لإنهاء بؤسكم وشقائكم، قيادةٍ ترسم لنا جميعاً خارطة طريق واضحة المعالم لتتويج التضحيات بإسقاط نظام الإجرام وإقامة حكم الإسلام، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
ولتعلمْ جوقة الإجرام برمتها؛ أعداء الإسلام وثورة الشام، أن ثورتنا مستمرة وماضية في طريقها حتى بلوغ المراد بإذن الله، رغم كيد الأعداء وأذنابهم، رغم الجراح والألم وعِظم التضحيات، وسيبقى أهلها يمشون على الجمر حتى تحقيق النصر بإذن الله، بربهم واثقين وبحبله مستمسكين، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله سبحانه القائل في كتابه: ﴿وَنُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِینَ﴾.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية سوريا
رأيك في الموضوع