قام طاغية الشام، يوم الجمعة 8/7/2022م، بزيارة مدينة حلب، ذات الوزن الاقتصادي الكبير، للمرة الأولى منذ انطلاق ثورة الشام، حلب التي سبق أن أقر بوتين أن السيطرة عليها ما كانت لتتم لولا جهود أردوغان والتنسيق معه. كما قام بزيارة محطتها الحرارية لتوليد الكهرباء، بريف حلب الشرقي، ومحطة المياه في بلدة تل حاصل، متحدثاً بصفاقة عن أعمال "تأهيل وصيانة وترميم"!
زيارةٌ خبيثة ومستفزة، يريد الطاغية منها ومن خلال تأدية صلاة العيد أثناءها في حلب، وزيارة محطتها الحرارية، أن يزعم نصراً موهوماً يغطي على ضعفه، لكسر إرادة الناس، والتلبيس عليهم، وإيهامهم أن ثورتهم قد انتهت، وأنه قد حسم الصراع لصالحه، وأنه قد استعاد بسط سيطرته ونفوذه على غالبية الأراضي السورية، بعد أن كان مختاراً لحي المهاجرين، وبعد أن كان رهن الإقامة الجبرية فيه.
كما تأتي زيارة الطاغية هذه بالتوازي مع سعي أمريكا الدؤوب لتعويم نظامه وتسويقه من جديد عبر عملائها وأدواتها والهيئات الأممية التي تسير على هواها، وذلك بعد أن سعت لمدّه بكل أسباب الحياة للحيلولة دون سقوطه. وما الحديث عن إعادته تدريجياً إلى الجامعة العربية إلا أحد أساليب مكر أمريكا للحفاظ عليه مع تعثر نضوج حلها السياسي المسموم على الوجه الذي تريده وتطمئن له حتى الآن.
كما تأتي هذه الزيارة أيضاً للتغطية على ضعف نظام أسد وتهلهل أوضاعه وهشاشة سيطرته وتذمر حاضنته، وتدهور الوضع الاقتصادي في مناطق نفوذه، وعجزه عن تأمين حاجيات الناس، ووصول الأحوال في بعض المناطق إلى حافة الانفجار، وما طوابير السيارات على محطات الوقود والتزاحم الشديد على أفران الخبز إلا مؤشر بسيط على واقعه المزري وأزماته المستفحلة، في ظل فشل ذريع لكثير من الحلول الترقيعية المسكنة التي يقدمها.
أما عسكرياً فهو خائف ومستنزف يحكي انتفاخاً صولة الأسد، وخاصة في ظل انشغال روسيا بحربها مع أوكرانيا، وتضارب بعض مصالح داعميه، ولكن لا تزال تستر عورتَه حتى الآن هدنٌ كارثية يلتزم بها قادة المنظومة الفصائلية مسلوبو القرار والإرادة، ومفاوضات خبيثة وبنود اتفاقيات مخزية لجنيف وأستانة وسوتشي.
وعليه، كان لا بد من التأكيد على قدرة الصادقين في ثورتنا على استعادة قرارهم وقلب الطاولة على المتآمرين، وغذ الخطا لزلزلة عرش نظام الإجرام في عقر داره ونسف بنيانه وتحطيم صلف أركانه، فإنه والله أوهن من بيت العنكبوت. فإمكانيات النصر لا تزال حاضرة وبقوة، لولا قيود الداعمين وتآمر الضامنين.
ونقول للصادقين المخلصين من عناصر المنظومة الفصائلية:
أما آن أوان انحيازكم لدينكم وأمتكم وثوابت ثورتكم والسير مع العاملين لإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام بعيداً عن حبال الداعمين والقادة المرتبطين الذين لا يرجون لله وقاراً؟!
كما نؤكد لأهلنا الذين هُجّروا من ديارهم في حلب وباقي المدن السورية أنه لن يعيدهم إلى ديارهم مَن سلّم حلب وأخواتها ويتفاخر بالتنسيق الأمني والاستخباراتي المستمر مع نظام الطاغية أسد. وما مخطط إسكان المهجرين في علب الكبريت في الشمال السوري بعيداً عن مدنهم الأصلية عنا ببعيدة، مشروع قذر للضغط على الناس ليخضعوا للحلول الاستسلامية على مراحل.
وأنه لن يعيدهم إلى ديارهم حل سياسي قاتل تهندسه أمريكا لوأد ثورة الشام وإعادة أهلها لحضن نظام الإجرام.
ولن يعيدهم قادة منظومة فصائلية مرتبطون تسلطوا على رقاب الناس، ولا حكومات وظيفية تلاحق العباد في أقواتهم ولقمة عيشهم ورغيف خبزهم.
وختاماً، نذكّر أهلنا الكرام على أرض الشام بالقول:
ألا تهفو نفوسكم لسماع تكبيرات النصر؟!
ألا تتوقون للعودة إلى دياركم معززين مكرمين مرفوعي الرؤوس؟!
ألا تغلي الدماء في عروقكم وأنتم ترون الطاغية وزبانيته يستفزونكم ويستهزئون بدينكم ويدنسون دياركم ويدوسون كرامة شهدائكم؟!
ألا تتوقون لتتويج ثورتكم بإسقاط هذا النظام البائد والتخلص من شروره وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه بعد تضحيات أكثر من مليون شهيد؟!
سارعوا لاستعادة سلطانكم المغتصب. ثوروا وأشعلوا الدنيا بالغضب، وقوموا لنضبط معاً بوصلة الثورة من جديد فقد وجب.
وكونوا على يقين أنه "ما حك جلدك مثل ظفرك"، فكونوا على قدر المسؤولية ومستوى الحدث.
كونوا كما يريدكم ربكم أن تكونوا، رجال الإسلام وحملة لوائه، كأصحاب نبينا محمد ﷺ وأحبابه.
كونوا أصحاب همّ وهمة ومبدأ وقضية، وأجمعوا كلمتكم خلف قيادة سياسية واعية ومخلصة تحمل مشروع خلاصكم وعزكم ورفعتكم وإعادتكم إلى دياركم، وحناجركم تلهج بتكبيرات النصر، بعد غذ الخطا، على هدى وبصيرة، لإسقاط نظام الكفر والقهر والجور وإقامة حكم الله في الأرض عبر دولة الخلافة التي تُرضي ربنا وتُذل أعداءنا وتشفي صدورنا، وتطبق شرع ربنا، بعد كل ما قاسيناه من ألوان العذاب، وبعد أن غرقت البشرية جمعاء في ظلم الرأسمالية المتوحشة وظلماتها.
اللهم عودةً كعودة نبينا ﷺ إلى مكة فاتحاً.. اللهم نصراً عزيزاً عاجلاً تمنّ به علينا، فإنك القائل وقولك الحق سبحانك: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِینَ آمَنُوا فِي الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَیَوْمَ یَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.
رأيك في الموضوع