أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الأحد 28/05/2022م، مرسوماً برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد، وقد حظي القرار بترحيب محلي وإقليمي ودولي، وكان ذلك بعد جلسة مجلس الأمن والدفاع الذي بحث مجمل الأوضاع الأمنية بالبلاد، فرفع توصية لرئيس مجلس السيادة بذلك، فكان قرار رفع حالة الطوارئ التي استمرت منذ انقلاب البرهان في تشرين أول/أكتوبر 2021م، والذي أعلن البرهان من خلاله تعطيل مواد في الوثيقة الدستورية، والإطاحة برئيس الوزراء، بعد صراع استمر منذ تكوين الحكومة الانتقالية التي اشتهرت بالمشاكسات بين العسكر والمدنيين.
إن حالة الطوارئ هي حالة تخول للحكومة القيام بأعمال، أو فرض سياسات لا يسمح عادة القيام بها، وتستطيع الحكومة إعلان الطوارئ في حال وجود كوارث، أو حالات العصيان المدني، أو الصراعات والنزاعات المسلحة، بحيث تنبه الناس إلى تغيير سلوكهم الطبيعي، وتأمر الجهات الحكومية بتنفيذ خطط الطوارئ، وهو ما كشفه البرهان، وعبر عنه "بتصحيح المسار"، وقال إن هناك قوى محدودة تتحكم في الجهاز التنفيذي، وأحزاباً لا وزن لها جماهيرياً، وأن البلاد مهددة في أمنها وكيانها، وأن الجيش أوصياء على البلاد.
في حقيقة الأمر فإن الذي جرى ويجري في المشهد السياسي في السودان، ما قبل انقلاب البرهان وما بعده، هو صراع دولي بين أمريكا وأوروبا، ينفذه العسكر والمدنيون، فالعسكر يأتمرون بأمر الولايات المتحدة، والطرف المدني يتلقى تعليماته من داخل السفارة البريطانية بالخرطوم، الذي يقود حراك الشارع ضد العسكر للضغط عليه ليجد رجال بريطانيا موطئ قدم لها في الحكم بأية صيغة، واستمرار الضغوط عبر المبعوث الأممي فولكر، ما حدا بأمريكا الاستعانة بالاتحاد الأفريقي والإيقاد فتولدت الآلية الثلاثية، التي رحبت بقرار رفع حالة الطوارئ والدخول في حوار بين كل أهل المصلحة كما تسميهم أمريكا.
قامت الآلية الثلاثية بعقد اجتماعات بالمكون العسكري، ففي يوم الأربعاء 01/06/2022 تم اللقاء الثاني مع نائب رئيس المجلس الانتقالي حميدتي، وعضوي المجلس الفريق الكباشي، وإبراهيم جابر، وناقش اللقاء انطلاق الحوار في الأسبوع الأول من حزيران/يونيو، للتوافق على تشكيل حكومة الفترة الانتقالية، ويبدو أن هناك تفاهمات ستفضي إلى تكوين حكومة الفترة الانتقالية، من أجل ذلك ابتعثت الخارجية الأمريكية مولي في إلى السودان لدعم العملية السياسية، وأوضحت الخارجية في بيان السبت 04/06/2022م، أن المسؤولة الأمريكية ستحث أهل المصلحة على اغتنام الفرصة التي تتيحها الآلية الثلاثية والمكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيقاد" بهدف استعادة مسار الفترة الانتقالية ودفع عملية السلام قدماً.
والحقيقة هي أن هذا الاتفاق والتوافق هو لحل مشكلة الساسة من العسكر والمدنيين، وليس حلاً لمشكلة أهل البلاد، لأن هذا الاتفاق والتوافق يمثل القوى الدولية المتصارعة على النفوذ في البلاد، ورأى الناس في هذا البلد الطيب أهله أنه في ظل حكومة المدنيين، فإن الأحوال السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية قد تأزمت، وكذلك الحال في ظل حكم العسكر الذين انقلبوا على المدنيين منذ سبعة أشهر. فإنهم جميعا ينفذون مطالب الدول الاستعمارية في تمزيق البلاد، ونهب ثرواتها وعلمنتها، هذه القوى الاستعمارية ترى في السودان ما يمتلكه من إمكانات هائلة من ثروات، وموقع جغرافي متميز، وطبيعة أهله ذوي التأثير على الغير، فقد وضعت الخطط له كما جاء في ورقة السلام الأمريكي التي توصي بإلحاق ضرر هيكلي باقتصاد هذا البلد حتى لا يؤثر على الوجود الأمريكي في المنطقة الأفريقية والعربية، ولا يعقّد الحسابات الأمريكية.
إذاً هناك قوى محلية وإقليمية ودولية تعمل لتحطيم السودان وإقعاده بتنفيذ ما تخططه الدول الاستعمارية، وبتدخل كيان يهود الذي حظي بتطبيع العلاقات مع السودان في ظل الحكومة الانتقالية الهزيلة. وإن حل مشكلة السودان ليس برفع حالة الطوارئ التي أعلن عنها البرهان، وإنما هو بالتخلص من النظام القائم برمته والقضاء عليه تماما، بشقيه العسكري والمدني (النظام الجمهوري)، وإلقائه في واد سحيق، وإقامة نظام الإسلام، نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الذي يقوم على أساس عقيدة أهل البلاد؛ عقيدة الإسلام العظيم.
وحتى يتحقق ذلك، لا بد من العمل مع حزب التحرير الذي يحمل مشروعاً مغايراً تماماً لما يطرحه الوسط السياسي المرتبط بالقوى الاستعمارية وسفاراتها، فإن حزب التحرير بمشروعه الإسلامي، والمخلص والناصح لأمته، والرائد الذي لا يكذب أهله يمد يده لأهل السودان قاطبة ومنهم أهل القوة والمنعة، ليشدوا من أزره لإقامة أحكام الله سبحانه وتعالى في هذه الأرض المباركة التي ستقلب الأوضاع، وتقضي على الأزمات والآلام والأوجاع، لتنقلب أحوال أهل السودان بل كل العالم إلى خير، فالسودان يتهيأ لاستقبال الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة قريباً إن شاء الله.
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾
منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع